‘معركة الرقة ومآلاتها: هل تكون مؤشرًا لصلاحية “قسد”’

7 مايو، 2017

أحمد مظهر سعدو

أوضاع الرقة متحركة بشكل يومي، ومآلاتها متعثرة، ومصائر سكّانها مجهولة وأوضاعهم تسوء باستمرار، فلا الأميركيون والأتراك اتفقوا على كيفية اقتلاع (داعش) منها، ولا الأكراد قادرون وحدهم عبر “قوات سورية الديمقراطية” الانطلاقَ إلى ما بعد الطبقة، والمدنيون يتحملون الموت اليومي، من دون النظر إلى مئات الآلاف منهم ممن لا يملكون إلا حماية القدر.

لا يبدو الاستعجال بإنهاء أوضاع الرقة في الوارد الأميركي، وتخرج الأصوات (الرقاوية) بين الفينة والأخرى منادية بضرورة الوقوف إلى جانب هذا الشعب المقهور قهرًا مزدوجًا، ضمن حالة تساؤل مشروعة، ما تزال تُحلّق في الأفق، مفادها هل يمكن أن تسقط الرقة قريبًا ويُطرد تنظيم (داعش) منها؟ وبالتالي؛ ما تأثير الخلاف التركي – الأميركي حول (قسد) وميليشيات صالح مسلم على حالة الرقة بشكل عام؟ وإذا كانت القوات الأميركية اليوم ترابط قرب الرقة، فهل ينعم الرقاوي بخلاص قريب من كل المصائب التي يواجهها؟

قال الناشط أسيد الموسى من الرقة لـ (جيرون): “الأهم هو الوقوف مع مدنيي الرقة، لذلك لا بدّ من تأمين معبر آمن لإخراج المدنيين، وتحديد أكثر من طريق لذلك بضمانة قوات التحالف، وتجنّب قصف المناطق المأهولة بالسكان من قبل طيران التحالف أو مدفعية (قسد) حتى لو تحصّن بها “الدواعش”، لأن الغاية لا تُبرر الوسيلة، ويمكن إخراج الدواعش من دون قصف، عن طريق الاشتباك المباشر، فسلامة المدنيين أهم من سلامة المقاتلين، لأن المقاتل اختار أن يُضحّي بنفسه ليخلّص المدني من الظلم، وليس من أجل أن يُعرّضه للخطر، كما يجب إعطاء النازحين حرية الحركة في المناطق الخارجة عن سيطرة (داعش) ليتمكنوا من الذهاب إلى أقاربهم أو أماكن أخرى يستطيعون تأمين أنفسهم فيها، ويجب تأمين مخيمات لمن لا يستطيع الذهاب، تحت إشراف هيئة دولية، وتتوافر فيها مقومات الحياة مثل الأغطية والغذاء والطبابة والاتصال، وليس مراكز اعتقال جماعي وإهانة وحرمان وإجبار على التجنيد الاجباري، وأهم من كل ذلك أن يكونوا تحت سيطرة قوة عسكرية محايدة وليس ميليشيات انفصالية”.

وأضاف الموسى “لا بدّ من الأخذ بالحسبان الأخطارَ التي يمكن أن تحدث في حال انهيار سد الفرات والكارثة الإنسانية التي سيتسبب بها، لذلك يجب إنقاذ السد عن طريق إدخال الفرق الفنية والمعدات اللازمة لإصلاحه”.

واستبعد الناشط سقوط الرقة في وقت قريب، وقال: “لا أتوقع سقوط الرقة قريبًا وسريعًا، ليس بسبب قوة (داعش) أو إمكان صمودها، ولكن نتيجة انتظار تنفيذ الخطة لحصار المدينة من كل الأطراف، وعلى جانبي النهر وفي حال تم الحصار الذي يمكن أن يستغرق نحو شهرين من الآن، فإن المعركة إذا طُبّقت فيها قواعد الاشتباك الحالية نفسها، وسط عدم الاكتراث بالمدنيين، ستكون سريعة، لكن سيكون فيها خسائر بشرية ومادية كبيرة بين المدنيين، كون تنظيم الدولة اتخذ منهم دروعًا بشرية، وعلينا إنقاذهم لا تدميرهم”.

وعن الخلاف التركي – الأميركي حول (قسد) قال “هذا الخلاف سيقرره الأميركيون لصالح ميليشيا صالح مسلم، لأن تركيا ومن تعتمد عليهم من فصائل عسكرية مثل (أحرار الشام) هم بديل غير مقبول بالنسبة إلى الأميركيين في الرقة، كونهم يحملون فكرًا إسلاميًا، ولو كان بدرجة أقل تطرفًا من (داعش)، وأتوقع دعمًا أميركيًا لميليشيا صالح مسلم للسيطرة على الرقة وإدارتها، ولن يكون هناك دور تركي في استعادة الرقة، بل تطمينات لتركيا حول حماية حدودها مع سورية عن طريق لجم ميليشيا (قسد)”.

في حديث لـ (جيرون) قال أكرم الخطيب عضو تجمع أبناء الرقة: “الحالة المدنية هي حالة إنسانية بحتة يجب ألا تخضع لقوانين الحروب، إلا أن الرقة ابتُليت بطرفي نزاع لا يمتّون للإنسانية بصلة، تنظيم (داعش) وإجرامه بحق المدنيين غني عن التعريف، والقوة القادمة التي لا يمكن وصفها إلا بقوة احتلال لا تتوانى عن فعل أي انتهاك بحق هؤلاء على حساب تحقيق طموحها، وبحجة أن من تتعامل معهم هم حاضنة (داعش) أو عناصرها” في إشارة إلى (قوات سورية الديمقرطية).

وعن الإجراءات الواجب اتخاذها، قال: “يجب الاعتماد أولًا على فصائل ثورية من أهل المنطقة، عبر علاقة ما مع قوات التحالف في عملية التحرير، لنضمن حسن التعامل مع المدنيين، إضافة إلى فتح ممرات إنسانية على وجه السرعة تضمن خروج الناس بطريقة آمنة، والسماح للمنظمات الإنسانية العاملة بالمنطقة القيام بواجباتها الإغاثية والطبية، وكل ما يلزم لعملية الإيواء الإنساني المؤقت، ريثما يعود الناس إلى منازلهم بعد التحرير”.

وأعرب الخطيب عن تفاؤله بقرب هزيمة (داعش) على الرغم من كل الظروف، وقال “كل المعطيات الراهنة على الأرض تُشير إلى اقتراب هزيمة (داعش) في الرقة في المدى المنظور؛ فانحسار رقعة سيطرتها الجغرافية ضمن أراضي المحافظة، وتقلّصها المستمر دليل على ذلك، إضافة إلى الأنباء الواردة من الرقة، وتفيد بنقل كافة إدارات التنظيم من الرقة إلى الميادين بالتزامن مع مغادرة قيادات الصف الأول، وربما الثاني، للمدينة”.

أما عن العلاقات الأميركية – التركية فرفض تسميتها بالخلافات، وقال: “إنها سياسات دول يصعب التكهن بها، لكن مما لا شكّ فيه أن القصف التركي الأخير لمواقع (قسد) تم بعلم الأميركيين، وتصريحهم بأنهم يدعمون صالح مسلم وقواته في معركتهم ضد (داعش)، وأنهم غير معنيين بمعاركهم مع دول الجوار أي تركيا، قد يكون مؤشرًا على فترة صلاحية معينة لصالح مسلم وقواته، تنتهي مع انتهاء المعركة ضد (داعش)، علمًا أن الأميركيين يُدركون حساسية الموقف بدخول القوات الكردية لمدينة الرقة، إلا أنهم لم يُوفَّقوا إلى الآن بفصيل عربي يُمثّل المنطقة وأهلها يُخرجهم من هذا المأزق، إلا إذا كانوا يضعون في حساباتهم (لواء ثوار الرقة) الموجود ضمن قوات (قسد)، مع أنه مُحاصر قرب ناحية عين عيسى وممنوع من أي تحرك عسكري تجاه المدينة”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]