ماذا لو تحول كل المسلمين الجهاديين إلى المسيحية؟!
27 نيسان (أبريل - أفريل)، 2017
ميخائيل سعد
قال أحد الجهاديين إن سبب تحوله إلى المسيحية هو أن الله لم يفتح له باب الجنة، عندما كانت روحه ترتقي إلى السماء، في إثر إصابته في معركة على الحدود السورية – العراقية، وحين أيقن أنه مرفوض من الله وجنته وحورياته، قررت روحه العودة إلى جسده، وما إن عاد إليه وعيه وشفي من جراحه التي عالجها له كاهن، قرر، وهو بكامل وعيه ومن دون إكراه، أن يصبح مسيحيًا.
في حالة أخرى، أعلن شرعي جبهة النصرة في جبل الزاوية انشقاقه عن الإسلام، قائلًا لمضيفيه الألمان المسيحيين الذين استقبلوه “بالتكبير”: والله ما جئت إلا لنصرتكم.
هذا هو الملخص الكاريكاتوري لما قاله ذلك الجهادي، بعد أن وصل إلى ألمانيا، ورغم أن عناصر القصة حقيقية، أو على الأقل وصول الرجل وإعلانه التنصر، فإن مناقشة حقيقة إيمانه تثير السخرية، فلندع الإيمان جانبًا، ولنتابع حيثيات الانتقال من الإسلام “المتشدد” إلى المسيحية “المتسامحة”.
لن أحيلكم إلى التهم المتبادلة بين المسيحيين والمسلمين في مصر، حول عدد الذين أعلنوا إسلامهم أو الذين تنصروا، فالخُلاصات المُستَنتجة من تلك التهم المتبادلة تؤكد “كاريكاتورية” الأزمة المجتمعية في كل الأماكن التي أشار إليها تقرير “الحريات الدينية حول العالم”.
شهدت وتشهد بؤر التوتر الطائفي فقرًا لا مثيل له، وغيابًا للحريات السياسية، وفوضى، واستبدادًا سياسيًا، وعنفًا طبقيًا، وجوعًا وجهلًا، وكل أنواع الأمراض الاجتماعية والسياسية، وتعقدًا للأزمات، لا يريد المستفيدون منها حلها، أو البحث عن حلول ناجعة لها، لذلك يتم، عن وعي، إلباسها ثياب الدين، وما علينا إلا التدقيق في أوضاع مصر وسورية والعراق وإيران وباكستان وبعض دول أفريقيا، حيث يُوحى “للمؤمن الجائع” أو “للمؤمن المقموع” أو “للمؤمن المريض”، أنه سيشبع ويصبح حرًّا، وستختفي كافة أمراضه، بمجرد انتقال رجل مسيحي إلى الإسلام، أو شيعي إلى المذهب السني، أو تنصر مسلم، وذلك كله من أجل صرف النظر عن الحاكم المستبد، والمستغل الحقيقي لجهد الشعوب.
لم تكن المؤسسات “الغربية”، في يوم من الأيام، بعيدةً عن التدخل في الصراعات الطائفية في دول العالم، ولكنها كانت تلعب غالبًا من وراء الستار، وتحت شعارات براقة متعددة، ولكن مع “شيطنة الإسلام” انكشف اللعب، وتمزق الستار، وتدخلت الأنظمة الغربية مباشرة في الصراع المسيحي – الإسلامي، السني – الشيعي، الإسلامي – البوذي؛ داعمةً الجميع ضد الجميع، وكانت الحالة السورية هي الأكثر وضوحًا في ذلك. فقد دعم الغربُ الديكتاتور بشار الأسد، ووالده من قبله. بعد قيام الثورة الشعبية، تُظوهر بدعم الانتفاضة السورية، وصُمِت عن المذابح بحق الشعب السوري وتهجير الملايين، وتدمير المدن، وتغوضي عن تدفق “المجاهدين الإسلاميين” من دول العالم، ولا سيّما من أوروبا إلى الأراضي السورية، ووصل الاستقطاب الطائفي السني – الشيعي إلى ذروته، وكذلك المسيحي-السني (الجهادي) إلى مستوى “حد الشفرات”؛ فانبثقت “الجمعيات الأهلية” لتلعب دور الخياط الذي يرتّق الثوب الممزق الذي يكلف ترقيعه أكثر من ثمن ثوب جديد.
الاحتفاء الذي لقيه في ألمانيا حسان أبو حمزة، القاضي الشرعي في جبل الزاوية، قبل أن يتحول إلى المسيحية، وتحتفل به الجمعيات الأهلية والكنسية هناك، يوحي بأن حلّ الأزمة السورية والاقتتال “الأهلي” و”الطائفي”، هو في انتقال هذا “المجاهد” إلى المسيحية، وتخليه عن دينه الإسلامي.
انسجامًا مع هذا الحل الساذج الذي يريد العبث بعقول البسطاء، أتساءل: ماذا سيفعل الغرب ومؤسساته “الأهلية” إذا ما قرّر مئات الألوف من المسلمين الجهاديين إلقاءَ أسلحتهم وإعلان توبتهم وانشقاقهم عن إسلامهم ودخولهم إلى المسيحية؟ هل ستنتهي مشاكل عالم؟ هل سيعيش الغرب المسيحي في أمان أكثر؟ هل ستنتهي التفجيرات الإرهابية والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة؟ هل ستختفي الصراعات الطائفية في مصر وسورية والعراق وبورما وإيران ولبنان وباكستان، مثلًا؟ والأهم من كل ذلك، هل سيقبل الغرب ذاته مسيحية هؤلاء “التائبين”؟ وهل تستطيع “جنة” المسيحيين أن تكون بديلًا عن “جنة” المسلمين، مع كل ما في جنة الأخيرين من مغريات؟
الحل أسهل من ذلك وأبسط أيها السادة: توقفوا عن دعم الأنظمة المستبدة، وخففوا نهبكم بلدان العالم، وبدلًا من رميكم المواد الغذائية الفائضة في المحيطات، كي لا ينخفض سعرها العالمي، قدموها للجائعين في العالم، وقولوا لجمعياتكم أن تهتم بتعليم الأطفال السوريين، عندها سيختفي الإرهاب من دياركم، وسيعود ملايين اللاجئين طوعًا إلى بلدانهم، ولن تكونوا بحاجة إلى إنتاج وإخراج أفلام رديئة عن تحول الناس من دين إلى آخر.
[sociallocker] [/sociallocker]