“عقول متربصة في أوقات حرجة”… في اليوم العالمي لحرية الصحافة


حافظ قرقوط

أصدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 2017 الذي يصادف اليوم 3 أيار/ مايو “وثيقة مفاهيمية” بعنوان “عقول متربصة في أوقات حرجة: دور وسائل الإعلام في بناء وتعزيز مجتمعات سلمية وعادلة وشاملة للجميع”.

أوضحت، في مقدمة الوثيقة التي نشرتها على موقعها في الإنترنت، حجمَ التحدي الذي أصبح يواجه العمل الإعلامي، ولا سيّما بعد تراجع اهتمام الجمهور بوسائل الإعلام التقليدية، وانتقالها إلى الإنترنت، حيث جعلها، بحسب الصحافي جون لويد من صحيفة (الفاينانشال تاميز)، “في حالة تماهي وتماثل مع التيار الجارف من المعلومات والأخبار الخيالية والترسيبات، ونظريات المؤامرة ومختلف أشكال التعبير عن المحبة والكراهية”.

ورأى الصحافي جيم روتينبريغ من صحيفة (نيويورك تايمز) أن تدفق الأخبار الزائفة في عام 2016، يحتاج إلى مواجهة، وأن “الصحافة الأصيلة والجيدة هي التي ستنقذ مهنة الصحافة”، وحول ذلك أكدت الوثيقة أن العالم اليومَ يحتاج -أكثر من أي وقت مضى- إلى الصحافة الأصيلة والنقدية التي توثق، بصدقية، الأخبار والمعلومات والأحداث، وتعطيها حقها من الاستقصاء والبحث.

وأوضحت أن هذا النوع من الصحافة يحتاج إلى بيئة مواتية لوسائل إعلام حرة ومستقلة وتعددية، وعندئذٍ تتوفر إمكانات هائلة لبناء وتعزيز مجتمعات سلمية وعادلة وشاملة للجميع.

وذكرت الوثيقة أن الأمم المتحدة، في خطة التنمية المستدامة التي اعتمدتها، بالإجماع عام 2030، اعترفت بدور وسائل الإعلام في تعزيز الإدارة الرشيدة والتنمية.

يركز اليوم العالمي لحرية الصحافة 2017، على إدراك مدى أهمية تعزيز الصحافة الحرة والجيدة، لتمكين وسائل الإعلام من الإسهام في تحقيق “سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي، وضمان تكافؤ فرص وصول الجميع إلى العدالة”.

أكدت الوثيقة أن وسائل الإعلام -عندما تكون حرة ومستقلة وتعددية- تضمن تطبيق القانون، وتحقيق سيادته واحترامه بالكامل، وتضطلع الصحافة الاستقصائية بدور حاسم، لدورها في الكشف عن الفساد بكل أنواعه، وهذا يحتاج إلى إطار قانوني يحمي الحريات.

ويُعد عمل الصحافيين مؤشرًا على حرية التعبير العامة، ورمزًا أو مقياسًا لمدى التسامح في المجتمع.

وأوردت الوثيقة ما ذكره تقريرٌ لليونسكو، حول سلامة الصحافيين وخطر الإفلات من العقاب لعام 2016، وقالت: إن السنوات العشر الماضية شهدت مقتل 827 صحافيًا عاملًا في قطاع الإعلام، ويُعدّ الإفلات من العقاب عقبةً أمام ضمان سلامة الصحافيين وحرية التعبير.

وتعمل اليونسكو -حسب ميثاقها- على “المساهمة في صون السلم والأمن، بالعمل عن طريق التربية والعلم والثقافة، وتوثيق عُرا التعاون بين الأمم، لضمان الاحترام الشامل للعدالة والقانون وحقوق الإنسان والحريات”.

وأشار التقرير إلى أن وسائل الإعلام غالبًا ما تقوم بدور مركزي في حالات النزاع والكوارث، حيث يمكن لوسائل الإعلام الموضوعية والمحايدة أن تساعد في “نزع فتيل التوتر وتعزيز الحوار واحتواء الصراعات”، وعلى العكس فإن التقارير غير الصحيحة والمنحازة التي تقدمها وسائل الإعلام يمكنها أن “تفاقم العنف”.

كما أن وسائل الإعلام الدعائية تستطيع أن “تحرّض على الكراهية ونشر الشائعات”، وهنا تكمن أهمية المعايير الأخلاقية والمهنية في الصحافة، وعملت اليونسكو على الترويج للتغطية الخبرية التي تراعي “حساسية النزاعات”، وتتطلب “تحليلًا معمقًا ومهارات لتحديد الأسباب الجذرية للنزاع، وبيان المخاوف المشروعة من كل الأطراف، وتعزيز التفاهم المتبادل الذي يمكن أن يساعد في المصالحة”.

تطرقت الوثيقة إلى أهمية التصدي لخطاب الكراهية على الإنترنت، وكيف يمكن للمعرفة الإعلامية أن تمكّن مستخدمي الشبكة، من فهم وممارسة حرية التعبير على الإنترنت وخارجه.

وأكدت أن وسائل الإعلام، تُعدّ “جهات فاعلة ومهمة في تعزيز الاندماج الاجتماعي، ولهذا يجب تشجيع وتحفيز إمكاناتها على تعزيز الحوار، وقدرتها على التعبير عن تنوع الآراء ووجهات النظر في المجتمع، والتصدي للصور النمطية وتشويه الحقائق”.

وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في 20 كانون الأول/ ديسمبر 1993، يوم 3 أيار/ مايو يومًا عالميًا لحرية الصحافة، ويُحتفَل، في هذا التاريخ من كل عام، بإعلان (ويندهوك) -عاصمة ناميبيا- حيث ينص الإعلان على مجموعة مبادئ أساسية لحرية الصحافة، كما وضعها الصحافيون في أفريقيا، وأيدتها اليونسكو، وأعلن عنها عام 1991.

وأشار الإعلان إلى أن “إنشاء صحافة مستقلة وحرة، وصيانة تمويلها، أمرٌ لا غنى عنه لتحقيق وصون الديموقراطية في أي دولة، ولتحقيق التنمية الاقتصادية”.

‏يذكر أن منظمة “مراسلون بلا حدود” ذكرت في تقريرها السنوي عام 2017، أن “حرية الصحافة لم تكن قط مهددةً على النحو الذي هي عليه اليوم”، ووصفت وضعها بأنه “خطر للغاية” في أكثر من 72 دولة، منها روسيا والصين والهند، ودول الشرق الأوسط، وأمريكا الوسطى وآسيا الوسطى، وعدد كبير من الدول الأفريقية.

لفت تقرير المنظمة الذي نشرته في نيسان/ أبريل الماضي، إلى أن هناك 50 دولة فقط، تتمتع فيها الصحافة بالحرية، هي أميركا الشمالية ودول أوروبا وأستراليا وجنوب أفريقيا.

لكن التقرير عبر عن قلقه من حدوث ما سمّاه بـ “تحول كبير” في حرية الصحافة في “الديمقراطيات العتيدة”.

وجاءت سورية في تقرير “منظمة مراسلون بلا حدود” في المرتبة 177 من أصل 180 دولة شملها التقرير، وعدّها التقرير من “أكثر دول العالم فتكًا بحياة الصحافيين”.




المصدر