استعادة الأمل… العالم في مواجهة الكارثة
28 أبريل، 2017
علاء كيلاني
تحت وقع الصواريخ والبراميل المتفجرة والسلاح غير التقليدي، هرب من الموت “منذ بداية الحرب” أكثر من 5.5 مليون مواطن سوري، تقاسمت دول الجوار الإقليمي الثلاث ” تركيا، الأردن، لبنان” العدد الأكبر منهم. فيما احتضن العراق ومصر العدد الباقي.
اليوم تشكّل حالة اللجوء أزمةً إنسانية، يزداد حجم تعقيداتها واحتياجاتها، مع استمرار الحرب، وازدياد المخاطر التي يتعرض لها السكان، في المناطق المدنية الآهلة التي تُستهدَف، من قِبل قوات الأسد وحلفائه.
ومع غياب المساعدات المتكاملة، يزداد وضع اللاجئين سوءًا، وتمثل حصيلة السنوات الست التي مضت، وجهًا من أوجه الكارثة التي يتعرض لها السوريون عمومًا داخل البلاد وخارجها.
تؤكد بيانات البنك الدولي، وعلى أساس الدعم الذي تقدمه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن سبعةً من بين كل عشرة من اللاجئين المسجلين في الأردن ولبنان، فقراء. وبخلاف الفقر، فإن غالبيتهم معرضون لصدمات مالية وغذائية على السواء. ويتفاقم الأمر أكثر، مع ضعف الرعاية الصحية، وعدم كفاية المستوى التعليمي، وتدهور رأس المال البشري “ضمن شريحة الشباب”.
تحتاج الأمم المتحدة وشركاؤها، في عامي 2018 – 2017، إلى تمويل يبلغ نحو 4.63 مليار دولار. من أجل تلبية احتياجات حماية ومساعدة اللاجئين، ودعم مكوّن تعزيز قدرة الأنظمة الوطنية على مواجهة الأزمات، وسيستفيد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من هذا التمويل في تنفيذ خطة إقليمية، كان قد وضعها بمشاركة جهات دولية وإقليمية ومحلية، ترتكز على مكونين رئيسين، أحدهما إنساني والآخر تنموي، يفضيان إلى مساعدة اللاجئين في الدول الخمس، وتقديم الدعم الفوري للمجتمعات المحلية المتضررة، وتمكينها من مواجهة الأزمة في جميع القطاعات، إلى جانب تعزيز قدرة الحكومات المعنية على قيادة هذه الاستجابة، وتوفير الدعم الاستراتيجي والتقني والسياسي اللازم لها.
تأتي الخطة، بحسب الخبير والناشط الحقوقي أسعد الشرع، ردًا على السياسات الضعيفة للدول ذات الاقتصادات الهشة، وخطط استجابتها المتعثرة، كما هو الحال في الأردن ولبنان. أضاف لـ (جيرون): من الواضح أن تنفيذها يعتمد على القيادة الوطنية في كل بلد، ولذلك تتضافر جهود الشركاء من أجل تخفيف معاناة الفئات الأكثر ضعفًا، وتلبية الاحتياجات الأساسية للجميع، ووقايتهم من السقوط في براثن الفقر”.
وعلى الرغم من التكامل الجغرافي والتفاعل الإيجابي، مع المجتمعات المضيفة في بلدان الجوار، يواجه اللاجئون السوريون معدلات فقر عالية. إذ يصنف 93 في المئة منهم في الأردن، وأكثر من 70 في المئة منهم في لبنان، و65 في المئة منهم في مصر، و37 في المئة منهم في العراق، تحت خط الفقر، بحسب البنك الدولي.
وباستثناء تركيا، يُمنع السوريون من الالتحاق بسوق العمل، كما في الأردن مثلًا، باستثناء بعض المهن القليلة. ويُضيّق عليهم في لبنان، حتى بالنسبة لسوق العمل الموازية “غير النظامي”. أما في مصر، فتبدو الصورة أقل حدة. وقد أدى إغلاق حكومات هذه البلدان أكثر من 90 في المئة من المهن في وجوه اللاجئين، درءًا لمخاطر الإغراق، ومحاصصة العمالة المحلية فرص عملها، إلى تصاعد حدة الفقر، وزيادة حجم البطالة، بين عوائل لم تكن تطمح، بعد أن تركت كل شيء خلفها، إلى غير الأمان الذي افتقدته في بلادها، ودخل مالي يوفر لأفرادها فرصةَ العيش بكرامة.
وتتميز قطاعات العمل غير الرسمية في الدول المضيفة -بحسب رأي الخبير الاقتصادي مسعف السمان- بضخامتها، وتوظف أعدادًا كبيرة من المواطنين المضيفين مع أعداد لا بأس بها من اللاجئين، لكنها بشكل عام تفتقر إلى تدابير حماية العمل اللائق، فضلًا عن رواتبها المنخفضة، ما يجعل العمل في الاقتصاد غير الرسمي عرضة للاستغلال والتحرش وعدم الدفع أحيانًا، إضافة إلى سوء المعاملة.
ومنذ لقاء منتدى التنمية الذي عُقد في البحر الميت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 ودعا إلى إجراء تغييرات في طريقة التعامل مع الأزمة السورية، حظيت قضية اللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم في دول الجوار الإقليمي، باهتمام دولي أكبر. وتبنى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أجندةً جديدةً، لتعزيز القدرة على مواجهة الأزمة. بمشاركة 240 جهة دولية وإقليمية ومحلية، مع الحكومات في الدول الخمس، للحفاظ على حقوق اللاجئين السوريين المتواجدين على أراضيها، وفقًا للقانون والمعايير الدولية. وذلك باعتماد نظم حماية وآليات، يمكن من خلالها قياس كفاءة التدخلات، ومعالجة المشكلات والشكاوى. وزيادة فرص جودة الحياة، وتنسيق الخدمات الاجتماعية المقدمة بمختلف أنواعها.
كما ساعد مؤتمر المانحين في لندن لدعم سورية والإقليم، في شباط/ فبراير 2016، أيضًا، والاجتماع الرفيع المستوى في جنيف حول تقاسم المسؤولية العالمية بشأن اللاجئين السوريين، في آذار/ مارس 2016 والدورة الأولى للمؤتمر العالمي للعمل الإنساني في إسطنبول، في أيار/ مايو 2016 والاجتماع الذي عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في أيلول/ سبتمبر 2016 ، في نشوء بيئة من السياسات الإيجابية، والمساعدات العالمية، حفزت الاقتصادات الهشة على الاستجابة للأزمة، في إطار إقليمي، تتضافر جهود دوله لزيادة التكامل بين التخطيط الإنساني والتنموي، ودعم الفرص الاقتصادية، ومعالجة مختلف أشكال عمالة الأطفال، وتعزيز الفرص التعليمية لجميع الأعمار، وتحسين سبل كسب العيش، والمحافظة على رأس المال البشري السوري.
وتشتكي دول الجوار السوري باستمرار من نقص التمويل، وعدم الحصول على مساعدات إضافية لاستجابة مستدامة. كما تعاني مجتمعاتها من معدلات بطالة عالية. في وقت تتعرض فيه البنية الاقتصادية والموارد لمشكلات هيكلية. وقد تعهد المانحون في مؤتمر لندن، بتوفير نحو 6.1 مليار دولار، في العامين 2017 ــ 2018 للاستثمار في تعزيز القدرة على مواجهة الأزمة، ودمج التنمية في أنشطة المساعدات الإنسانية، بهدف خلق 1.1مليون فرصة عمل جديدة، تدعم استقرار اللاجئين، وتعيد إليهم الأمل.
[sociallocker] [/sociallocker]