مشافي إدلب تحت النار.. وتحذيرات من وقوع كارثة

4 أيار (مايو - ماي)، 2017
7 minutes

كثفت طائرات نظام الأسد وروسيا، خلال الشهر الجاري، من استهدافها للبنى التحية في محافظة إدلب لاسيما المرافق والمنشآت الصحية، فيما يبدو أنه تكرار لسيناريو العمليات التي استهدفت حلب والتي بدأت فيها روسيا معاركها بإخراج كافة المستشفيات والنقاط الطبية عن عملها، والتسبب بأزمة إنسانية خانقة للعسكريين والمدنيين في مناطق المعارضة.

ويعتبر شهر نيسان الحالي هو الأسوأ على الصعيد الطبي لأبناء إدلب وذلك بعد تدمير الطائرات الحربية الروسية لثماني مشافٍ ميدانية بالكامل أبرزها المشفى الوطني لمعرة النعمان، ومشفى الرحمة في خان شيخون، ومشفى الأورينت في كفرنبل، ومشفى عابدين المركزي، ومشفى بلدة معرزيتا، بينما نال ريف حماه الشمالي نصيبه كذلك من هذه العمليات عبر استهداف مشفى اللطامنة الجراحي بعدة غارات جوية بالصواريخ الارتجاجية، وهو ما أدى لاحتراقه بالكامل وخروجه عن الخدمة يوم الخميس الفائت.

هذا الواقع المتدهور للقطاع الصحي دفع مديرية الصحة في إدلب لإعلان الريف الجنوبي خالياً بالكامل من المرافق الطبية، وهو ما يعني حرمان أكثر من 200 ألف مدني من الرعاية الصحية وتهديد حياتهم.

ووفق الناشط الإعلامي في مدينة كفرنبل بلال بيوش فقد خسر ريف إدلب خلال أقل من شهر ما لايقل عن 14 شخصاً من العاملين في القطاع الطبي، بالإضافة لاستشهاد العشرات من المرضى في غرف عملياتهم، واحتراق عدد كبير من سيارات الإسعاف.

وأوضح بيوش في حديثه لـ صدى الشام أن أبرز المستشفيات التي خرجت عن الخدمة مؤخراً كان المشفى المركزي لمدينة معرة النعمان الذي كان يقدّم خدماته لأكثر من مئة ألف نسمة يقطنون المنطقة.

ووصف بيوش الوضع حالياً بالخطير، مضيفاً أن “العمل يقتصر حالياً على عدد من النقاط الطبية الصغيرة التي تؤدي وظائف إسعافية، بينما بات المصابون والمرضى بحاجة لقطع عشرات الكيلومترات للمعاينة وهو ما يضاعف المعاناة”.

 

 

 لماذا المرافق الطبية؟

 القائد العسكري في “جيش العزة” مصطفى معراتي رأى أن “ما يحدث من اعتداء على المرافق الطبية هدفه إخضاع الفصائل والضغط على المدنيين في المنطقة بهدف تهجيرهم كما حدث في حلب تماماً”.

وأوضح معراتي في حديثه الخاص لـ صدى الشام أن إحدى عمليات القصف استهدفت مشفى الرحمة في خان شيخون وذلك بعد ساعات قليلة من مجزرة الكيماوي، ما يشير إلى نية واضحة لدى روسيا والنظام لإيقاع أكبر قدر من الخسائر.

وحول أهداف القصف عسكرياً اعتبر معراتي أن “الحاضنة الشعبية هي العامل الأبرز لدعم المقاتلين، ولذلك يسعى النظام وحلفاؤه لوضع ضغط علينا، وتأليب المدنيين وتهجيرهم من هذه المنطقة تمهيداً لعمليات عسكرية كبيرة قد تجري خلال الأيام القادمة”.

وحذر معراتي من تكرار سيناريو حلب من خلال استمرار الصمت الدولي، ودعا في الوقت ذاته إلى تقديم كافة الدعم الممكن للأطباء للقيام بواجبهم الإنساني.

في السياق ذاته ذكر معراتي أن سبب إصابة المراكز الطبية بشكل مباشر ودقيق خلال الأسابيع الأخيرة رغم تحصينها يأتي نتيجة “تكثيف الطيران الروسي لعمليات الاستطلاع واستخدام صواريخ ارتجاجية حديثة قادرة على اختراق التحصينات الكبيرة”.

من جانبه قال الطبيب محمود ياسين، العامل ضمن الفريق الطبي في مشفى اللطامنة الجراحي، إن ما يحدث مؤخراً يدل على نية النظام في زيادة معاناة المدنيين وتهجيرهم وحرمانهم من حقهم في الرعاية الصحية، وهو “أبرز صور الإجرام وانتهاك حقوق الانسان”.

وأضاف ياسين أن استهداف المشافي هو تهديد واضح للأطباء والكوادر لإجبارهم على الخروج من المنطقة، مضيفاً “لقد تقلصت قدرتنا بشكل كبير على معالجة الجرحى والمرضى وإجراء العمليات، وأصبحنا مضطرين لنقل القسم الأكبر منهم إلى تركيا أو المشافي الحدودية، وهو ما يشكل ضغطاً كبيراً على المقاتلين والمدنيين”.

 

بدائل

وإزاء هذا الواقع، قال ياسين إنه من الصعوبة بمكان توفير منشآت طبية جديدة في ظل القصف، لكن الكوادر الطبية ما زالت تعمل بكامل جهودها في نقاط طبية صغيرة لتلبية الاحتياجات الأساسية، وإجراء الإسعافات الأولية.

وحول إمكانية تدارك الكارثة قبل أن تتكرر مأساة حلب التي بدأت بنفس الطريقة، أوضح ياسين أن الظروف مغايرة لأن أحياء حلب كانت محاصرة بينما الحال في إدلب مختلف، لكنه في الوقت ذاته شدد على خطورة ما يحدث لاسيما مع استمرار الصمت تجاه ما يجري.

من جهة أخرى ذكر ابراهيم اليوسف، أحد عناصر الدفاع المدني في مدينة خان شيخون، أن أقرب نقطة طبية عن المدينة باتت تبعد مسافة لا تقل عن 35كم وهو ما يعرض حياة الجرحى للخطر.

وأوضح اليوسف أن القصف لا يشمل فقط المنشآت الطبية بل يسعى لتعطيل كافة جوانب الحياة المدنية مثل استهداف مراكز الدفاع المدني والمدارس والأسواق.

وناشد اليوسف، في تصريحه، المنظمات المعنية دعم العمل الطبي وتزويد المشافي القريبة بالمستلزمات الطبية والأدوية في مواجهة الضغط الكبير عليها، كما اقترح إنشاء نقاط طبية متنقلة وغرف عمليات قريبة من خطوط الجبهة.

 

تجاهُل

رغم الحملة الشرسة التي تتعرض لها إدلب خلال الآونة الأخيرة، تغيب معاناة أهلها عن وسائل الإعلام العالمية، لتقتصر مظاهر الاهتمام على بيان من الأمم المتحدة التي عبرت عن قلقلها إزاء ما وصف بالتدمير المروع للمرافق الطبية في شمالي سوريا والتي استُهدفت بغارات جوية متكررة.

يذكر أن وزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة كانت قد وجهت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريس”، بشأن القصف الممنهج الذي يقوم به نظام الأسد وروسيا للمشافي والمرافق الطبية، والذي أدى إلى مقتل عدد كبير من الكوادر، وتدمير المعدات والآليات والمباني، وتوقف تلك المؤسسات عن العمل.

وأكدت وزارة الصحة في بيان لها أنه منذ عام 2011 وحتى عام 2015، تم استهداف ما لا يقل عن 70 نقطة طبية واستشهاد 497 بين طبيب وممرض ومسعف، وأشارت الوزارة إلى أن هذه الأرقام زادت في عام 2016، حيث دُمرت 286 نقطة طبية واستشهد 151 من الكوادر الطبية.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]