الإعلام في الثورة السورية … العلاقة والضحايا


عمار خصاونة

“لولا الإعلام لقُضي على الثورة” كان -وما زال- هذا رأي كثير من الناشطين والإعلاميين السوريين، فمِن مرآة الحقيقة إلى الدفاع عن الظلم، تتفاوت الآراء بالمهنية، لكن هناك علاقة وطيدة بين الثورة والإعلام، ولا سيما أن فاتورة تغطية المعارك والأحداث الجارية لم تكن ولن تكون سهلة.

وعن دور الصحافة بالثورة السورية، قال الصحافي السوري علي عيد، رئيس رابطة الصحفيين السوريين لـ (جيرون): “إن هناك نوعين من ممارسة المهنة، يتمثل الأول بصحافة المواطن التي نقلت الواقع في بدايات الثورة، واستمرت في نقل جوانب من هذا الواقع، لكنها شيئًا فشيئًا وقعت في مطبات عديدة، منها عدم قدرتها على مجاراة التحولات السياسية والميدانية، ومنها ما يتعلق بالجانب الحرفي، ومحاولة تقديم ما يحصل بصورة انفعالية”.

وأضاف: “يتمثل النوع الثاني في مجموعة الوسائل الإعلامية من راديو وصحف ومواقع إلكترونية وأقنية تلفزة، وهذه الوسائل لم تستطع بعدُ الوصول إلى المأمول؛ بسبب وجود صراع بين ثلاث لغات هي لغة الممول، ولغة الناس، ولغة الصحافي نفسه أو لغة انتمائه، لذلك فإن مسمّى “إعلام الثورة” هو صيغة غير واقعية، وهذه الصيغة ربما استطاعت أن تكون ناقلاً للحدث، إلا أنها لم تستطع تكوين صورة كلية لحقيقة ما يجري على الأرض، بالتوازي مع عملية تصويب سليمة على ما هو انفعالي وما هو واقعي”.

وعن دور رابطة الصحفيين السوريين في الثورة السورية ودعم الإعلام، قال عيد: “رابطة الصحفيين هي تجربة فريدة في أجواء الحرب والصراع، تجربة تمثل إرادة جمعية لصحفيين يستوعبون مخاطر المستقبل، وضرورات العمل المؤسسي، تساهم الرابطة حاليًا في تأمين الدعم المادي والقانوني للأعضاء الصحفيين، وفي هذا جزء كبير من مسار إخراجهم من حالة الانفعال أو الارتهان إلى خيارات الممول أو رغبات الفرد، ويتعزز هذا بمحاولات التشبيك مع مختلف المؤسسات الناشئة، وعملية صياغة مواثيق مهنية خاصة بالمؤسسات والأفراد”.

وأضاف أن “الرابطة ليست حزبًا أو وسيلة إعلامية، وإنما تجمّع يحمل طموح الوصول إلى كيان نقابي حضاري، يدافع عن مفهوم وقيم الحرية، لا بفرض لغة على الإعلام، بل بتدريج وترسيخ قواعد مهنة وعمل ومبادئ يسير عليها الصحفي، وبناء عليه يتم الدفاع عنه عندما يتعرض لأي ضغط لحرفه عن مبادئه أو لمنعه من التعبير الحر دون انحياز وبوعي”.

يُذكر أن رابطة الصحفيين السوريين تأسست في 2012، وتضم نحو 250 صحفيًا وإعلاميًا سوريًا، ولها شراكات مع منظمات إعلامية دولية، وقد عملت على تنظيم دورات تدريبية لزيادة خبرة الصحفيين والإعلاميين السوريين.

وفي إطار معوقات العمل الصحفي في سورية، قال أديب الحريري، مسؤول لجنة التدريب في رابطة الصحفيين السوريين، لـ (جيرون) بأن أهم العوائق اليوم هو عدم وجود حرية الإعلام، مشيرًا إلى أن غالبية المؤسسات الإعلامية التي تأسست بعد إنطلاق الثورة تتبع بشكل مباشر أو غير مباشر لفصيل عسكري أو جهة سياسية، وتفرض الأخيرة بدورها على الصحفي العامل بالمؤسسة التقيدَ ضمن سياسة الممول أو هذه الجهة.

وذكر الحريري بأن أغلبية الصحفيين السوريين اليوم مرغمين على العمل بمثل هذه المؤسسات لتأمين تكاليف المعيشة، موضحًا بأنه لا يكاد توجد مؤسسة إعلامية اليوم ملتزمة بضوابط وأخلاقيات العمل الصحافي.

ضحايا الحقيقة:

وأفاد الصحافي والحقوقي السوري إبراهيم الحسين، مدير المركز السوري للحريات الصحفية في رابطة الصحفيين لـ (جيرون) أن المركز ومنذ شهر آذار/ مارس 2011 حتى نهاية نيسان/ أبريل 2017 وثق مقتل 404 صحفيين وإعلاميين سوريين، وإصابة 202 من الإعلاميين والصحفيين في تغطية الأحداث الجارية، إضافة إلى 204 صحفيين تعرضوا للخطف أو الاعتقال.

وأكد الحسين أن المؤسسات الإعلامية تعرضت لـ 93 انتهاكًا إضافة إلى انتهاكات أخرى، تعرض لها الصحفيون تقدر بـ 60 انتهاكًا متمثلة في المنع من التغطية أو الضرب أو احتجاز المعدات، مشيرًا إلى أن الصحفيين الأجانب تعرضوا إلى أكثر من 43 انتهاكًا بين خطف وقتل وغيرها في سورية.

وفنّد الحسين الجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، حيث قامت قوات النظام السوري بارتكاب 517 انتهاكًا، بينما ارتكب تنظيم الدولة الإسلامية 104 انتهاكات، وسجل المركز 77 انتهاكًا ارتكبتها فصائل المعارضة المسلحة، إضافة إلى 72 انتهاكًا ارتكبتها ميليشيات pyd فيما ارتكبت جبهة فتح الشام وجيش الفتح 40 انتهاكًا، و30 انتهاكًا ارتكبتها القوات الروسية.




المصدر