واشنطن بوست: صراع روسيا وتركيا والولايات المتحدة لإنقاذ سورية، سيبقى صعبًا جدًا


أحمد عيشة

يضغط الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بقوةٍ من أجل حلٍ دبلوماسي للصراع السوري، ويبدو أنّه تفاهم مع تركيا والولايات المتحدة، وهما دولتان تعارضان بشدة أجندة روسيا في الشرق الأوسط، منذ زمنٍ ليس ببعيد.

استقبل بوتين، يوم الأربعاء 3 أيار/ مايو، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مدينة سوتشي الواقعة على البحر الأسود. على مدى أكثر من نصف عقد، طالب أردوغان بصوتٍ عال برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، حليف موسكو القوي الذي يقوم نظامه، مع الطيران الروسي، بدور أساس في حملات القصف. قبل أكثر من عام، اتهم بوتين تركيا بالعمل مع تنظيم “الدولة الإسلامية”، عندما أسقطت القوات التركية طائرةً روسية.

ولكن الآن النظام السوري، يحتل تقريبًا جميع المراكز الحضرية الرئيسة في البلاد، ويتوسع باطراد، ويوّطد سيطرته. لا تظهر أي علامة على أن الصراع الذي أودى بحياة مئات الآلاف من السوريين، وأجبر الملايين على الفرار من ديارهم، سيتوقف، حيث يبدو موقف الأسد آمنًا نسبيًّا.

وهكذا دعا أردوغان، وبوتين معًا إلى تنفيذ “مناطق الفصل/ نزع التوتر” التي من شأنها أن تمنع الاشتباكات المباشرة بين المتمردين، والقوات الحكومية، بينما لا تحمي هذه الترتيبات الجماعات الإسلامية المسلحة، مثل تنظيم “الدولة الإسلامية”، أو “جبهة النصرة” المرتبطة بتنظيم القاعدة.

وقال زميلي أندرو روث: “إنَّ تركيا ستضطلع بدورٍ مهم في أيّ محاولةٍ لخلق مناطق آمنة في سورية لمجموعات المعارضة، والسوريين الذين شردهم القتال المستمر منذ أكثر من ست سنوات”.

تلقى روث نسخةً من اقتراحٍ روسي، قُدّم إلى قادة المتمردين السوريين الذين يحضرون الجولة الأخيرة من محادثات وقف إطلاق النار في “أستانا” عاصمة كازاخستان. وفقًا للوثيقة، قال روث: “اقترحت روسيا حظر استخدام أيّ نوعٍ من الأسلحة في مناطق الفصل، من قبل أطراف النزاع، بما في ذلك طائرات القوات المسلحة السورية”.

وبحسب الوثيقة، ستكون هذه المناطق في محافظة إدلب شمال غرب سورية، وشمال مدينة حمص، والغوطة الشرقية، وهي منطقة تقع خارج دمشق، وفي الجنوب على طول الحدود مع الأردن. وبالنسبة إلى العديد من السوريين المحاصرين، يمكن أن يكون ذلك أمرًا مرحبًا به، لكن النقاد يمكن أن يشيروا إلى أنّه كان هناك وقف لإطلاق النار في سورية من قبل، ولم تتوقف الضربات المستمرة والمتكررة التي قامت بها طائرات الأسد والطائرات الروسية على المناطق المدنية.

ومع ذلك، يبدو أنّ إدارة ترامب تدعم الخطة؛ إذ قال بوتين: “لقد تحدثنا عن ذلك، مع السيد ترامب أمس، يوم الثلاثاء 2 أيار/ مايو” مشيرًا إلى ما وصفه بأنّه اتصالٌ “جيدٌ جدًا” مع الرئيس ترامب، وأضاف “وكما فهمت، فإنّ الإدارة الأميركية تدعم هذه الأفكار”.

واعترف بوتين أيضًا بأنّ الدعم الأميركي سيكون أساسًا لتنفيذ أيّ من هذه المقترحات.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوتشي، روسيا في 3 أيار/ مايو. (صورة بركة ألكسندر زيمليانيتشينكو/ رويترز)

وقال بوتين في مؤتمرٍ صحفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يوم الثلاثاء 2 أيار/ مايو: “إنّ الشعب السوري له أكبر نفوذٍ على الرئيس الاسد، ومن الواضح أنّه منقسم”، وأشار إلى أنّه “من دون مشاركة طرفٍ مثل الولايات المتحدة، فمن المستحيل حلُّ هذه المشاكل حلًا فعالًا”.

ويشير ديفيد إغناطيوس -الكاتب في صحيفة واشنطن بوست- إلى أنَّ غياب ترامب الواضح عن التخطيط في نهاية اللعبة السورية، قد يوّفر لروسيا منفذًا مفيدًا.

وقال إغناطيوس: “قد يكون اقتراح بوتين محاولةً لملء فراغ أيّ استراتيجيةٍ دبلوماسية واضحة، لإدارة ترامب تخص سورية، فبقدر ما أصبح الرئيس الصيني، شي جين بينغ، شريكًا لترامب في التعامل مع كوريا الشمالية، قد يحاول بوتين أن يقوم بدورٍ مماثل في سورية، وستكون فوائد موسكو خفض عزلتها الدبلوماسية، وتحسين صورتها، بعد أنْ قُبض عليها متلبسةً، بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة.”

ولكن على الرغم منْ أنَّ أردوغان، وبوتين، وترامب قد يكونون جميعًا متفقين حول مناطق “الفصل” هذه، إلا أنَّ ذلك لا يعني أنَّ الطريقَ إلى الأمام ستكون أكثرَ سلاسةً.

إنَّ الانقسامات في سورية راسخةٌ وعميقة، ولا يمكن لتعاون القوى العظمى أنْ يفعل الكثير لتهدئة العملية. وكانت قد اعترضت محادثات وقف إطلاق النار عقبةً، يوم الأربعاء 3 أيار/ مايو، عندما علَّق وفدٌ من المتمردين السوريين مشاركته احتجاجًا على الغارات الجوية المستمرة في البلاد على يدِّ قواتٍ موالية للنظام.

والأهم من ذلك، أنَّ الولايات المتحدة وتركيا تواجهان صراعًا متوترًا حول استراتيجية مكافحة “الدولة الإسلامية”. وبحسب الصحافي أمبرين زمان في جريدة المونيتور، فقد أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ووزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، مكالمةً هاتفية “عنيفة” بعد أن استهدفت الطائرات التركية، الوحدات الكردية في شمال شرق سورية، والعراق يوم 25 نيسان/ أبريل؛ ما أسفر عن مقتل 20 مقاتلًا. هذه الوحدات التي تُعرَف اختصارًا بـ YPG، مدعومة من واشنطن، وذات أهمية حاسمة في الحملة ضد “الدولة الإسلامية”، لكن أنقرة تعدّها امتدادًا لحركة التمرد الكردية المسلحة داخل تركيا.

وقال مصدرٌ دبلوماسي لـ “المونيتور”: “في إحدى فترات المحادثة كان تيلرسون يقول: حسنًا، أيًّا كان، لكم طريقكم، ولنا طريقنا”.

يشعر أردوغان وحكومته بالإحباط؛ بسبب استمرار الولايات المتحدة في الاعتماد على الأكراد السوريين في الحملة ضد الرقة، عاصمة الأمر الواقع لتنظيم “الدولة الإسلامية” في سورية.

يقول آرون لوند من مؤسسة القرن: “إنَّ هزيمة اللافتات السوداء التي ترفرف الآن على الرقة، ستُسجَل في كتب التاريخ” وأضاف إنَّ “أردوغان، لا يعتزم السماح لعدوه الكردي، بأنْ يصبح الفارسَ في درعٍ مشرق، بعد أن يقتلَ التنين الجهادي، وينقذ الأميرة الغربية، خصوصًا أنه يُشتبه في أنه قد يتلقى مكافأةً تعادل نصف المملكة السورية.”

وفى مقابلةٍ إذاعية يوم الأربعاء في 3 أيار/ مايو، يبدو أنَّ كبير مستشاري أردوغان إيلنور جيفيك، يهدد القوات الخاصة الأميركية، والمدرعات المنتشرة، إلى جانب الوحدات الكردية السورية، وأضاف: “فجأة، وبالصدفة، يمكن أن تصيبهم بعض الصواريخ”.

كل هذا يعني أنَّ هناك كثيرًا من السباقات والدسائس المقبلة. سيزور أردوغان، البيت الأبيض في وقتٍ لاحق من هذا الشهر؛ ولا بدَّ أنه سيستمتع بمحادثته مع ترامب.

اسم المقالة الأصليThe Russia-Turkey-U.S. tussle to save Syria will still get very messy
الكاتبإسهان ثأرور، Ishaan Tharoor
مكان وتاريخ النشرواشنطن بوست، The Washington Post، 04/05/2017
رابط المقالةhttps://www.washingtonpost.com/news/worldviews/wp/2017/05/04/the-russia-turkey-u-s-tussle-to-save-syria-will-still-get-very-messy/?utm_term=.43918a87c4dd
ترجمةأحمد عيشة



المصدر