الحجامة… طبٌ بديل لأهالي القلمون الشرقي


خالد محمد

تعّد الحجامة شكلًا من أشكال العلاج في الطب البديل، لأهالي مدن القلمون الشرقي في ريف دمشق وبلداتها، وتُعرف بأنها طريقة طبية قديمة للتداوي، انتشر صيتها انتشارًا كبيرًا في مختلف أنحاء العالم المتحضر، كنوع من أنواع الطب البديل، يلجأ إليه الناس عوضًا عن استخدام الأدوية والمسكنات.

في هذا الإطار، قال الطبيب باسل المصري، طبيب مختصٌ بأمراض القلب والأوعية الدموية لـ (جيرون): “تمتاز الحجامة بكثرة مواضعها التي تصل إلى ثمانية وتسعين موضعًا، خمسةٌ وخمسون منها على الظهر، وثلاثةٌ وأربعون على الوجه والبطن، ولكل مرضٍ مواضع معينة للحجامة (موضع أو أكثر لكل منها) من جسم الإنسان، ويقوم تأثير الحجامة على خطوط الطاقة، وقد وجد أنها تأتي بنتائج أفضل عشرة أضعاف من الإبر الصينية، وربما يرجع ذلك، إلى كون الإبرة تعمل على نقطة صغيرة، أما الحجامة فتعمل في دائرة، قطرها 5 سم تقريبًا”.

وأضاف المصري “توجد مناطق في جسم الإنسان، تصاب بضعف في حركة تدفق وجريان الدماء فيها، فيكون العلاج بالحجامة، إحدى الوسائل- البديلة عن الأدوية- للتخلص من هذا الضعف وتنقية مجرى الدم العام، وتسهيل تدفق الدم النقي الجديد، وتنشيط عمل كريات الدم على إنتاج كريات دم حمراء جديدة، مكان الفاسدة فيصبح الدم حيويًا وصحيًا أكثر”.

وحول أنواع وطُرق العلاج بالحجامة، أوضح المصري، قائلًا: “هناك نوعان من العلاج بالحجامة، باستخدام الأكواب، وهي: إما العلاج الجاف عبر الشفط بالأكواب فحسب، بغرض تغيير الضغط الداخلي والخارجي للجسم، ولا يكون فيها إخراج دم، عبر وضع الكاسات الجافة على الموضع المراد معالجته، ثم تفريغه من الهواء وتركها 10 دقائق، لتتجمع الدماء فيها، فيتم بذلك تغيير ضغط الجسم. أو العلاج الرطب الذي يصاحب عملية الشفط بالأكواب، ويترافق بخروج بعض الدم بمعدلات يتم التحكم بها، وذلك عن طريق وضع الكوب، ثم إزالته، ثم يعاد وضعه مرةً أخرى، بعد القيام بشق الجلد شقوقًا سطحية طولية باستخدام المشارط لخروج كمية صغيرة من الدم، وعند الانتهاء تُغطى هذه الشقوق بمرهم مضاد حيوي، ولصاق طبي لحمايتها من العدوى، وتُشفى الشقوق بعد 10 أيام تقريبًا”. وفي كلا النوعين، يضيف المصري، “يتم وضع مادة مشتعلة في الأكواب، مثل مادة الكحول، وإشعالها حتى تنطفئ النار تمامًا، ثم يُوضع الكوب مقلوبًا على جلد المريض، مدة زمنية تتراوح من 5 إلى 10 دقائق، حيث يتسبب البخار أو الدخان الناتج، في حدوث ضغطٍ، يساعد على عملية تمدد الأوعية الدموية، واحمرار البشرة، وارتفاعها داخل الكوب”. ولفت إلى “استعمال البعض مضخةٍ مطاطية، وهي أداة انتشرت حديثًا، تعطي ضغطًا مماثلًا للضغط الناجم عن الاحتراق داخل الأكواب”.

فوائد العلاج بالحجامة

للحجامة فوائد عدة، يبيّن المصري أكثرها أهمية، قائلًا: “تساهم الحجامة في خروج الدم الفاسد من جسم الإنسان، وهو الدم الذي يحمل كريات الدم الحمراء الهرمة أو الشوائب الدموية والأخلاط الرديئة، نتيجة تعاطي الأدوية والعقاقير والكيماويات المختلفة، حيث يتراكم الدم الفاسد في أثناء دورته في مناطق معينة بالجسم، في أعلى الظهر غالبًا، لأنها مناطق تتميز بضعف تدفق الدم وبطء حركته، كما تُستخدم الحجامة في علاج كثير من الأمراض من ضمنها: أمراض الدم (الأنيميا، فقر الدم) والأمراض الروماتيزمية، مثل التهاب المفاصل، والتهاب الأنسجة، إضافةً إلى ارتفاع ضغط الدم، والصداع النصفي، واحتقان الشعب الهوائية الناتج عن الحساسية والربو، القلق، والاكتئاب”.

يحرص أحمد الشيخ الذي يعاني آلامًا مزمنة في الرأس، تسبب له صداعًا نصفيًا مستمرًا، في كل عام، على العلاج بالحجامة، لما لها من تأثيراتٍ إيجابية على صحته، مؤكدًا أن لجوءه إلى التداوي بالحجامة، قبل خمس سنوات، أشعره “براحةٍ كبيرة، ساعدت في تخفيف الآلام، وزيادة النشاط الذهني والبدني، من دون أن تترك أضرارًا جانبية”، كتلك التي كان يشعر بها خلال فترة تناوله الحبوب والأدوية المسكنة”.

في السياق ذاته، نبّه المصري، إلى بعض النصائح التي يجب مراعاتها في عملية الحجامة، منها: الامتناع عن التدخين، والجماع قبل الحجامة، باثنتي عشرة ساعة، مع ضرورة النوم والاستراحة، وعدم التعرض لأي ضغطٍ نفسي أو عصبي. الابتعاد عن تناول الألبان والدهون والدسم والموالح في يوم عمل الحجامة. توخي الحذر مع مرضى الكبد وسيولة الدم، لا يجوز عمل الحجامة للمريض بالبرد أو الإنفلونزا أو الزكام إلّا بعد شفائه تمامًا.

تعدّ الحجامة من أكثر الطرق العلاجية القديمة التي كانت تستخدم في علاج كثير من الأمراض مجهولة الأسباب وقتها. ووفقًا للمؤرخين فإن الحجامة استخدمت في العلاج منذ آلاف السنين، من قبل الأشوريين، والفراعنة، والصينيين، والإغريقيين. في حين حث الإسلام على أهمية التداوي بالحجامة، وكان الرسول الكريم (ص) من أكثر الأشخاص استخدامًا لها في علاج الأمراض التي تواجهه.




المصدر