الانتخابات الإيرانية.. معلومات هامة حولها لابد من معرفتها وفهمها
29 أبريل، 2017
من المقرر أن تنطلق الانتخابات الرئاسية في إيران في 19 مايو/أيار المقبل، والتي يتنافس فيها الرئيس الحالي “حسن روحاني” للفوز بولاية ثانية. ويُنظر إلى هذه الانتخابات على أنها حاسمة لتحديد الاتجاه الذي ستسير فيه الجمهورية الإسلامية.
وإيران لاعب رئيس في منطقة الشرق الأوسط. وبسبب برنامجها النووي ودعمها للحكومتين اللتين يقودهما الشيعة في العراق وسوريا، فإن القوى العالمية تنظر إلى طهران باعتبارها جزءاً من المشكلة والحل لمشاكل المنطقة في آن واحد.
ويمكن أن يتأثر كل هذا بشخصية الرئيس المقبل لإيران، إذ إن السياسية الداخلية الإيرانية هي في الأساس صراع بين جناحي المحافظين والإصلاحيين/المعتدلين. لكن نتائج الانتخابات لن تغير من الأمر كثيراً، لأن السلطة الأساسية هي في يد المرشد الأعلى للبلاد، آية الله “علي خامنئي”.
لذا، فإن ظهور رئيس محافظ يدير ظهره للاتفاق النووي هي مسألة تعتمد على حسابات المرشد الأعلى، وهو الموقف الذي سيتأثر بمدى التزام الأمريكيين والأوروبيين بالجزء الخاص بهم في هذه الاتفاقية، أو إلى أي مدى يمكنهم إفشال جهود إيران لتحقيق الاستفادة القصوى من رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها.
وعلى عكس أنشطتها لتخصيب اليورانيوم (التي تفاوضت بشأنها في الاتفاق النووي مع الغرب)، فإن دعم إيران الثابت للحكومة السورية هو أمر مفرغ منه، ولا ينبغي توقع الكثير من التغيير في هذا المسار.
ومن المستبعد أيضا أن تشهد إيران إصلاحات سياسية، بغض النظر عمن سيفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة، لأن هذه الإصلاحات ستعوقها المؤسسات الحاكمة الموجودة في أيدي المحافظين، ومن بينها سلك القضاء والجهاز الأمني.
لذا، لا ينبغي الرهان على حدوث أي تحسن في مجالات حقوق الإنسان، وحرية التعبير، والتجمع السياسي، والإعلام.
نظم سياسية متعددة
يُنظر إلى إيران على أنها دولة دينية، لكنها تضم مزيجاً من أنظمة سياسية مختلفة، من بينها عناصر من الديمقراطية البرلمانية. وهناك كتلتان سياسيتان رئيسيتان في البرلمان، لكن السلطة الحقيقية تقع في أيدي محافظين غير منتخبين، يحاولون بصورة غير مقنعة أن يظهروا محايدين.
وفي نهاية المطاف، فإن هؤلاء هم من يحددون القدر الآمن من الحرية السياسية والاجتماعية الذي يمكن السماح به.
كما أن مؤسسات السلطة في إيران إما تُنتخب بشكل مباشر أو تُعيّن (من قبل المرشد الأعلى). وجميع المؤسسات المعيّنة يديرها المحافظون.
وتبادل المحافظون والإصلاحيون على مدى السنوات الماضية السيطرة على المؤسسات المنتخبة، التي تشمل الحكومة والبرلمان والمجالس المحلية. ويمكن أن يتولى المحافظون أو المعتدلون منصب الرئيس أو السلطة التنفيذية، التي كانت في السنوات الأربعة الماضية تحت قيادة “روحاني”.
واعتاد الكثير من الإيرانيين قبول الحدود المرسومة لأي إدارة لتنفيذ أية إصلاحات مهمة. كما يميل الإيرانيون إلى الحكم على رئيسهم بناء على الأشياء التي يُتوقع أن يحققها في إطار هيكل السلطة القائم، وهو أمر ليس بالهين من الناحية الموضوعية.
انتخابات حرة ونزيهة ولكن
بمجرد السماح للمرشحين بخوض الانتخابات رسمياً، تتساوى فرصهم في الظهور عبر وسائل الإعلام الرسمية خلال حملاتهم. المشكلة هي أنه لا يمكن لأي شخص خوض الانتخابات دون موافقة مجلس صيانة الدستور المتشدد، وهو ليس فقط جهة غير منتخبة، لكنه أيضاً موال بقوة لجناح المحافظين.
لذا، وبالرغم من أن أي شخص يمكنه تسجيل اسمه كمرشح، فإنه يُسمح فقط لعدد قليل بخوض الانتخابات. لكن وبمجرد الانتهاء من التصديق على هؤلاء المرشحين، فإن الانتخابات الإيرانية تكون إلى حد كبير حرة ونزيهة (الاستثناء الواضح كان في انتخابات عام 2009، حينما وجه الاتهام للنظام بتزوير الانتخابات لصالح الرئيس المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد).
وبالرغم من أن هذا النظام يبدو غير ديمقراطي وينطوي على قيود شديدة، فإنه لم يمنع معظم الإيرانيين من الإقبال على التصويت.
يأتي هذا الإقبال على المشاركة من الناخبين بالرغم من دعوات المعارضين بالبقاء في منازلهم في يوم الانتخابات، إما شفاهية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي. لكن هذه الدعوات لم تجد صداها وسط الاستخدام النشط لمواقع التواصل الاجتماعي، مثل برنامج تليغرام وموقعي انستغرام وفيس بوك، من جانب المرشحين وأنصارهم.
وتسمح السلطات بشكل متزايد باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي أثناء موسم الانتخابات. وفي الواقع، تصبح الدولة أكثر تسامحاً وانفتاحاً وشفافية وعفوية حينما تحتاج إلى ضمان إقبال كبير من الناخبين.
وكانت أقل نسبة إقبال سجلتها الانتخابات الرئاسية في إيران 51 في المئة، وأعلاها 85 في المئة.
النساء والانتخابات
يوجد في إيران نائبات للرئيس، ووزيرات، ونائبات في البرلمان، وعضوات في المجالس المحلية، لكن لا يوجد رئيسة للبلاد.
ولا يحظر القانون بشكل صريح ترشح النساء في الانتخابات، لكن مجلس صيانة الدستور لم يسمح لهن أبداً بالترشح في الانتخابات الرئاسية.
ولا يزال هناك طريق طويل أمام المرأة لنيل حقوقها في إيران، خاصة فيما يتعلق بمنظومة القوانين وقوانين العقوبات، لكن الوضع ليس سيئاً كما يعتقد الغرب.
وقد أثر الحجاب الإلزامي للمرأة على النظرة الخارجية إلى حقوق المرأة. إلا أن ذلك خدم الغرض المزدوج للسماح بقبول تقلد المرأة لمناصب السلطة في مجتمع ذكوري.
أما المسائل الأخرى المتعلقة بحقوق المرأة، مثل الإجهاض والعنف الأسري وعدم المساواة في الحقوق القانونية والتمييز، فإنها لم تكن قضايا انتخابية ساخنة، بغض النظر عن مدى أهمية هذه القضايا لطبقة المثقفين والعلمانيين في إيران.
وتبرز المرأة بقوة في الخطاب السياسي للبلاد، ولا يمكن لأي مرشح أن يفوز بالانتخابات إذا بدا أنه يحتقر النساء أو يتجاهل مخاوفهن.
وبمجرد وصولهم للسلطة، فإن الرؤساء الإيرانيين يصبح لديهم قدر من الحرية للمساعدة في تحسين حقوق المرأة من خلال إعداد مشاريع قوانين تقدمية وطرحها أمام البرلمان. وقد حاول الرؤساء الإصلاحيون القيام بذلك.
قضايا تحوز على الاهتمام
يمثل الاقتصاد قضية حاسمة في إيران، وبنفس القدر كأي مكان آخر. ولا يتعاطف الإيرانيون مع المرشحين الذين لا يُنظر على أنهم يساعدون في تحسين مستويات المعيشة، مهما حالفهم الحظ في تحسين قضايا أخرى.
ويحتل الوضع الاقتصادي أهمية تعادل، على أقل تقدير، أهمية الحريات السياسية وحقوق الإنسان، التي تحظى باهتمام الطبقة الوسطى التقدمية، أو نفس أهمية القيم الإيمانية والأسرية التي تهُم بشدة الناخبين المحافظين في المناطق الريفية.
ويأتي الفساد كثاني أهم قضية للناخبين، لا سيما أن الكثيرين يؤكدون أن هذا الفساد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسوء الإدارة الاقتصادية.
كذلك يستحوذ الاتفاق النووي على قدر كبير من اهتمام الإيرانيين، فقط طالما يشعرون بأنه ضروري لتحسين حياتهم. ومع ذلك، يستمر الجدل بشأن ما إذا كانت الفوائد الاقتصادية لتخفيف العقوبات، والتي تشكل محور الاتفاق النووي، قد وجدت طريقها بالفعل إلى حياة الناس العاديين.
ويحتاج “روحاني” إلى الفوز في النقاش حول الجدوى الاقتصادية للاتفاق النووي إذا أراد البقاء رئيساً للبلاد لولاية ثانية.
[sociallocker] [/sociallocker]