‘“جيش الإسلام” يوقف حربه وينسحب من القطاع الأوسط’
6 أيار (مايو - ماي)، 2017
جيرون
أعلن جيش الإسلام انتهاء العملية العسكرية التي بدأها، قبل أسبوع بهدف استئصال (هيئة تحرير الشام)، وأكد في بيان أمس (الجمعة) أن “انتهاء العمليات العسكرية جاء استجابةً لنداءات المؤسسات والفعاليات الثورية والشرعية، وتفاديًا للصدام مع الفصائل الأخرى نتيجة فهمهم الخاطئ لأهداف المعركة، وتجنيبًا لأهالي الغوطة الشرقية من تفاقم العملية العسكرية ومآلاتها”.
وحمّل البيان بقية الفصائل مسؤولية بقاء (هيئة تحرير الشام) وانتشارها في مناطقهم، مشددًا على أن “المسؤولية الشرعية والثورية تفرض على الفصائل ملاحقة فلول (الهيئة) ضمن قطاعاتهم، كي لا يُسمح للغلو والفساد بالوجود مجددًا داخل الغوطة”.
وانسحب جيش الإسلام، الخميس من عربين في الغوطة الشرقية، بعد ساعات من إعلان “الجيش” لها مدينة خالية من عناصر (هيئة تحرير الشام).
قال وائل علوان -الناطق الرسمي باسم فيلق الرحمن- لـ (جيرون): إن “جيش الإسلام أُخرج ولم يخرج بإرادته، وأُوقف عن اعتدائه ولم يتوقف طوعًا، وإنه انسحب من القطاع الأوسط تحت وطأة دعوات ولعنات المدنيين الذين أجرم بحقهم، إلى جانب رصاص مقاتلي فيلق الرحمن الذين استعادوا كافة النقاط التي سيطرَ عليها جيش الإسلام بعد هجوم الجمعة الماضية”.
وقال: “إنْ أراد جيش الإسلام الحفاظ على ما تبقى له من أسهم ثورية وحاضنة شعبية -وهي قليلة جدًا أو معدومة- فعليه أن يسعى لإصلاح كافة تداعيات الاعتداء الأخير، وأولى الخطوات إطلاق سراح الأسرى مدنيين وعسكريين، ومعالجة ملف القتلى لما له من آثار اجتماعية كارثية، إضافة إلى ملف المسروقات من الفصائل والمؤسسات الإغاثية والمجالس المحلية”.
وأوضح علوان أن “انسحاب الجيش من القطاع الأوسط لا يعني، بأي حال، أن المسألة انتهت”، مشيرًا إلى أن “الجيش هُزم عسكريًا، ولا توجد أي ثقة بأنه لن يعاود اعتداءه مرة أخرى، في ظل العقلية التي تقود هذا الفصيل. مَن يقود جيش الإسلام، اليوم، مجموعة من الحمقى والمغفلين يغلبون المصلحة الفصائلية على مصلحة الغوطة والثورة، ويعملون وفق رؤية أمنية ضيقة وسطحية”.
لكن الناطق العسكري لهيئة أركان (جيش الإسلام) حمزة بيرقدار أكد لـ(جيرون) أنه “تم تنفيذ نسبة 75في المئة من الخطة الموضوعة لاستئصال (هيئة تحرير الشام) من الغوطة الشرقية، وقد تراجعنا عن المناطق التي دخلناها بعد أن دحرنا عصابة الهيئة منها، ولم تكن نيتنا السيطرة على تلك المناطق وإنما تنظيفها فحسب من رجس هذه العصابة. الكرة الآن في ملعب إخوتنا في (فيلق الرحمن) بعد أن فرّت فلول العصابة إلى المناطق الخاضعة لسيطرتهم، ليعقدوا العزم على إتمام استئصالها من كافة مناطق وبلدات الغوطة”.
الخلاف لم ينته والثقة مفقودة
أكد الناشط عبيدة الدمشقي لـ (جيرون) أن “جيش الإسلام انسحب من كافة المناطق التي سيطر عليها بعد هجوم الجمعة الماضي؛ بسبب ضغط عسكري كبير من الفيلق والهيئة، وانكفأ إلى معاقله في مسرابا وقطاع دوما، ودارت ليل أمس اشتباكات عنيفة بين الطرفين في المزارع الفاصلة بين مسرابا ومديرة من جهة، ومسرابا وبيت سوا من جهةٍ أخرى، قبل أن يسود الهدوء مع صباح اليوم الجمعة”.
يرى بعض ناشطي الغوطة الشرقية أن انسحاب جيش الإسلام من كافة مناطق القطاع الأوسط؛ جاء نتيجة ضغوط الفاعليات الشعبية والأهلية داخل الغوطة، وخشيته من أن يفقد أي غطاء شعبي، إلى جانب عدم قدرته على التصدي للضغط العسكري من خصومه. في هذا الجانب قال الدمشقي: “أعتقد أن جيش الإسلام انسحب ليثبت بأن هدفه استئصالُ (هيئة تحرير الشام)، ولا يحمل أي نيّة سيئة تجاه الفيلق، هل كان باستطاعته الصمود أمام الهجوم الأخير قبل الانسحاب؟ أعتقد أنه كان بإمكانه ذلك، لكنه يحاول أن يغير من موقف الفيلق ويدفعه للدخول إلى جانبه في المعركة”.
الرأي الغالب داخل الغوطة الشرقية يرجح أن تذهب الأمور إلى تصعيد أكبر من قبل، على الرغم من الهدوء النسبي الذي يخيم على المنطقة، منذ صباح أمس الجمعة، عقب انسحاب جيش الإسلام، وتشير المعلومات الواردة من داخل الغوطة أن الطرفان يتمترسان بمطالب تعجيزية لا يمكن القبول بها.
وأكد الناشط أحمد الدومي لـ (جيرون) أن “الوضع قابل للانفجار في أي لحظة والثقة بين الطرفين معدومة تمامًا، انسحاب الجيش قد يكون مناورةً للعب على الحاضنة الشعبية، بعد موجة السخط ضد الهجوم الذي شنه الجمعة الماضية، ومازال حتى اللحظة مُصرًا على الحسم تجاه (هيئة تحرير الشام) ويشدد على مطلبه بضرورة أن ينزع الفيلق الغطاء عنهم، في حين لا يتنازل الفيلق عن بقاء جيش الإسلام داخل معاقله في دوما ومسرابا، من دون أي تواجد في القطاع الأوسط للغوطة الشرقية، ويرى أن استئصال (الهيئة) لا يتم بعملية عسكرية بل بعملية أمنية تستهدف الفكر وليس العناصر، وهو ما يرفضه الجيش”.
الدومي أوضح بأن قيادة فيلق الرحمن “لا تقبل، بأي حال من الأحوال، أيَّ تواجد لجيش الإسلام داخل القطاع الأوسط، وتعدّ هذا هو الحل الوحيد لأي تفاهم ممكن”، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يهدد بتقسيم حقيقي على أساس مناطقي داخل الغوطة الشرقية، سيكون له انعكاسات كارثية على النسيج الاجتماعي، مضيفًا أن “إصرار الفيلق على ذلك يعني عدم تواجد جيش الإسلام في أي من جبهات العاصمة دمشق، وهذا ما لن يقبله الجيش، ولا سيّما بعد التطورات السياسية الأخيرة، والحديث عن المناطق الآمنة والغوطة جزء منها، وللسبب ذاته سيصر الفيلق على موقفه أكثر؛ لأن الصراع في النهاية هو صراع على السلطة والنفوذ أمام الأطراف الفاعلة إقليميًا ودوليًا”.
واتفق الدمشقي مع ذلك التوصيف مشددًا على أن جيش الإسلام حتى اللحظة لم يُصدر أي بيان يمنع دخول فيلق الرحمن إلى مناطق سيطرة الجيش، ومن ثمّ “أعتقد أن مرحلة الصراع ستطول، وستشتد أكثر في قابل الأيام؛ لأن مسألة استئصال (الهيئة) لم تعد ترتبط بقرار جيش الإسلام فحسب، وإنما باتفاقات دولية، والفيلق يعلم ذلك، وربما تشهد المرحلة اللاحقة للصراع اشتراكًا للفيلق في المعركة بناءً على تدخلات خارجية”.
ملف الغوطة بحاجة لتوافقات إقليمية
هذه التطورات الميدانية جاءت تزامنًا مع تشكيل هيئة مدنية في الغوطة الشرقية، برئاسة نائب رئيس الحكومة المؤقتة أكرم طعمة للدخول وسيطًا بين الأطراف المتنازعة بهدف الوصول إلى حل ينهي صفحة الاقتتال الداخلي، وهو ما شكك به كثير من ناشطي الغوطة لحسابات عدة، أهمها فقدان الثقة بين الطرفين.
في هذا السياق قال الدمشقي: “لن تستطيع اللجنة إنهاء الخلاف الحاصل، لأنه أوسع من حدود الغوطة الشرقية بالمعنى الجغرافي والسياسي، وثانيًا لعدم وجود ثقة بين الطرفين، وهذا سينعكس إلى عدم ثقة الطرفين باللجنة، إذ إن كل طرف سيراها منحازة إلى الطرف للآخر، ونهاية لن تنجز شيئًا، وتجربة العام الماضي تؤكد ذلك”.
وشدد الدمشقي على أنه لا يمكن في الوقت الحالي التوصل إلى حلّ مرضٍ بالاعتماد على العوامل الذاتية المحلية، وقال: “الوضع، بكل تأكيد، بحاجة إلى تدخل خارجي من الأطراف الداعمة لهذه الفصائل كما حصل في مرات سابقة، والوقائع على الأرض تشير أن هذه الأطراف لا تريد التهدئة -على الأقل الآن- وتسعى للتصعيد، تماشيًا مع ما طُرح مؤخرًا في أروقة السياسة الدولية وآخرها أستانا، وأبرز مقرراته الاعتراف بمناطق تخضع لسيطرة المعارضة المعتدلة، مقابل أن تفك تلك المعارضة ارتباطها بـ (هيئة تحرير الشام) وتحاربها إلى جانب محاربة تنظيم داعش، على أنهم فروع الإرهاب في سورية”.
[sociallocker] [/sociallocker]