دعم التحالف لـ “قسد” يسرّع سقوط الطبقة

2 مايو، 2017

إبراهيم العبد لله

انتقلت معركة السيطرة على مدينة الطبقة -بين ميليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية المدعومة من قوات التحالف الدولي من جهة، وبين تنظيم “داعش” من جهة أخرى- إلى داخل مدينة “الثورة” وهو القسم الحديث من الطبقة، بعد أن نجحت هذه الوحدات في فرض سيطرتها على قرية “الطبقة” خلال الساعات القليلة الماضية. عمليًا، أصبح من تبقى من مقاتلي داعش محصورًا في ثلاثة أحياء إضافةً إلى محيط سد الفرات، ما يعني أن معركة الطبقة ستُحسم عسكريًا قريبًا، ما لم تحدث مفاجأة على الصعيد السياسي.

ينقل ناشطون، من أبناء مدينة الطبقة عن هاربين منها إلى مناطق آمنة في الريف الشمالي، أن الأوضاع داخل أحياء الطبقة مأسوية؛ بعد كل هذه الفترة من انقطاع الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والدواء. وأن “جثثًا لـ (داعش) ما تزال على الأرض حتى يوم أمس الاثنين”، وأن حجم الدمار في الأبنية العامة التي كان يستخدمها التنظيم مقارّ له كبيرٌ جدًّا، إضافة إلى ما أصاب بيوت المدنيين في القرية من دمارٍ، بفعل غارات الطيران والقصف المدفعي، حيث دُفن العشرات تحت ركام بيوتهم. وخلال اليومين السابقين -بعد أن نجحت ميليشيا “قسد” في بسط سيطرتها على أحياء القرية- قُتل ما لا يقل عن سبعة مدنيين بعمليات قنص قام بها عناصر من “الوحدات” التي تطلق النار على أيّ جسم يتحرك في محيطها.

ويشير ناشطون محليون إلى أن معركة الطبقة التي تقترب من نهايتها، ترافقها هذه الأيام جهودٌ سياسية حثيثة، يبذلها الأميركيون ووكلائهم في “حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي لإشراك أطراف محلية عشائرية في الإدارة؛ وتُوجت هذه الجهود حتى الآن بانضمام حوالي 500 شخص من منطقة الكرامة -الخزان البشري الأساس لعناصر تنظيم داعش في ريف الرقة الشرقي- إلى تحالف (قسد). كما تُبذل جهود في الإطار ذاته من قبل الأميركيين لضم أبناء العشائر المنتشرة في محيط مطار الطبقة العسكري إلى هذه القوات، بغية خلق طوق حماية محلي لما يمكن أن يكون قاعدة عسكرية أميركية على المديين المتوسط والبعيد. الأميركيون يركزون على أبناء عشيرتين نافذتين في المنطقة: عشيرة “الناصر” من قبيلة الولدة، وعشيرة “العجيل” وهي العشيرة التي ينتمي إليها “علي موسى الشواخ”، الملقب بـ “أبو لقمان”، والي الرقة، وأحد أهم مؤسسي (داعش) في سورية. فضلًا عن انتشار سكنى أبناء هاتين العشيرتين العربيتين قرب مطار الطبقة، فإن لأبناء عشيرة الناصر خصوصية الانتشار بين محافظتي الرقة -موطنهم الأصلي- والحسكة حيث نُقل الآلاف منهم بعد أن غمرت بحيرة سد الفرات أراضيهم وبيوتهم في سبعينيات القرن الماضي، كما أن المجلس المدني الذي شكلته “قسد” للرقة قبل أسبوعين، في بلدة عين عيسى في الريف الشمالي من الرقة، ضمّ أحد وجهاء العشيرة، وهو من فرع العشيرة الذي يقطن الحسكة اليوم؛ ما يؤشر إلى احتمالات أن تقوم “وحدات حماية الشعب” إلى إعادة تهجير أبناء العشيرة إلى الرقة، بإغوائهم بِدورٍ في الحياة السياسية في الرقة لاحقًا. أما عشيرة “العجيل”، فقد كان لبعض أبنائها، وخاصة دائرة القربى الأولى لـ “أبو لقمان”، دورٌ كبير في تشكيل أولى مجموعات “داعش” في محافظة الرقة، ويُرجح أن يكون التركيز على أبناء العشيرة نابعًا من رؤية أميركية، ترى ضرورة احتوائهم في البنية السياسية الجديدة للرقة وضمان مصالحهم لفك ارتباطهم بالتنظيم المتشدد، والأمر ذاته ينطبق، في ما يبدو، على أبناء عشيرتي “البريج” في الكرامة و”النعيم” في منطقة “سلوك” من ريف “تل أبيض” الشرقي.

لكن التركيز على دور العشائر، مع اقتراب معركة طرد وتفكيك تنظيم داعش من الرقة برمتها، يبدو مفصلًا لصالح قوة الأمر الواقع ممثلة بقوات “الحماية”. والعمل على تركيب جسم سياسي، يتكفل بمهام قيادة عملية سياسة محلية يبدو مغلقًا أمام كل القوى السياسية الثورية الناشئة منذ اندلاع الثورة في سورية، ويستثني الفصائل المسلحة المحلية غير الجهادية إضافة إلى إقصائه القوى السياسية التقليدية ذات المنظور والممارسة الوطنيين. فهذا التركيب يضع فريقًا منظمًا ومدعومًا غربيًا أمام أطراف متنافسة في ما بينها، من دون أجندة سياسية شاملة إضافة إلى محدودية تأثيرها الفعلي على المدى البعيد، بعد أن وهنت العلاقات العشائرية بفعل التطور الطبيعي للمجتمع السوري وطبيعة العلاقات الاجتماعية التي تبدو اليوم أقرب إلى الفهم الحديث منها إلى الفهم والتقليدي.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]