عن الحق الذي يريدون سلبه من السوريين.. في الحديث عن أورينت ووكالة الأنباء الفرنسية


لا يملك السوريون المدنيون المعارضون للنظام في الوقت الحالي سوى سلاح واحد، دفعوا ثمنه من دمائهم ولم يطلبوا المدد به لا من "الموك" ولا من "الموم". رفعوه سابقاً في وجه البندقية والدبابة، وواجهوا به براميل الموت، حتى غدا تأثيره في بعض الأحيان أشد وأكثر إيلاماً من صواريخ الأسد.

هي الكلمة وليس سلاح غيرها يحمله السوريون المقتنعون بأن للقلم مكان في ساحات المعارك، فهم لا يمكلون الفيتو في مجلس الأمن، ولا اللوبي في بلدان أوروبا. وليس في رصيد المعارضة السورية سوى عدد قليل من منابر إعلامية، تنفض عن السوريين غبار الظلم، وتحاول - سواء نجحت أو فشلت في ذلك - في ألا تجعل المجازر تمر بصمت، ولا أن يجري تأهيل القاتل وتلميعه و"إعادة تدويره" على أجساد الأطفال يعبر بسلام.

وعند الحديث عن حرية الرأي والتعبير، فيبدو حدود هذا الحق الذي ترسمه وسائل إعلام غريبة لنفسها مختلف عن الحدود "المسموح" لوسائل إعلام المعارضة التحرك بها، فحلال على بعض مواقع الأخبار والوكالات العالمية شيطنة الحراك الشعبي للسوريين ضد النظام، ومحاباة القاتل على حساب المقتول، في حين أنه حرام على المعارضة الانتقاد وممارسة أبجديات وظائف وسائل الإعلام في التثقيف والتوجيه وتكوين الآراء والاتجاهات.

وبات معروفاً الخلاف الذي حصل بين تلفزيون "أورينت" المعارض، ووكالة الأنباء الفرنسية، وتهديد الأخيرة للتلفزيون بمقاضاته على خلفية فيديو نشره قبل أيام، وينتقد فيه مقابلة أجرتها الوكالة مع رأس النظام بشار الأسد، ورفضت وسائل إعلام كبرها نشرها كـ "سي إن إن" لأنها رأت فيها مساهمة في نشر مزاعم وأكاذيب الأسد بعد ارتكابه لمجزرة الكيماوي.

وطالبت الوكالة "أورينت" بحذف الفيديو إلا أن الأخير أكد على عدم قبوله للحذف، ونشر رده المفصل حول ذلك. وهنا تجد الإشارة إلى أن "السورية نت" تدعم موقف تلفزيون "أورينت"، الذي كان من أوائل وسائل الإعلام السورية التي اتخذت موقفاً حاسماً يوم 15 مارس/ آذار وانحازت لثورة الشعب السوري، وقدمت من كوادرها شهداء.

ووفقاً لما كتبه سوريون على وسائل التواصل الاجتماعي، ولما هو معلوم عن حق التعبير عن الرأي بحرية ولقناعتنا بهذا الحق، فإن هذا الموقف نابع عن إيمان بضرورة الدفاع عن حق السوريين في الانتقاد والتعبير، وهو حق لا يمكن لأحد أن يسلبه، ومن المفترض أن يكون هذا الحق مفهوماً بالدرجة الأولى لكبرى وسائل الإعلام التي تصدر نفسها للعالم على أنها نموذج في عالم الصحافة.

وإذا كانت مهمة وسائل إعلام المعارضة بتصحيح الخاطئ، وانتقاد صاحب الخطأ تعتبر تشهيراً وانتهاكاً لمهنة الصحافة، فإنه في ذات المنطق لدى المعارضين السوريين الحق في توجيه عشرات الأسئلة لوسائل إعلام الغرب ووكالات الأنباء التي نشرت وتنشر مراراً ما يشوه تضحيات السوريين، وهي أسئلة طُرحت بالفعل لكن لم يحصل السوريون على إجاباتها.




المصدر