زواج الفتيات القاصرات…هل ينتهي بالوصول إلى ألمانيا؟


تعتزم ألمانيا إلغاء زيجات اللاجئين القصر، خصوصاً إثر ارتفاع عدد تلك الزيجات بعد موجة اللجوء لأوروبا. خطوة قد تعود بالنفع على ضحايا الزواج المبكر. لكن هل توجد استثناءات؟ وما السبيل إلى الحد من عواقب هذا الزواج؟

في وقت سابق من شهر نيسان/أبريل 2017، وافقت الحكومة الألمانية في برلين على مشروع قانون يحظر زواج القصر في أوساط اللاجئين فى ألمانيا. وطبقا لمشروع القانون المقترح فإنه لا ينبغي أن يتم الزواج رسميا إلا حين يكون كلا الشريكين فوق سن الـ 18. وإلى هذا التاريخ كان بالإمكان الزواج إذا كان أحد الشريكين يبلغ من العمر 16 سنة على الأقل، وإذا وافقت محاكم العائلات على الزواج.

ووفقا لمشروع القانون، يتم إلغاء الزواج الذي يكون فيه عمر أحد الشريكين 16 أو 17 سنة. ومع ذلك توجد استثناءات، خصوصاً إذا أصبح الشريك الأصغر سنا بالغاً وأكد قبوله بالزواج.

ويهدف مشروع القانون الألماني المقترح إلى معالجة ارتفاع عدد حالات زواج المبكر بعد أن جاء أكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا في عام 2015. ووفقاً للإحصاءات الرسمية، فقد بلغ عدد حالات زواج القصر في ألمانيا 1475 حالة في عام 2016. وشملت هذه الحالات 361 حالة لأطفال دون سن الـ 14.

آثار سيئة لزواج القصر

تعرِّف منظمة اليونيسف الأممية زواج الأطفال بأنه أي زواج رسمي أو شراكة زواج غير رسمية يكون فيها أحد الطرفين أو كلاهما دون سن الـ 18.

ووفقا لتصريح لاكشمي سوندارام، المديرة التنفيذية لمنظمة “بنات لا عرائس” (غيرلس نوت برايدس) غير الحكومية، فإن كل عام يتم تزويج 15 مليون فتاة في جميع أنحاء العالم، أي أن فتاة واحدة من كل أربع فتيات يتم تزويجها قبل بلوغهن سن الـ 18. ويوجد حاليا أكثر من 700 مليون أنثى في العالم تم تزويجهن في فترة طفولتهن، في حين يبلغ عدد الذكور الذين تم تزويجهم دون السن القانونية 156 مليونا.

 زواج الأطفال آخذٌ في الارتفاع في سوريا

وتقول سوندارام إن الطفلات العرائس غالبا ما يصبحن حوامل في سن مبكرة، وهذا يمكن أن يكون له عواقب مدمرة، بما في ذلك مضاعفات أثناء الحمل والولادة. “في إطار الزواج، تكون الطفلات العرائس عرضة للاعتداءات الجنسية والجسدية، وغالبا ما لا تكون لديهن القدرة على التفاوض مع أزواجهن. وقد يكون لديهن أيضا شعور منخفض جدا بقيمة الذات “.

Reportage: Kinderehen - ein Phänomen, das auch in Syrien selbst zugenommen hat (DW/G. M. Gafari)في سوريا يزيد عدد حالات زواج القصر

وتوجد أسباب كثيرة تجعل الآباء يزوجون بناتهم في وقت مبكر، كما تقول سوندارام: “السبب الرئيسي هو عدم المساواة بين الجنسين والتصورات (السائدة) حول “قيمة” الفتيات. يتم تزويج الفتيات (في وقت مبكر) لأنه يُنظر إليهن حصرياً كزوجات وأمهات مستقبليات”.

فالوالدان (والمجتمع) لا يعطيان الفتيات القدر نفسه الذي يمنحانه للأولاد الذكور، ولا يريان ضرورة للاستثمار في تعليمهن ولا يعترفان ببدائل الزواج المبكر”. وغالبا ما تلعب التقاليد دورا كبيرا عندما يقرر الوالدان زواج طفلتهما، ويعتقد الكثيرون في المجتمع بصدق أنهما يبذلان قصارى جهدهما لمصلحة الأطفال من خلال تزويج أطفالهم في سن مبكرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الفقر وانعدام الأمن -مثلا أثناء الأزمات الإنسانية- يغذيان هذه الممارسة.

وتقول مونيكا ميشيل -الباحثة في حالات جرائم الشرف في منظمة “تير ديه فام” (أرض النساء) غير الحكومية- إن النساء والفتيات هن دائما أولى ضحايا الأزمات والصراعات العنيفة. وتضيف أنهن “ضعيفات بشكل خاص. كما أن الإحصاءات الواردة من مخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان واليمن تثبت أيضا أن عدد حالات زواج الأطفال آخذ في الارتفاع”. وتشدد قائلةً: “كثير من الرجال الأغنياء الكبار في السن يستخدمون الوضع لشراء الفتيات الصغيرات، وغالبا ما يصبحن زوجاتهم الثانية أو الثالثة”.

وتؤكد لجنة اللاجئات -التي تتخذ من نيويورك مقرا لها- على أن “هشاشة الوضع والصراعات تؤثر على قرارات زواج الأطفال”، وفقا لتقرير صادر عن هذه اللجنة عام 2016 بعنوان “فتاة لا أكثر: تغيُّر أعراف زواج الأطفال في مناطق الصراع”، وأن “الحاجة إلى حماية الفتيات من الاغتصاب وكذلك من وصمة العار الناجمة عن الاغتصاب ومن الحمل خارج الزواج ومن تأثير المجتمعات الأخرى هي عوامل تؤدي إلى تزويج الأطفال”.

 

ووفقا للتقرير، فإن تسعة بلدان -من أصل 10 بلدان هي الأعلى في معدلات زواج الأطفال- تُعتبر بلداناً ذات وضع داخلي هش. وتشمل هذه البلدان: النيجر وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ومالي وبنغلاديش وبوركينا فاسو وغينيا وجنوب السودان وموزامبيق. لكن رغم كون سوريا بلداً ذا وضع داخلي هش، فإن سوريا لا تنتمي إلى أعلى 10 بلدان في نسبة حالات زواج الأطفال. وقال التقرير إن الشابات، وخاصة من المناطق الريفية في سوريا، تحدثن عن حاجة متزايدة لحماية سمعتهن وشرفهن منذ بدء النزوح بسبب الحربـ “وقلنَ إن الشرف والسترة في المجتمع السوري هما اللذان يحددان مستقبلهن، وبالتالي فإنهن وأفراد عائلاتهن يعملون على حماية الشرف خصوصا في فترات عدم الاستقرار”. وبالتالي فإن أولياء الأمور يرون أن الزواج يساعد على حماية شرف بناتهم نظراً لمستقبلهن الغامض كلاجئات.

وفي دراسة لباحثين حول لاجئات في مخيم ناكيفال في أوغندا، أفادت اللاجئات من جمهورية الكونغو الديمقراطية بأن حوادث الاغتصاب في وقت الصراع هي التي تحدد قرارات الزواج. وكتب الباحثون أنه تم تزويج بعض النساء في المخيم من مغتصبيهن، وتم تزويج كثير منهن مبكرا خوفا من عدم تمكنهن من العثور على شريك بعد تعرضهن للعنف الجنسي.

 السبيل إلى الحد من عواقب تزويج القصر

وتدعو لاكشمي سوندارام -من منظمة “فتيات لا عرائس”- بشدة إلى اتباع استراتيجية ذات أربعة محاور لمعالجة زواج الأطفال. وتشتمل هذه الاستراتيجية على تقوية المرأة بشكل مباشر واستنفار العائلات والمجتمعات المحلية، وتوفير التعليم والصحة والعدالة وتنفيذ القوانين ذات الصلة.

وتضيف أنه “وفي جميع الحالات، من المهم أن تركز الجهود -الرامية إلى إنهاء زواج الأطفال- على دعم الفتيات المتزوجات مسبقاً كذلك…وينبغي إنشاء خدمات مناسبة لتلبية احتياجات هؤلاء الفتيات (وأي أطفال قد يكونون لديهن) وضمان أن تبقى أي سياسات متبعة في صميم مصالحهن العليا”.

 

وفيما يتعلق بالقانون الذي يلغي زواج الأطفال (أيضاً في عمر الـ 16 والـ 17) في ألمانيا، رحبت ميشيل -من منظمة “تير دي فام”- بمشروع قانون الحكومة الألمانية الرامي إلى إلغاء جميع الزيجات بين الفتيان والفتيات دون السن القانونية.

ومع ذلك، فهناك مشكلة وهي أنه: “إذا كان هناك فتاة عمرها 16 عاما وتزوجت خارج ألمانيا حين كان عمرها 15 عاما في وقت سفرها إلى ألمانيا فإن زواجها ليس له وضع قانوني في ألمانيا. لكن نخشى من أنه لن يتم إبلاغ مكتب الأطفال والناشئين بهذه الزيجة”، كما تقول ميشيل، مضيفةً “وبالتالي فإن هذا يعرض الأشخاص القاصرين لخطر جميع عواقب مثل هذه الزيجات رغم أن الزواج باطل في ألمانيا”، مشددة على أن “الوالدين هما الذين يجبرون أطفالهم على الزواج”.

 

 



صدى الشام