“الطبقة تحترق”…الأطراف الثلاثة تحتكر تدمير المدينة


إبراهيم العبد لله

“الطبقة تحترق” هو الهاشتاغ الذي أطلقه أبناء محافظة الرقة للفت الأنظار إلى ما تتعرض له الطبقة، ثاني كبرى مدن المحافظة، وأحد معاقل “داعش” فيها، من قصف جوي وتدمير منهجي تنفذه طائرات التحالف في أحيائها الجنوبية، بعد أن نجحت “قسد” بدخول هذه الأحياء ابتداءًا من “دوار العجراوي” الذي يشكل مدخل قرية الطبقة من جهة أوتوستراد حلب – الرقة – دير الزور. الطبقة التي قُطعت عنها كل سبل الاتصال حُجبت فعليًا عن أي إمكان لمعرفة ما يجري فيها، منذ الثلاثاء الماضي، بعد أن قُصف مركز بريدها الأرضي.

جاء هذا الهجوم على مدينة الطبقة، على عكس المتوقع، من الجهة الجنوبية (الشامية)، بعد أن فشلت ميليشيا “قسد” مدعومة بالطيران الأميركي مرتين في اقتحام المدينة من جهتها الشمالية، حيث تشكل البحيرة معظمها ثم تأتي ضفتها الجنوبية المحاذية لمدينة “الثورة” حاجزًا طبيعيًا، بجرف ارتفاعه أكثر من عشرين مترًا، فيما نجح تنظيم “داعش” في إغلاق السد، المنفذ الوحيد من الجهة الشمالية بعرض لا يزيد عن 10 أمتارـ

وبالاتجاه إلى تل أبيض، في أقصى شمال المحافظة، فإن التصعيد بين الجيش التركي وميليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية، الجناح العسكري لـ “حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي -الذي يشكل بدوره امتدادًا لـ “حزب العمال الكردستاني” الكردي- ظهر في صورة عنيفة أمس الخميس 27 نيسان/ أبريل، حيث تبادل الطرفان النيران على طرفي الحدود.

فقد قُتل جندي تركي كردي برصاصة قناص من الأراضي السورية في قرية “سوسك”، غرب تل أبيض، فيما دُمّر رادار ومقر عسكري على تلةٍ قرب بلدة “آقجي قلعة” المقابلة لبلدة تل أبيض السورية بصاروخين موجهين، أُطلقا من مواقع الميليشيا الكردية في تل أبيض.

شمل التصعيد الحدودَ السورية التركية من “الدرباسية” و”قرة تشوك” شرقًا، إلى عين العرب في ريف حلب الشمالي غربًا، ويُرجح أن يستمر التوتر ويحتدم ما لم تعمل الولايات المتحدة الأميركية -حليف الطرفين- على احتوائه وإعادة صياغة موازين القوى في الجزيرة السورية.

وذكر عناصر من الجيش الحر، يتدربون في معسكرات داخل تركيا، لـ (جيرون) أنهم الآن “في حالة استنفار قصوى. ولا نستبعد التحرك باتجاه تل أبيض في أي لحظة”. وقد حذّرت الجوامع في “آقجي قلعة” التركية مواطنيها من الاقتراب من خط الحدود الذي تحول إلى جبهة قتال، وفي المقابل أخلت الميليشيات الكردية المتواجدة في تل أبيض مقارّها جميعًا، وانتشرت في أنحاء البلدة تحسبًا لهجوم أو قصف مباغت.

وفيما تزداد الأمور سخونة واحتدامًا في الرقة كلّها، تحول معظم من بقي من سكانها إلى نازحين قرب مدنهم وقراهم، حيث جمعتهم ميليشيا “وحدات حماية الشعب” في معسكرات اعتقال ضمن ظروف معيشية وصحية سيئة جدًا، وتمنع أي منظمة أو جهة أخرى من مدّ يد العون لهم. وما يزيد الأحوال سوءًا، بحسب أشخاص خرجوا من معسكر قرب عين عيسى، “أن معاملة الأكراد لهم بمنتهى القسوة والتشفي، لم نتوقع كل هذا اللؤم”.

التدخل التركي المفاجئ، في توقيته واتساعه، قد يؤدي إلى تحجيم دور الأكراد المحمول على الدور الأميركي في شمال وشمال شرق سورية، في حال كان حاسمًا وقاطعًا في ما يخص إخراج المقاتلين الأكراد الأتراك من سورية، لكنه يمكن أن يكون أيضًا بداية للغوص في الرمال السورية واستدراجًا لتركيا إلى حرب كر وفر على الأراضي السورية، لطالما سعى إليها “حزب العمال الكردستاني”.

في سياق آخر أصدرت “مجموعة مهندسي سد الفرات” بيانها السابع أمس (الخميس) بعنوان “سد الفرات… أيام معدودات تفصلنا عن الكارثة”، شرحت فيه الحالة الفنية الحالية لسدي الفرات وتشرين، ولفتت إلى أن “منسوب المياه في بحيرة سد الفرات في هذا اليوم 27 نيسان/ أبريل 2017 هو 303.30 م بزيادة 4 سم عن اليوم السابق، وفي حال استمرار الوضع على ما هو عليه سنصل إلى المنسوب الأعظمي للتخزين في البحيرة (304 م عن سطح البحر) خلال أقل من عشرين يوم”. وطالبت مجموعة المهندسين بـ”ضرورة وقف القتال والسماح للفنيين بالوصول إلى المحطة، مع تقديم ما يلزم من معدات وتجهيزات لفتح بوابات المفيض وتمرير المياه من البحيرة”.




المصدر