‘حي الوعر وحارة الديراني.. أسماء يتداولها المهجرون في مناطق عيشهم بالشمال السوري.. وهكذا يقضون حياتهم’

2 مايو، 2017

شادي السيد – خاص السورية نت

لم يكن التهجير خياراً طوعياً لعشرات آلاف السوريين، الذي أجبرهم نظام بشار الأسد وروسيا وإيران على الخروج من منازلهم وأحيائهم، والتوجه نحو مناطق المعارضة في الشمال السوري، إلا أن الواقع الجديد المفروض عليهم يدفعهم في النهاية إلى التكيف معه، ليبدأوا حياةً جديدة بشكل مختلف من المعاناة.

وغالباً ماتكون محافظة إدلب وريف حلب الشمالي، هي وجهة المهجرين من بلدات ريف دمشق وحمص وحلب، إما مجبرين من النظام وفقاً للاتفاقية التهجير، إلى جانب كون إدلب مسيطر عليها بشكل شبه كامل من المعارضة السورية.

أبو محمد رجل أربعيني من بلدة مضايا المحاصرة بريف دمشق، انتقل مؤخراً إلى مدينة بنش بريف إدلب تحدث لـ”السورية نت” عن تجربته الأولى بعد الخروج من بلدته: “الحياة هنا مختلفاً تماماً عن جو الحصار الذي كنا نعيشه. الطعام متوفر والأدوية أيضاً. شاهدنا الأسواق التجارية مليئة بالبضائع، الآن بإمكاني توفير الغذاء اللازم لأطفالي. هذا ربما الشيء البارز الذي التمسته في أيامي الأولى بعد التهجير”.

ويضيف أبو محمد، أن الوضع في بلدته كان كارثياً “فقد تجرعنا الأمرين من حصار النظام وحزب الله للبلدة، لم يكن سهلاً على أحد معايشة واقعنا”. ويشير إلى أن المهجرين حالياً في إدلب أمام تحدٍ كبير، هو كيفية تأمين مصدر رزق جديد بعد “أن هجرنا مجبرين وتركنا خلفنا مصادر دخلنا والتي لطالما كانت معيناً لنا على تدبير شؤوننا المعيشية قبل الحصار. هنا الأولوية هي تأمين منزل ومن ثم البحث عن مصدر للعيش، ربما لن يكون هذا سهلاً لكننا مجبرين”، وفق قوله.

خبرات جديدة

مع وصول عشرات آلاف المهجرين من محافظات سورية عدة إلى محافظة إدلب، حمل الكثير منهم خبراته العلمية والعملية، من شهادات علمية لـ”مهندسين وأطباء ومدرسين إلى جانب الحرفيين والمهارات اليدوية”، ما جعلهم يضيفون طابعاً إيجابياً للمحافظة.

شمس الدين مطعون أحد المهجرين من مدينة داريا بريف دمشق ويعيش حالياً في بلدة سرمين، يقول لـ”السورية نت”: “هنا في سرمين يوجد عدد من العوائل من مدينة داريا، وصلنا إلى هنا بعد توزيعنا على مراكز للإيواء في ريف إدلب، بعدها كان لا بد لنا من تأمين منازل سكنية وعلى الرغم من ندرتها إلا أنه تم مد يد العون لنا من أهالي البلدة”.

ويضيف: “حالياً تشاهد عدد من المحال التجارية في سرمين لم تكن موجودة مسبقاً، لأبناء داريا من محل الديراني للبزورية إلى محلات المعجنات وأيضاً محل لتقديم العصائر والكوكتيل والتي لطالما اشتهر بها أهالي دمشق وريفها”.

ويشير المصدر إلى أن بلدة جرجناز هي الأخرى شهدت أكبر تجمع لأهالي داريا، وقال: “الحرفيون هناك افتتحوا العديد من المحال بعضها متعلق بنجارة الألومينيوم و خراطة الحديد، إلى صناعة الحلويات الشامية المشهورة كالنابلسية والمدلوقة، جميعها افتتحت بجهود ذاتية ومنها بدعم من منظمات حيث تكفلت بعدة المحل مقابل نسبة  من الأرباح”.

ريف حلب الوجهة الأفضل

ولم تكن إدلب وجهة المهجرين الوحيدة لأهالي حي الوعر بمدينة حمص، أيضاً كان لريف حلب الشمالي الوجهة المفضلة للمهجرين من أبناء الحي مقارنة بمحافظة إدلب، وفقاً للناشط الإعلامي محمد السباعي والذي هجر من حيه.

يقول السباعي لـ”السورية نت”، إن الوضع الأمني والقصف المستمر الذي تتعرض له محافظة إدلب إلى جانب عدم توفر فرص عمل فيها، أجبر كثيرين من أهالي حي الوعر لاختيار ريف حلب الشمالي (اعزاز، الباب، أخترين، جرابلس وغيرها من القرى الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية).

ويضيف السباعي أنه “في ريف حلب الوضع مختلف عن مثيله بإدلب، هنا بإمكان المدنيين ممارسة نشاطاتهم الاقتصادية من تجارة وأعمال حرة، إلى جانب الحرف الصناعية وأعمال الإنشاءات، كون أن الريف الشمالي لحلب ومناطق سيطرة غرفة عمليات درع الفرات لا تتعرض للقصف من قبل النظام وروسيا”.

وينوه إلى أنه في مدينة الباب وجرابلس، يمكن ملاحظة النشاط العمراني الكبير الذي تشهده المدينتين إلى جانب الأمور التنظيمية من شرطة وحفظ أمن ومشافي إلى جانب المدارس، جميعها أسهمت في تفضيل ريف حلب عن إدلب.

ويشير السباعي إلى “مشكلة تواجه معظم المهجرين الجدد وهي تأمين المنازل السكنية، نظراً للاكتظاظ السكاني الذي حصل نتيجة تهجير أهالي مدينة حلب وباقي المناطق”، ويضيف: “وضعنا ذلك أمام أزمة سكنية حيث اضطر كثيرين إلى اللجوء إلى مساكن وخيام مسبقة الصنع إلى جانب المنازل الطينية، وتتراوح أسعار بيوت الإيجار في مدينة الباب بين 20 و35 ألف ليرة للشهر الواحد”.

حي الوعر في جرابلس وداريا في إدلب

“أحياءنا ومدننا ترافقنا أينما ذهبنا”، هكذا علق السباعي عن تداول المهجرين لأسماء أحياء وشوارع في ريف حلب، أخذت تسمية مدنهم التي هجروا منها، مضيفاً أنه من الطبيعي حالياً، عندما ترى مجموعة من أهالي الوعر في مدينة الباب في حلب، وقد أطلقوا تسمية إحدى الأحياء بحي الوعر وسواها في مدينة جرابلس أيضاً.

أما شمس الدين مطعون، يشير أنه في إدلب يمكن ملاحظة مجموعة من المنازل القريبة من بعضها البعض في بلدة معينة ومعظمهم من أبناء داريا، أطلقوا عليها “حارة الديراني”.

وتتنوع مصادر الدخل لدى المهجرين على اختلاف المناطق وفقاً للمصادر سابقة الذكر، بعضها يتم الاعتماد على رواتب العسكريين في فصائل المعارضة والآخر من خلال مدخرات كان يحتفظ بها.

أيضاً، لجأ عدد من المهجرين للتطوع في مناطق الباب وجرابلس ضمن الشرطة الحرة وعناصر حفظ الأمن، إلى جانب مزاولة كثيرين كما ذكرنا سابقاً للحرف التي يتقنونها، ولازال عدد كبير يعاني من صعوبات اقتصادية مع انتقاله لمكان عيش جديد بعيداً عن أرضه التي تربى فيها ورزقه الذي اعتاد على كسبه لسد حاجته.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]