تجديد جوازات السفر يدرّ 10 مليارات دولار لخزينة النظام كل عامين


أضافت الرسوم الجديدة لتجديد جوازات السفر السورية التي أقرها نظام الأسد مصدراً جديداً لتمويل النظام وإمداده بالقطع الأجنبي، حيث زادت القنصليات هذه الرسوم التي سيضطر كثيرون لدفعها، خصوصاً إذا ما علمنا أن عدد اللاجئين السوريين في الخارج يُقدّر بالملايين، بحسب أحدث الإحصائيات.

وبهذه الخطوة سيحقق نظام الأسد المزيد من المكاسب المادية من جيوب السوريين، بما يضمن له تمويل آلته العسكرية عالية الكلفة.

 

القصة الكاملة

في التاسع والعشرين من شهر آذار الماضي، اقرَّ مجلس الشعب التابع لنظام الأسد، مشروع قانون تمهيداً لتطبيقه، يقضي برفع رسوم منح وتجديد جوازات السفر على السوريين الموجودين خارج سوريا، وتناقلت وسائل الإعلام الموالية للنظام هذا الاقتراح على نطاقٍ واسع.

بعد صدور هذا القرار بأسابيع، أصدرت قُنصليات النظام في الدول التي تشهد وجوداً كبيراً للسوريين، قراراتٍ مشابهة، تقضي بإيقاف عملية تجديد أو تمديد جوازات السفر، وذلك بشكلٍ متزامن، مع اختلاف الأسباب التي طرحتها كل قُنصلية على حده.

وبينما ذكرت قنصلية اسطنبول على موقعها الرسمي أنه “تم إيقاف العمل بتمديد الجوازات بشكلٍ نهائي”، جاء في بيان قنصلية النظام في عمّان بأنه “تم إيقاف العمل بتمديد الجوازات حتى إشعارٍ آخر”، في حين كانت قنصلية النظام في السودان الأقرب الأكثر وضوحاً في تحديد هدف النظام اللاحق من هذا الإغلاق، حيث قالت في بيانها “إنه تم إيقاف تمديد جوازات السفر للجالية السورية ريثما تصدر التعليمات التنفيذية للقانون الجديد”.

وفي تلك الأثناء سادت موجة تخّوف كبيرة بين السوريين المقيمين خارج البلاد، ولا سيما ممن توقّفت مصالحهم وأعمالهم بسبب هذا القرار، ومما يزيد الطين بلة أن الجوازات الصادرة عن قُنصليات النظام هي الوحيدة المُعترف بها عالمياً حتى الآن، بينما تلقى جوازات السفر الصادرة عن مؤسسات المعارضة السورية اعترافاً محدوداَ من دولٍ لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد.

 

قرار

قبل أيامٍ فقط، حسم نظام الأسد هذا الجدل الناتج عن إيقاف عمل القُنصليات، وأصدر التعليمات التنفيذية للقرار الجديد، وبحسب القرار الذي نشرته وكالة أنباء النظام “سانا”، نصّت المادة “أ” على أنه “يحدد الرسم القنصلي عند منح أو تجديد جواز أو وثيقة سفر للمواطنين السوريين ومن في حكمهم المتواجدين خارج الجمهورية العربية السورية بشكل فوري ومستعجل بمبلغ 800 دولار أمريكي”.

وجاء في المادة “ب” أنه: “يحدد الرسم القنصلي عند منح أو تجديد جواز أو وثيقة سفر للمواطنين السوريين ومن في حكمهم المتواجدين خارج الجمهورية العربية السورية ضمن نظام الدور بمبلغ 300 دولار أمريكي”.

وعادت قُنصليات النظام لتنشر تفاصيل تجديد جوازات السفر ولكن بمبالغ مُرعبة، ليُصبح جواز السفر الذي يصدره نظام الأسد هو الأغلى والأسوأ عالمياً في الوقت نفسه، إذ أنه يتجاوز في سعره جواز السفر الأمريكي والألماني وغيره من جوازات الدول المتقدمة، لكنه بالمقابل لا يحقق لحامله أي مزايا فعلية.

ومع الوقت تبيّن أن النظام تعمّد إيقاف العمل في القُنصليات وعدم الاستئناف بعد صدور القرار الجديد، وذلك بهدف بث القلق لدى السوريين وخشيتهم من عدم قدرتهم على تجديد الجوازات، ليكونوا بالتالي مهيئين لدفع أي رسوم جديدة حين صدورها.

 

 

مكاسب هائلة

وبعد هذه “الأسعار” الجديدة، بات بمقدو نظام الأسد تحقيق مبالغ مادية أكبر من استصدار هذه الجوازات، حيث يبلغ عدد السوريين في دول الجوار أكثر من 5 مليون شخص، وفق آخر إحصاء نشرته “مفوّضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة” بتاريخ 3 آذار الماضي، وهذا الرقم يشمل السوريين في “لبنان، الأردن، تركيا، العراق ومصر” ولا يشمل من هم في الدول الخليجية والدول الأوروبية.

وإذا افترضنا أن نصف هؤلاء يحتاجون لتجديد جوازاتهم بشكلٍ دوري لتسيير أعمالهم وتنقّلهم وتجديد إقامتهم، فإن حوالي 2.5 مليون سوري بحاجة للتجديد، قد يُضطر 500 ألف منهم للتجديد بشكلٍ فوري، بينما يتنظر بانتظام الـ 2 مليون الباقون، ليصبح إجمالي المبلغ الذي يحصل عليه النظام السوري من خلال تجديد هذه الجوازات 6 مليار دولار عن الـ 2 مليون شخص الذين سيجدّدون جوازاتهم بنظام الانتظار، في حين يبلغ مجمل ما يُحصّله النظام من أموال إذا جدّد 500 ألف شخص بشكلٍ فوري، 4 مليار دولار، وفي حال جمعنا كلا الرقمين يُصبح إجمالي المبلغ 10 مليار دولار أمريكي، في كل عملية تجديد تبلغ مدّتها سنتين.

هذه ليست سوى حسابات بسيطة تعتمد على أرقام معلنة، ومنها حصلنا على مقاربة لمكاسب النظام، وأياً كان الرقم فالأكيد أن هذا المورد لن ينضب عند الأسد بمرور السنوات طالما أن معظم اللاجئين استقروا في الخارج.



صدى الشام