نيو يورك تايمز: البحث عن مشكلة مع إيران


أحمد عيشة

دوغ تشايكا

كما هو الحال مع قضايا سياسية خارجية أخرى، كانت مقاربة إدارة ترامب تجاه إيران مليئةً برسائلَ متنوعة، لكن وسط الخلاف، كان هناك اتجاهٌ شرير لشيطنة إيران، وتزييف التهديد الذي تمثله؛ الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى مواجهةٍ خطيرة، وغير ضرورية.

ردود الإدارة المختلفة، والمتضاربة، على الاتفاق النووي الإيراني في 2015، هي خير مثال على ذلك. الاتفاق، وهو أحدُ انتصارات إدارة أوباما الكبرى، يطلب من إيران أنْ تكبح أنشطتها النووية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.

خلال الحملة، وصف الرئيس ترامب الاتفاقَ بأنَّه “واحدٌ من أسوأ الصفقات التي رأيتها على الإطلاق”، ووعد بإلغائه، أو إعادة التفاوض بخصوصه، إذا فاز في الانتخابات.

على الرغم من ذلك، أشارت رسالة، من وزير الخارجية ريكس تيلرسون، إلى رئيس مجلس النواب، بول ريان، في الأسبوع الماضي، إلى عزم السيد ترامب على التمسك بالاتفاق.

وأكدّت الرسالة أنَّ إيران تمتثل للاتفاق الذي تفاوضت عليه خمس قوى عالمية، إضافةً إلى الولايات المتحدة، وإيران، وتوصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تراقب الاتفاق عبر مفتشين في الموقع، مع تقنيةٍ متقدمة، إلى الاستنتاج نفسه في تقريرها الأخير.

غير أنَّ السيد تيلرسون أكدَّ في الرسالة أيضًا أنَّ “إيران لا تزال دولةً راعية رئيسة للإرهاب”، وقال: إنَّ الإدارة تدقق في تعليق العقوبات إن كان يستمر في خدمة المصالح الأميركية أم لا. وفي خلطٍ أكثر لوجهات نظر الإدارة، قال السيد تيلرسون للصحفيين يوم الأربعاء: إنَّ الاتفاق “فشل في تحقيق هدف إيران غير النووية” و”يؤخر هدفها في أن تصبح دولةً نووية.”

يوم الخميس، اتهم السيد ترامب إيران بـ “عدم الوفاء لـ “روح” الاتفاق، ولكن وزير الدفاع، جيم ماتيس، أصرَّ يوم الجمعة، خلال زيارةٍ إلى إسرائيل، على أنَّ الاتفاق “لا يزال قائمًا”، وأنَّ إيران “تبدو وكأنها تنجز ما يتعلق بها.” وفي اليوم نفسه، صرح ترامب لوكالة أسوشيتد برس، قائلًا: “من الممكن ألا نستمر في الاتفاق النووي، وفقًا لما ذكرته الوكالة، يوم الأحد.

هذه الارتباكات المتتابعة ليست شيئًا جديدًا على مواقف السيد ترامب حول قضايا الأمن القومي الهامة. ومن بين الذين يرأسون هذه العملية، أولئك الذين ينتمون إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والجمهوريين، والديمقراطيين الذين عارضوا الاتفاق، واعتقدوا أنّ لهم صديقًا قويًا في السيد ترامب.

أحد الأسباب المحتملة لإخفاء السيد ترامب انتقاده، هو أنَّ الاتفاق قيَّدَ بشكلٍ واضح البرنامجَ النووي الإيراني، كما أنَّه يحدُّ بشدةٍ من كمية اليورانيوم المسموح لإيران بتخصيبها، ويفرض تفتيشًا، يسمح للمجتمع الدولي بمعرفة إن كان هناك تلاعب. وعلاوةً على ذلك، إذا تراجعت أميركا عن الاتفاق، فإنها ستتحمل المسؤولية عن انهياره، وستكون القوى العالمية الأخرى غاضبة.

ما يثير قلق السيد ترامب، عندما يقول إن إيران لا تفي بـ “روح” الاتفاق، هو دور طهران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط.

كان الهدف من الاتفاق حلَّ أخطر التهديدات -وهو منع إيران من الحصول على قنبلة- لكنه لم يكن، وربما لن يكون قادرًا على احتواء التدخل الإيراني في سورية ولبنان واليمن، ودعمها للمتطرفين وقدرتها على إثارة التوترات الإقليمية.

هذه مصادرُ قلقٍ مشروعة، لكن إيران ليست الدولة الوحيدة التي تكدّر المنطقة. وخلافًا لسلفه، السيد أوباما، الذي قال: إيران، وهي دولةٌ مسلمة شيعية، والمملكة العربية السعودية التي تقود الدول العربية السنية، يجب أن تجدا وسيلة للتعايش، لكن يبدو أنَّ السيد ترامب يتبنى الرأي السعودي القائل إنَّ إيران يجب أن تُوصف بأقسى العبارات الممكنة. على سبيل المثال، دفعت نيكي هالي، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مجلسَ الأمن يوم الخميس إلى التركيز على “السلوك غير القانوني والخطير” من قبل “المسبب الرئيس” للاضطرابات الإقليمية، إيران وحليفها حزب الله.

ومن جانبه، قال السيد تيلرسون، في حديثه إلى الصحفيين، إنَّ إيران قد قامت بإنتاج أسلحة نووية، وقال إنَّ: “أعمالها الاستفزازية تهدد الولايات المتحدة، والمنطقة، والعالم”، وإنَّ الإدارة “ليس لديها نية ترحيل الضربة الى إدارةٍ مستقبلية “.

إلى أين يمضي بالضبط السيد ترامب بهذا الأمر؟ تكرر تعليقاته تصريحات الرؤساء السابقين، عندما حاولوا تأسيس قضيةٍ لعمل العسكري، كما حدث على سبيل المثال، مع العراق.

ليس هذا هو الوقت المناسب لهذا العمل. ومن شأن السيد ترامب أن يخدم نفسه، والاستقرار العالمي، من خلال وضع استراتيجية، تسعى إلى التصدي للسلوك الإيراني المزعزع للاستقرار، ولكن تسعى أيضًا إلى التعاون حيثما أمكن.

ومن أجل ذلك، سيتعين على الإدارة أن تتحدث بانتظامٍ مع الحكومة الإيرانية، وهو أمرٌ يبدو أنه لم يحدث، حتى في محاولة للفوز بالإفراج عن رجل الأعمال سياماك نمازي، ووالده، باكوير نمازي، وهما أميركيان إيرانيان، حكمت إيران عليهما مدة 10 سنواتٍ في السجن، بتهم تجسس ملفقة. ولتخليصهم منها، والحد من التوترات الإقليمية، والحفاظ على الاتفاق النووي على المسار الصحيح، فالعمل مع الإيرانيين هو خيارٌ أكثر منطقية بكثير من البلطجة عليهم.

اسم المقالة الأصليAsking for Trouble on Iran
الكاتبهيئة التحرير، The Editorial Board
مكان النشر وتاريخهنيو يورك تايمز،The New York Times، 24/04/2017
رابط المقالةhttps://www.nytimes.com/2017/04/24/opinion/asking-for-trouble-on-iran.html
ترجمةأحمد عيشة



المصدر