on
مصطلحات سياسية جديدة تفرزها القضية السورية.. "خفض التصعيد" و"المناطق الآمنة" ما الفرق؟
رغداء زيدان ـ خاص السورية نت
أفرزت الحرب السورية المستمرة منذ أكثر من ست سنوات مجموعة من المصطلحات التي بات المتابع يسمعها هنا وهناك، والتي تستخدمها القوى السياسية العالمية والإعلامية أثناء تناولها لتطورات الأوضاع في سوريا.
ومع محاولات البحث عن حل سياسي للقضية السورية وبسبب تعقد الوضع السوري وتشعباته الإقليمية والدولية والداخلية فإن لكل لفظ معانيه الخاصة وتبعاته السياسية والعسكرية، والتي قد لا ينتبه إليها كثير من السوريين أنفسهم، الذين صِيغت هذه المصطلحات لتختص بقضية بلدهم.
فمن مصطلح "التسوية السياسية" و"الفترة الانتقالية"، ومن بعدها "المناطق الآمنة" و"المناطق العازلة"، إلى "وقف الأعمال العدائية" و"وقف إطلاق النار" ..إلخ برز مؤخراً مصطلح جديد من اختراع الداعم الروسي لنظام الأسد بعد اجتماع "أستانا 4" وهو مصطلح "مناطق خفض التصعيد"، فما طبيعة هذا المصطلح وما الفرق بينه وبين مصطلح "المناطق الآمنة"؟
الفرق بين المصطلحين
تعرف "المنطقة الآمنة" بحسب القانون الدولي فتُفرض بقرار من مجلس الأمن الدولي لحماية مجموعة لا تستطيع حماية نفسها، كما يتم تكليف دولة أو اثنتين بتنفيذ هذا القرار بالقوة، ويمنع تحليق أي طائرات عسكرية حول هذا المكان، لعدم تعرض السكان في هذا المكان للخطر.
وتهدف عملية إنشاء "مناطق آمنة" إلى توفير التدخل الإنساني من خلال ممرات آمنة لحماية مدنيين حقوقهم مهدورة ويتعرضون للتعذيب، من خلال قرار يصدر عن مجلس الأمن بناء على توصيات لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس حقوق الإنسان.
فـ"المنطقة الآمنة" لا يتم فيها إطلاق رصاصة واحدة ويعيش فيها المدنيون بأمان وتتم حمايتهم عبر طرف ثالث بغطاء أممي.
أما "منطقة وقف التصعيد"، فلا تحمل المعنى نفسه، لكنها تعمل على الحدّ من الاشتباكات والحدّ من تحليق الطيران وتخفيض وتيرة العمليات العسكرية.
ولتحقيق ذلك يجب أن يكون هناك حواجز أمنية فاصلة بين طرفي النزاع يتولى أمرها طرف ثالث، كما يتم وضع لجنة مراقبين لوقف التصعيد، وليس لمنعه أو منع حدوثه.
كما أن تلك المناطق لا تشرف عليها الأمم المتحدة، ولا تحتاج لقرار من مجلس الأمن، وهو ما حصل بعد "أستانا 4" حيث تم إقرار تلك المناطق في سوريا بناء على توافق روسي تركي إيراني.
ولإقامة مناطق "خفض التصعيد" اشترطت روسيا عدم تسجيل أي نشاطات عسكرية في مقابل وقف إطلاق النار ووقف تحليق الطيران العسكري في تلك المناطق مع الاستمرار في قتال جبهة "فتح الشام" وتنظيم "الدولة الإسلامية" والفصائل القريبة منهما والتي تطلق عليها وصف الإرهاب.
الدقة في استخدام المصطلح
من جهتها دعت الأمم المتحدة، إلى عدم استخدام مصطلح "مناطق آمنة" فيما يتعلق باتفاق "أستانا 4" مطالبة باستخدام مصطلح "مناطق تخفيف التصعيد".
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة "استيفان دوجريك"، في تصريحات صحفية من مقر المنظمة الأممية في نيويورك، في 6 مايو/ أيار: "الأمم المتحدة لا تستخدم مصطلح مناطق آمنة لأن تجاربنا السابقة في إقامة مناطق آمنة لم تكن تجارب طيبة".
وأضاف: "كانت تجاربنا غير إيجابية عندما أقمنا مناطق آمنة في البوسنة، ولذلك فنحن نستخدم فقط هنا ذات المصطلحات التي استخدمتها الأطراف المعنية باتفاق أستانا".
وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر قرارين "819 و824" عام 1993، قضيا بإنشاء "مناطق آمنة" في جيب سربرنيستا شرقي البوسنة، لكن القوات الصربية اجتاحت تلك المناطق في يوليو/ تموز 1993، وارتكبت مجزرة جماعية أودت بحياة أكثر من 8 آلاف مسلم، وذلك في ظل وجود وحدة هولندية من 400 جندي لم يحركوا ساكناً لوقف المذبحة.
مطالبة الأمم المتحدة بالدقة في استخدام المصطلح تشير إلى عدم قدرتها على تحمل مسؤولية إقراره فضلاً عن تحمل مسؤولية تنفيذه، وهو ما يعني أن يكون التنفيذ بيد روسيا بالدرجة الأولى، وهي الداعم الرئيس لنظام الأسد.
الجدير بالذكر ان المعارضة السورية رفضت هذا الاتفاق ووصفته بأنه "غامض"، ويهدف إلى "تقسيم سوريا".
ودخلت المذكرة الخاصة بإنشاء "مناطق تخفيف التصعيد" في سوريا حيز التنفيذ بحلول منتصف ليل الجمعة – السبت الماضي.
واقتصر اتفاق "أستانا 4" على تحديد أربع مناطق رئيسة في سوريا في محافظة إدلب وشمال حمص والغوطة الشرقية بريف دمشق وجنوب سوريا. وشملت: "كامل محافظات إدلب واللاذقية وحلب، وأجزاء من محافظات حماة وحمص ودرعا والقنيطرة، ومنطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، إضافةً إلى أجزاء من محافظتي درعا والقنيطرة".
ويتم اتخاذ الخطوات لخفض التصعيد هناك من خلال قيام روسيا وتركيا وإيران، بفرض الالتزام بوقف إطلاق النار على جميع الأطراف المتحاربة. كما ستتطلب تلك الخطوات نشر قوات من عدد من الدول المحايدة إلى جانب قوات من الدول الثلاث للفصل بين قوات النظام وفصائل المعارضة المسلحة.