المخابرات تتدخل بتعيين موظفيها والعمل فيها يحتاج لواسطة.. المنظمات الدولية بمناطق الأسد تعمل كما يحلو للنظام


علي الأمين - خاص السورية نت 

يعد العمل مع المنظمات الدولية، ومؤسسات المجتمع المدني، أو المؤسسات الإعلامية الوافدة مكسباً كبيراً للباحث عن فرص عمل في سوريا.

وتقدم تلك المنظمات دخلاً مرتفعاً بالدولار، قياساً للرواتب الأخرى، وقد يصل الراتب الشهري في بعض الأحيان لـ ألف دولار، وهو ما يعادل راتب موظف حكومي في نظام بشار الأسد لمدة عام كامل.

ويضاف إلى ذلك الاعتقاد السائد لدى الكثير من الشباب، أن هذه المؤسسات تبحث عن الكفاءة بالدرجة الأولى دون النظر للواسطة والمحسوبية التي تسيطر على مؤسسات نظام الأسد الحكومية والخاصة.

لكن واقع تلك المنظمات التي تعمل في مناطق النظام وطريقة عملها شكل صدمة لعدد من الشبان الذي تقدموا بحثاً عن وظيفة فيها.

وتحدث عدد من الشباب لـ"السورية نت" - طلب بعضهم عدم الكشف عن اسمه فيما اختار آخرون أسماءً مستعارة - عن صدمتهم من واقع الكثير من المنظمات الدولية العاملة في مناطق النظام، كونها ترفض توظيف العديد من الشباب لاعتبارات أمنية، في حين يُفرض على تلك المؤسسات أشخاص يتم تزكيتهم من بعض الفروع الأمنية وجزء منهم يعتبر من أقارب بشار الأسد في سوريا.

يؤكد علي الحسن (اسم مستعار) أنه تقدم لوظيفة في الهلال الأحمر وكان يملك الكثير من الكفاءات التي تؤهله لشغلها من خبرة في العمل مع منظمات الإغاثة والتكلم باللغة الإنكليزية بطلاقة، لكنه تفاجأ بأن الوظيفة كانت من نصيب شخص أقل منه كفاءة، يعرف بولائه الكبير لنظام الأسد وعلاقاته مع الأفرع الأمنية، حسبما قال لـ"السورية نت".

وتؤيده نوار علي (اسم مستعار) بنفس الفكرة، قائلةً لـ"السورية نت": "عملت خلال العام الماضي في مكتب منظمة الصحة العالمية في سوريا، وخلال تلك الفترة علمت من زملائي في العمل أن أغلبهم تم تزكيته عن طريق الفروع الأمنية، ونتيجة لذلك فإنهم يحصلون على مكاسب كبيرة من رواتب وترقيات، أما من لديه توجه سياسي لا يتفق مع نظام الأسد فإن فرص العمل تصبح صعبة، وإن حدث ذلك فإن الترقية تصبح معدومة، ويبقى محاصراً من قبل العين التي تلاحقه أينما حط رحاله".

وتبيّن نور أن هناك دراسات أمنية معمقة على كل من يوظف في تلك المنظمات، و"في غالب الحالات يتم الموافقة على الأشخاص المقبولين من الناحية الأمنية"، حسبما قالت.

الحصص الأمنية من المعونات

وليس بعيداً عن العاصمة دمشق، غادرت ليلى حمصي (اسم مستعار) مركز الهلال الأحمر في مدينة أشرفية صحنايا، بعدما وجدت أن المنظمة اجتاحها الفساد بشكل كبير.

وقالت في تصريح لـ"السورية نت": "كنا نعتقد أن هذه المنظمات تمتلك مهنية عالية، لكنها كباقي مؤسسات النظام فإن الفساد يجتاحها كالنار في الهشيم، كون أغلب حصص الإغاثة لا تذهب لأصحابها".

ويوافقها في ذلك زميل لها، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية قائلاً: "قسم كبير من المساعدات الموجهة للمحتاجين تذهب لعناصر الأمن وجيش الأسد أي أن لديهم حصة دائمة من كل معونة تقدم، وهذا ليس فقط في الهلال الأحمر، ولكن في مؤسسات الإغاثة الأخرى".

وزارة الإعلام

وضمن وزارة الإعلام في نظام الأسد هناك شخص يدعى عمار غزالي وهو مسؤول قسم الإعلام التنموي هناك، ويعتمد غزالي على استغلال المنح التي يقدمها برنامج الأمم المتحدة المختلفة، سواء الإنمائي منها أو اليونيسيف واليونسكو، وذلك عبر ترشيح موظفي التلفزيون التابع للنظام والمؤسسات الإعلامية الأخرى لهذه المنح، علماً بأن الورشة موجهة لغير الموظفين.

واللافت ما تحدث به أحد الموظفين داخل وزارة الإعلام لـ"السورية نت"، حيث قال إن "موظفي الأمم المتحدة المكلفين من التحقق بنزاهة الورشات والترشيحات على علم بالموضوع كاملاً"، مؤكداً أنه لفت نظرهم لذلك لكنهم لم يبالوا الموضوع نهائياً.

وأضاف أن الموضوع لا يقف عند الورشات والتدريبات، وإنما يصل إلى التجهيزات التي تذهب إلى تلفزيون النظام ليتم إعادة بيعها لشركات خاصة.

ويوم الثلاثاء 30 أغسطس/ آب 2016 نشرت صحيفة "الغارديان" تحقيقاً كشف عن صفقات بالملايين أبرمتها بعثة المساعدات الأممية مع مقربين من الأسد، وقالت إن الأمم المتحدة منحت صفقات بعشرات الملايين من الدولارات لهؤلاء في إطار برنامج مساعدات إنسانية يرى منتقدون أنه أضحى في قبضة النظام.

واستفادت من هذه الصفقات، حسب "الغارديان"، شركات تخضع لعقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة، وكذا وزارات ومنظمات خيرية، بما فيها منظمة أنشأتها أسماء الأسد، زوجة بشار الأسد، وأخرى أنشأها ابن خاله وصديقه رامي مخلوف.

وتبرر الأمم المتحدة انحيازها للأسد بالقول إنها مجبرة على العمل مع عدد قليل من شركاء رأس النظام بشار الأسد، وإنها تعمل ما بوسعها لضمان إنفاق الأموال في محلها.

واللافت في الفضيحة التي كشفتها الصحيفة البريطانية، أن مسؤلاً أممياً عمل في دمشق، قال إن "فرق الأمم المتحدة العاملة في سوريا كانت تعرف منذ البداية أنه لا حكومة النظام ولا المنظمات، المعتمدة من قبلها للعمل مع الأمم المتحدة، تلتزم بمبادئ العمل الإنساني، أو الاستقلالية والحياد".




المصدر