علي جابر: «أم بي سي» معتدلة وإصلاحية


علي جابر مدير مجموعة «أم بي سي» وعميد كلية «محمد بن راشد للإعلام»، وهو بين قلّة متربعة على عرش الشهرة و «النجومية» مع استحواذها كفاءة إعلامية ودرجات أكاديمية وتاريخ صحافي من رصانة الورق المكتوب الذي أحبه قبل الكاميرا في صناعة الترفيه، يكشف في مقابلة مع «الحياة» كثيراً من رأيه كخبير في المشهد الإعلامي اليوم بمختلف وسائله، إضافة إلى الأخبار «الساخنة» من البرامج الجماهيرية على الشاشة الفضية.
لا يرى جابر المشهد الإعلامي في العالم العربي اليوم في أحسن أحواله، بسبب السلبيات التي اجتاحته مع النقلة التكنولوجية في الإعلام البديل، فيصفه بـ «المحزن، في العالم كله وليس فقط عربياً، إنه أمام مسألة مصيرية، بخاصة الجزء الصحافي منه. ما يحصل الآن هو مبادئ جديدة لم نعتد عليها»، مشيراً إلى أبرز أنواع الخلل: «الأخبار المغلوطة، أصبحت مسألة عادية الآن، أو ما بعد الحقيقة أو الحقائق البديلة أيضاً، كل هذه الأمور موبئات أصبحت موجودة بمجرد اجتياح الإعلام الرقمي».
ورداً على تأثير تحكم شبكات التواصل الاجتماعي بتدفق القرّاء إلى المواقع الإعلامية يجيب: «فايسبوك مثلاً ليس شركة صحافية، بل شركة تقنية اخترعت معادلات رياضية تقوم بإزالة الأخطاء، ولكن هي عرضة أيضاً للأخطاء. ولا يمكنك أن تستبدل الصحافي وفكره بمعادلة رياضية. كل وسائل التواصل الاجتماعي ليست مؤسسات صحافية، بل تواصلية، قد تكون بالكذب والإشاعات وقد تكون حقيقية. المشكلة الأساسية أن المتابع يضيع بسببهم».
ويضيف: «هذه الموبئات في الإعلام الرقمي انفجرت فينا، ونحن الآن نعاني من آثارها: التحريض والكراهية والكذب الذي لا مجال للتخلص منه في الإعلام الرقمي، وترجم الأمر في الانتخابات الأميركية، وبخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأيضاً بالحرب في سورية، وفي كل العالم العربي من خلال الاستقطاب الحاد، ونوع الإعلام الذي دفع الناس إلى ألاّ تسمع غيرها بل فقط نفسها. لا أحد ينظر خارج الغرفة ويرى الآخر إلا إذا كان يشبهه، وهو ما دُعم أكثر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي».
وعلى العكس من النظرة التشاؤمية حيال الإعلام التقليدي بخاصة الورقي، يعتبر العميد أنه جزء من الحل في وجه «الموبئات»: «هناك فرصة تاريخية للإعلام التقليدي ليستعيد مكانته ويصبح المصفاة لكل ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، فيصبح الجهة التي يثق فيها الناس للتأكد من المعلومة وتصديقها»، لافتاً إلى أن «الآن للإعلام التقليدي دوراً جديداً، بخاصةٍ أن الصحافيين أصبحوا كسولين جداً، لا سيما مع الأزمة الاقتصادية في الصحافة التقليدية، والتنافس الكبير على أموال الإعلانات، والتي دفعت المؤسسات الإعلامية إلى الاستهتار في التحقق من الأخبار، والبحث عن السبق الصحافي بأي طريقة وبأسرع وقت».

ملفات شائكة… بشفافية
ينفي الإعلامي اللبناني التقارير الإعلامية التي أشاعت إلغاء عرض مسلسل «العاصوف» (عبد الرحمن الوابلي، المثنى صبح) بسبب «معالجته الانفتاحية» بعد تأجيل عرضه على شاشة «أم بي سي»، قائلاً: «تأجل لأن لا مكان له في البرمجة الرمضانية المتخمة، فعمل كبير مثله يحتاج إلى اهتمام كامل من المحطة، مثل البرامج الكبرى التي نعرضها ونأمل أن تحقق مشاهدة عالية، وذلك لن يحصل إلا إذا عرض وحده خارج زحمة رمضان. أنا كنت من الأشخاص الذين اجتهدوا لتأجيله وحصل ذلك».
وفي شق الدراما التلفزيونية أيضاً، يرفض جابر مقولة أن قناته ترفض الأعمال السورية منذ بدء الأزمة في أرضها، مؤكداً أن «أي عمل تلفزيوني جيد نحن نلحقه، نركض خلفه، لا ندير ظهرنا لأي عمل جيّد، لأننا سنكون إداريين سيئين إذا تركنا الأعمال الجيدة ولحقنا الأعمال التي تتلاءم سياسياً فقط، بدليل الأعمال السورية المعروضة على القناة ومواقعها، لا يمكن لكل صاحب عمل بائس اتهامنا بإغلاق السوق في وجهه».

عنصرية
ويتحدث جابر بشفافية عن حقيقة ما جرى مع المذيعة المصرية رنا هويدي بعد تداول تغريدات عنصرية منسوبة لحسابها الرســـمي في موقع «تويتر»، بقوله: «ما عرفته أنّه تمّ تعليق عملها في «أم بي سي مصر».
وينطلق من الحدث الخاص إلى العام بدلالة على بعض نتائج الإعلام البديل: «أصبحنا في وقت لا يوجد فيه نسيان، إن قلت شيئاً في أي وقت من عمرك، سيبقى موجوداً وسيلحقك إلى القبر، لذا يجب على الناس أن تنتبه إلى ما تتكلم به. هناك حركة الآن اسمها «الحق في النسيان»، أنا لدي الحق بأن ينسى الناس ما قلته يوماً في حالة طيش مثلاً أو انفعال، الأمر الذي لا يحصل اليوم».
يعلن جابر أن تغييرات ستحصل في هوية أعضاء لجنة التحكيم في برنامج «ذا فويس» ونسخة الأطفال منه، كاشفاً في حديثه إلى إمكان عودة ناصر القصبي في الموسم المقبل من برنامج «أراب غات تالنت» أو «حتى في الموسم الحالي»! والذي سيشهد موسماً سادساً أيضاً. وينفي الأخبار المتداولة عن «الأجور الفاحشة» لأعضاء اللجنة الحالية التي تضمه إلى جانب المطربة اللبنانية نجوى كرم والممثل المصري أحمد حلمي: «التقارير كلها مغلوطة وفي شكل كبير. «أم بي سي» من أصل نحو 1670 مؤسسة تلفزيونية عربية تبث في العالم العربي، الوحيدة التجارية التي تربح، وهذا المقياس الأكبر للنجاح. نحن لا يمكن أن نفرط في هذه المقاييس باعتماد كلفات للبرامج أقل مما تستحق». وعن وجوده في كرسي «الحازم» في اللجنة يقول: «أنا لست مغنياً ولا راقصاً ولا أي شيء من هذا القبيل. عرض عليّ أن أحكم في البرنامج قبل منصبي في «أم بي سي»، على أساس أنني أستاذ في كلية محمد بن راشد للإعلام، والسبب كي أكون موضوعياً، وعلى هذا الأساس أتصرف، ومستمر بالمنهجية ذاتها، لأنني لست فناناً، أنا إعلامي وأستاذ في الإعلام».

انتقادات
ويرد جابر على الانتقادات التي تواجه البرامج عند كل موقف مؤثر، وارتفاعها حين يصل الأمر إلى مشترك فلسطيني أو سوري: «لا قيمة لأيّ منتج تلفزيوني من دون شحنة عاطفية فيه. النجاح بتحريك المشاعر لدى المشاهد يعني أنه يتفاعل جيداً وبالتالي يعني أنك نجحت. تهمة المتاجرة بمآسي الناس تصدر من الأشخاص الذين لو مهما قدمنا لهم ولو رفعنا لهم العشرة لكان عبثاً ولن يعجبهم شيء».
ويختم حاسماً: «صحيح نحن مؤسسة مملوكة من سعوديين، ولكننا نتوجه لكل العالم العربي، نحن معتدلون وإصلاحيون، ونؤمن بحقوق الناس. وخطنا هذا لن نبتعد عنه شاء من شاء وأبى من أبى».



صدى الشام