‘البايس: تعرف على أهم 21 جداراً حدودياً تاريخياً في العالم’
10 مايو، 2017
1. جدار الخلاف بين المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية
خلال العقدين الماضيين، توفي حوالي 8000 مهاجر حاولوا عبور هذا الجدار نحو الضفة الأمريكية
على امتداد الحدود الفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، من الممكن العثور على جميع البيئات الممكنة. وفي هذه الحدود، نجد مدنا صاخبة على غرار تيكاتي، ونوغاليس أو رينوسا، وأيضا الصحراء الغامضة التابعة لمدن مثل سونورا وتشيواوا. وعلى امتداد هذه الحدود نجد أيضا ريو غراندي ونهر كولورادو. ويضاف إلى ذلك، استقرار هنود الكومياي في هذه المناطق الحدودية، وأيضا اتخاذ قبائل الهوبي منها ملجأ لهم. كما تمتد في هذه الحدود مصانع سيوداد خواريز.
في الواقع، يمتد جدار المكسيك على ثلث الحدود فقط، أي ما يعادل 1100 كيلومترا. ويبدأ الجدار انطلاقا من المحيط الهادئ في تيخوانا، وينتهي في المحيط الأطلسي في خليج المكسيك. كما يأخذ الجدار شكلا ملتويا، نظرا لعبوره سهولا وهضابا على امتداد حدود كاليفورنيا وأريزونا ونيومكسيكو.
ولبناء هذا الجدار، استعملت الولايات المتحدة الأمريكية قضبان لسكك حديدية، ولوحات يبلغ طولها 15 مترا؛ المعلقة في الرمال منذ نهاية حرب الخليج خلال سنة 1991. وخلال هذه السنة، ثبتت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، خلال عملية تحرير الكويت، العديد من اللوحات الحديدية الضخمة في رمال الصحراء الخليجية لمساعدة الطائرات على الهبوط. وبعد انتهاء حرب الخليج الثانية وقدوم بيل كلينتون إلى السلطة خلال سنة 1993، نقلت اللوحات الحديدية القديمة إلى الحدود الأمريكية المكسيكية عبر الطائرات.
ومنذ ذلك التاريخ، علقت هذه اللوحات الحديدية بشكل عمودي، لفصل البلدين عن بعضهما البعض. وعلى امتداد ثلث آخر من الحدود المكسيكية الأمريكية، يثبت جدار افتراضي مراقب من خلال كاميرات، وأجهزة استشعار حرارية، وأشعة سينية، بالإضافة إلى أكثر من 20 ألف عضو من حرس الحدود. وفي بعض الأحيان، يتم حراسة هذه الحدود بدعم في من طرف ميليشيا مينوتمن، وهي جماعة عنصرية عفوية تتجمع في شكل ميليشيات لحماية الحدود.
أما في الثلث الأخير، فتملك الولايات المتحدة أرخص وسائل المراقبة لتأمين حدودها، والتي تتمثل في صحراء سونورا وتشيواوا، وهي المناطق التي تصل فيها درجات الحرارة إلى حدود 50 درجة مئوية. وفي محاولة لعبور هذه المناطق الصحراوية، توفي حوالي 8000 مهاجر خلال العشرين سنة الماضية.
- آخر حدود الحرب بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية:
تحولت المساحة التي تقدر بحوالي 992 كيلومترا مربعا، والتي لم تطأها أية قدم منذ 64 سنة؛ إلى ملجأ بيئي.
تعد هذه “المنطقة منزوعة السلاح”، الخط الذي يقسم الجزيرة الكورية إلى شمال وجنوب بالتوازي مع خط عرض 38. وتحمل هذه الحدود الاسم الأكثر خداعا وتحيلا في العالم. وعموما، بعد إنشاء هذه المنطقة خلال سنة 1953 تم الإعلان عن وقف إطلاق النار عوض إنهاء حالة الحرب بين الكوريتين، الأمر الذي أدى إلى تشتيت الأسر والممتلكات والطرق. وبذلك، أصبحت هذه الحدود المنطقة التي تشهد أكبر حضور عسكري في العالم.
وبعد مرور 64 سنة على انعدام وجود الإنسان في هذه المنطقة التي تمتد على طول 248 كيلومترا، تحولت المنطقة منزوعة السلاح إلى ملجأ بيئي من دون سابق تخطيط. وفي هذا الملجأ، يمكن العثور على عدة أنواع من الحيوانات النادرة التي لم يسجل ظهور مثلها في أماكن أخرى.
في المقابل، لا زالت الأسوار المكهربة والمثبتة على الحدود، وأكياس الرمل، والسيارات العسكرية، فضلا عن مكبرات الصوت التي ترسل دعاية كل طرف نحو الجانب الآخر من الحدود؛ تذكر بندوب الحرب الباردة بين الطرفين. كما أن هذه المنطقة الحدودية تقسم الجزيرة الكورية إلى عالمين مختلفين. ويتميز العالم الأول، وهو الجزء الشمالي، بسيطرة عقيدة جوتشي، وهو النظام الذي يخضع فيه الزوار والمنتجات الأجنبية لمراقبة صارمة. أما الجزء الجنوبي الرأسمالي، فيتميز باقتصاد أكثر تقدما، كما أن الانترنت في هذا الجزء ذات جودة عالية أكثر من أي مكان آخر في العالم.
من جانب آخر، يخضع الجزء الجنوبي للمنطقة المنزوعة السلاح، إلى نظام المراقبة المدنية، كما أنه يبدو ذو كثافة سكانية منخفضة. وتُهيأ هذه المنطقة استعدادا لإمكانية غزو الجانب الشمالي في أي وقت. وفي هذا الجزء أيضا توجد مناطق على غرار “إيمنجاك”، التي تبعد بضعة كيلومترات على الخط الذي يقسم كلا من الجزء الشمالي والجنوبي.
- 3. الجدار الذي يفصل المهاجرين العالقين في مقدونيا عن اليونان:
حوّل إغلاق هذه الحدود خلال سنة 2016، اليونان إلى “مصيدة” لأكثر من 50 ألف مهاجر
في أواخر سنة 2016، وبمبادرة أطلقتها وزارة الخارجية النمساوية، اجتمعت البلدان الأربعة الممتدة على طريق البلقان، في فيينا وقررت وضع حد لمرور اللاجئين عبر أراضيها، الذين يسعون إلى الوصول إلى شمال ووسط أوروبا. من جانب آخر، أدى إغلاق الحدود المقدونية رسميا يوم 9 آذار/ مارس الماضي، إلى تحويل اليونان إلى “مصيدة” لأكثر من 50 ألف مهاجر. وقد ارتفع هذا الرقم، ليصل إلى حدود 63 ألف مهاجر، بعد مرور سنة تقريبا؛ نظرا لأن عبور المهاجرين لبحر إيجه يعدّ بمثابة حدث يتكرر يوميا.
وقبل إغلاق الحدود المقدونية، كانت بلدة غيفيغليا محطة مهمة من رحلة المهاجرين نحو وسط أو شمال أوروبا، أما الآن فأصبحت شبه خالية منهم. أما بعد إغلاق هذه الحدود، جدت عدة توترات وأعمال عنف، باستعمال الغاز المسيل للدموع لتفريق المهاجرين الراغبين في عبور الحدود. كما أنه بعد مرور أسابيع قليلة على هذا الحصار، انتهت محاولة عبور العديد من المهاجرين للجدار، بوفاة ثلاثة منهم غرقا بسبب الفيضانات التي اجتاحت المنطقة.
من جانب آخر، أدى بناء هذا الجدار العازل إلى نشأة أكبر مخيم لجوء في الهواء الطلق في إيدوميني في اليونان، الذي تمركز فيه حوالي 15 ألف شخص. وفي فترة لاحقة، تم إخلاء المخيم ونقل المهاجرين إلى مراكز الاستقبال التي شيدتها الحكومة اليونانية في جميع أنحاء البلاد.
4.السياج الملغم الذي يقسم الهند وباكستان:
انتهت حرب كشمير الأولى سنة 1948، وأفضت إلى نتائج حاسمة أدت إلى بناء هذا السياج
لقد بدأت المراقبة العسكرية المشددة بين البلدين، على إثر اتفاق سيملا، الذي أبرم بين البلدين خلال تموز/ يوليو سنة 1972. وفي بداية التسعينات، بدأت عملية بناء السياج الحدودي في ولاية جامو وكشمير، ذات الأغلبية المسلمة. وفي مرحلة متقدمة، أي خلال سنة 2000 سرّع الصراع بين البلدين الذي يهدف إلى السيطرة على هذه المنطقة من عملية بناء السياج. وخلال سنة 2004، بلغ طول السياج الفاصل بين الهند وباكستان حوالي 750 كيلومترا.
وتجدر الإشارة إلى أن الصراع بين البلدين بدأ في سنة 1933، عندما أعلنت باكستان أن ولاية جامو وكشمير هما جزء من أراضيها، نظرا للتقارب الديني الذي يجمعهما. وفي سنة 1947، وقّع مهراجا جامو وكشمير، هاري سينغ، وثيقة تقضي بانضمام المنطقتين إلى الهند في أكتوبر/ تشرين الأول سنة 1947، وذلك على إثر استقلال الهند عن بريطانيا. وعلى العموم، انتهت حرب كشمير الأولى في سنة 1948، وتم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وضم ثلثي كشمير، وجامو، ولداخ إلى الهند. ونتيجة لذلك، قسمت العديد من العائلات بين البلدين.
وفي الوقت الحالي، يتكون الجدار من سوريْن كهربائيين، متصلين بشبكة أجهزة استشعار، وأجهزة التصوير الحراري، بالإضافة إلى أجهزة الإضاءة والإنذار. وفي المسافة الصغيرة الفاصلة بين السورين، تمّ إثبات العديد من الألغام الأرضية. ومن جهتها، لا زالت إسلام أباد تعتبر أن جامو وكشمير، أراض محتلة من قبل الهند. أما نيودلهي، فتعتبر أن هذه الأراضي ملك لها.
ومؤخرا، في غرة آذار/ مارس الماضي، وخلال الدورة 34 لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة بجينيف، تراشقت كلا الدولتين التهم، فيما يتعلق بهذه القضية. وخلال هذا اللقاء، اتهم الممثل الدائم للهند لدى الأمم المتحدة، أجيت كومار، باكستان بارتكاب هجمات إرهابية. ومن جهته، اتهم ممثل باكستان، زاهد حامد، الهند بانتهاك حقوق الانسان بشكل منهجي على الحدود الفاصلة بين البلدين.
- الجدار الذي يقسم أفكارا دينية في أيرلندا الشمالية:
بدأ الجيش البريطاني ببناء ما يسمى “بجدران السلام” سنة 1969 وإلى حد يومنا هذا، لا زال حوالي 100 جدار منها، قائما
على الرغم من أن الحاجز يعرف باسم “جدران السلام”، إلا أنه مجرّد وخال من هذه المعاني. فقد بدأ الجيش البريطاني في بناء هذه الجدران خلال سنة 1969، عندما اندلع الصراع الذي شهدته أيرلندا منذ 30 سنة. وكان الهدف منها هو الحد من العنف بين الطوائف الكاثوليكية والبروتستانتية، وفصل أحيائهم عن بعضها البعض.
وعلى امتداد هذه الجدران، توجد تقسيمات متنوعة، إذ نجد جدران قصيرة وأخرى طويلة، كما أن هناك جدران عالية وأخرى منخفضة الارتفاع. وفي نفس سياق التنوع، هناك جدران مبنية بالطوب الأحمر وأخرى مبنية باستعمال المعادن. كما أن هناك جدران تتخللها أبواب مقارنة بنظيراتها.
وفي وقتنا الحالي، بعد حوالي 40 سنة من بناء أول جدار، وبعد مرور 20 سنة على إبرام اتفاق الجمعة العظيمة، الذي أنهى هذه الصراعات الطائفية، لا زال حوالي 100 جدار، قائما إلى حد الآن. وعلى العموم، فإن المعالم الدفاعية سهلة التشييد وصعبة الهدم.
- 6. الجدار المغربي، لإغلاق المرور إلى المنفى الصحراوي:
يمتد الحاجز الرملي على طول 2700 كيلومترا، وقد بني في عهد الملك المغربي، الحسن الثاني
في سنة 1976، تخلت إسبانيا عن مستعمرتها في الصحراء الغربية. وفي مرحلة موالية، تقاسمت كل من المغرب وموريتانيا هذه الأراضي، التي أهملتها إسبانيا. وبعد ذلك، أعلنت جبهة البوليساريو، التي تكونت قبل ثلاثة سنوات بهدف تحقيق استقلال الصحراء الغربية عن إسبانيا؛ الحرب على كلا البلدين. وخلال هذه الفترة، توجه عشرات الآلاف من الصحراويين إلى المنفى في مخيمات تندوف الجزائرية، بالتزامن مع تقدم الجيش المغربي نحو مدن الصحراء الغربية.
على العموم، بدأ الملك المغربي الحسن الثاني في بناء جدار بين المغرب والصحراء في بداية الثمانينات. وبعد عشرة سنوات، خلال سنة 1991، أبرمت جبهة البوليساريو مع المغرب معاهدة سلام تحت رعاية الأمم المتحدة. وفي أعقاب ذلك، اتفق كلا الطرفين على التعاون في تنظيم استفتاء تحديد مصير المنطقة المتنازع عليها. وعلى الرغم من ذلك، لم يكفّ الجدار على النمو.
من جانب آخر، ومع مرور الوقت، أصبحت قضية الصحراء الغربية طي النسيان، ولم يعد المجتمع الدولي يعير أي اهتمام بها. وأمام هذه الظروف، وضعت المغرب الالتزام بالاستفتاء جانبا، واستبدلته بخيار الحكم الذاتي للصحراء الغربية. وفي ظل هذا الوضع، لا زال المنفيون على الجانب الآخر من الجدار يعيشون في ظروف بائسة ويعيشون بفضل الاعتماد المطلق على المساعدات الدولية.
وفي هذه الأيام، يبلغ طول الجدار الفاصل بين المغرب والصحراء الغربية حوالي 2700 كيلومترا، كما أنه لا زال يثير الكثير من الجدل. وفي واقع الأمر، جاء في تصريح لوزارة الاتصال المغربية، لوكالة فرانس برس أن “هذا الجدار الذي بناه الجيش المغربي، ليس جدار فصل”. وأضافت وزارة الاتصال في هذا التصريح أن “هناك منافذ في هذا الجدار، تسمح بعبور الأشخاص”.
وفي نفس هذا السياق، قالت وزارة الاتصال إن “الهدف من بناء هذا الجدار الرملي الدفاعي، هو تحصين المغرب وتعزيز أمنها. كما تهدف هذه الخطوة إلى التصدي لاستخدام الصحراء الغربية كممر للشبكات الإرهابية، ومافيا الاتجار بالأشخاص والمخدرات”.
من جهتها، أكدت مصادر من جبهة البوليساريو أنه “لا وجود لأية منافذ تسمح للشعب الصحراوي بالمرور إلى الصحراء الغربية عبر الجدار”. ونوهت هذه المصادر بأن “هذا العمل العسكري متكون من سبعة جدران”، وهو أيضا “أضخم حاجز من صنع بشري، بعد سور الصين”. بالإضافة إلى ذلك، يشير نفس المصدر التابع لجبهة البوليساريو إلى أن “عدد الألغام المثبتة على طول هذا الجدار يقدر بحوالي سبعة ملايين لغما، وضعت أغلبها من قبل المغرب”.
- خندق الألف كيلومترا بين أفغانستان وباكستان:
رسمت هذه الحدود خلال سنة 1893 على يد البريطانيين، خلال تقسيمهم لهذه المنطقة مع الروس
خلال سنة 1893، كان هذا الخندق بمثابة الخط العازل الثاني الذي رسمته بريطانيا أمام روسيا، التي تقاسمت معها أراضي المنطقة. ومنذ هذا التقسيم، رفض الأفغان الذين تسلّموا الحكم فيما بعد، الاعتراف بهذا التقسيم، واحتجوا ضده. ويعرف هذا التقسيم باسم خطّ دوراند، كما أنه يقسم أراضي البشتون والبلوش، التاريخية إلى نصفين. وعلى الرغم من هذا التقسيم، لا زال كل من أعضاء هذه المجموعة العرقية يعبر حدود الطرف الآخر من دون الحاجة إلى الاستظهار بجواز سفر.
وتجدر الإشارة إلى أن كل شيء قد تغير في هذه الأراضي بحلول سنة 2001، مع تدخل الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف إطاحة نظام طالبان الذي يحمي المتورطين في هجوم 11 أيلول/سبتمبر. وبموجب هذا التدخل، تحولت هذه الحدود إلى الساحة الرئيسية للمعركة ضد مقاتلي طالبان، الذي ينتمي أغلب عناصرهم إلى جماعة البشتون العرقية. وخلال عمليات الجيش الأمريكي، فر أعضاء طالبان الباكستانيين إلى الأراضي الأفغانية. كما أنه تاريخيا، خلال حروب سابقة على الأراضي الأفغانية، فر أعضاء طالبان الأفغانيين إلى الأراضي الباكستانية.
من جانب آخر، في منتصف العقد الثاني، قررت باكستان بناء سياج على امتداد هذا الخندق، إلا أنها تمكنت في نهاية المطاف من بناء 35 كيلومترا فقط، لأن المشروع كان مكلفا للغاية. أما في المنطقة البلوشية، فقد حفر خندق جديد على امتداد 1100 كيلومترا، كما أنه من المتوقع توسعة هذا المشروع ليشمل باقي الخط الحدودي.
- الجدار الذي يعزز الحصار الإسرائيلي على فلسطين، بين قطاع غزة ومصر
لولا الجدار الفاصل بين قطاع غزة ومصر، لما كان الحصار الإسرائيلي على الأراضي المحتلة فعالا بهذا الشكل. فقد تم بناء هذا الجدار خلال سنة 2009، على إثر موافقة القاهرة على هذا القرار، وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية. ويمتد الجدار على طول 12 كيلومترا من الحدود الفاصلة بين مصر والأراضي المحتلة. ويفصل السياج المصنوع من الفولاذ، رفح الفلسطينية عن رفح المصرية.
ومع ذلك، فإن هذا الحصار لم يمنع تواصل المبادلات التجارية بين سكان قطاع غزة والمصريين. وفي ظل هذه الظروف، حُفرت مئات الأنفاق، التي يتميز بعضها بعرض شاسع يسمح بمرور السيارات.
وفي مرحلة من التاريخ، أظهر نظام مبارك تسامحا مع الأنفاق التي تخفف من حدة الحصار على قطاع غزة، إلا أن تل أبيب ضغطت على القاهرة من أجل تدمير هذه الأنفاق. ومن الأدوار التي لعبتها هذه الأنفاق والتي أثارت مخاوف الاحتلال الإسرائيلي، نذكر أنها سمحت بمد حركة حماس بالسلاح. وعلى الرغم من أن مصر أغلقت بعض الأنفاق، إلا أن التدمير الفعلي لهذه الأنفاق لم يدخل حيز التنفيذ الفعلي سوى خلال سنة 2013، في أعقاب الهجوم الدموي ضد عناصر من الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء.
وبعد الهجوم الأخير، قرر المشير السيسي خلق منطقة عازلة ثانية يبلغ طولها أكثر من كيلومترا، تحيط بالجدار السابق. وبموجب هذا القرار دمرت الكثير من المنازل الواقعة في المنطقة الفاصلة بين الجدارين، والتي فاق عددها أكثر من 1000 مسكن. وفي الوقت الذي أحيط فيه الجدار على الجانب الفلسطيني بالعديد من المنازل، لم تنمو على الجانب المصري سوى الأعشاب.
- 9. جدار “نيقوسيا”، الذي يقسم جزيرة قبرص إلى نصفين:
بين سنتي 1974 و2004، كان من الصعب عبور هذا الجدار، إلى غاية انضمام قبرص إلى الاتحاد الأوروبي
أصبحت هذه الجزيرة المتوسطية مقسمة إلى نصفين منذ تمركز الجيش التركي في قبرص خلال سنة 1974. وبموجب هذا التقسيم، استقر القبارصة الأتراك في الجزء الشمالي للجزيرة، بينما استقر القبارصة اليونانيون في باقي الأراضي. وخلال هذا التقسيم عانت الكثير من المجتمعات المحلية من التهميش، ومصادرة الممتلكات، فظلا عن ظهور العديد من حالات الاختفاء التي لا زالت إلى حد الآن مجهولة.
تم منع الاقتراب من هذا الجدار المنيع إلى غاية سنة 2004، السنة التي انضمت فيها قبرص إلى الاتحاد الأوروبي. وبعد فتح ممرات في نيقوسيا، بدأت حكومة قبرص خلال سنة 2007، بهدم جزء الجدار الذي يعبر المدينة. لكن، على الرغم من هذه المبادرة أصبح هذا الصراع مرادفا لمصطلح “النزاع الدولي غير القابل للذوبان”.
من جانب آخر، يمكن لسكان قبرص عبور الجدار الذي يقسم الجزيرة إلى نصفين. وفي المقابل، يبدو أن القرار السياسي المتعلق بإزالة هذا الجدار نهائيا، لم يظهر بعد على خارطة الطريق التي تحددها منظمة الأمم المتحدة.
- كاليه، الحاجز الذي يقف أمام الدعم الإنساني من جانب المملكة المتحدة
بلغت تكلفة الجدار القائم في المدينة الفرنسية حوالي 2.7 مليون يورو. كما يبلغ طول هذا الحاجز كيلومترا واحدا، ويبلغ ارتفاعه حوالي أربعة أمتار.
يتمثل السبب الرئيسي لبناء هذا الجدار من الإسمنت والحديد، بعد استفحال أزمة الهجرة في المنطقة، في منع المهاجرين من العودة كاليه مرة أخرى. في واقع الأمر، كان ما يقع في كاليه بالإضافة إلى الحوادث المخزية التي يشهدها، بمثابة الجحيم الذي يشعل جنة أرض اللجوء، وظاهرا للعلن. وفي ظل هذه الأزمة، أخلت الشرطة الفرنسية كاليه ورحّلت حوالي 3500 شخصا من بينهم نساء، ورجال، وأطفال. وكانت هذه المجموعة تخاطر بحياتها بين الأنقاض والقمامة، على أمل أن تتمكن من عبور الحدود وتصل إلى المملكة المتحدة.
في واقع الأمر، كان العديد من المهاجرين يختبؤون داخل الشاحنات، أو يتنقلون على الأقدام عبر نفق قناة المانش، للوصول إلى دوفر البريطانية. وفي بعض الأحيان، يلقى الشباب الفارون من الجوع والحرب الدامية التي تدور رحاها على الأراضي التي جاؤوا منها، دهسا بالشاحنات. ولتجنب مثل هذه الأحداث، تم بناء هذا الجدار المحيط بأسوار الميناء. وقد بدأ بناء الجدار في أيلول/ سبتمبر الماضي وانتهت عملية البناء في كانون الأول/ ديسمبر الماضي. وبلغت تكلفة المشروع الممول من لندن حوالي 2.7 مليون يورو.
وعلى الرغم من الرقابة الصارمة، إلا أن العديد من المهاجرون لا زالوا يتوافدون إلى المنطقة، خاصة من السودان وأفغانستان. أما الشرطة، فلم تترك لهم أية مجال للبقاء ومواصلة حلمهم، وترافقهم حتى للاستحمام في مراكز الاستقبال، بهدف التأكد من مغادرتهم. ومن المفارقات ومظاهر النفاق، سوف يتمتع سائقو الشاحنات بالمناظر الخلابة التي نُحتت داخل الجدار.
11.الأسوار الحدودية الجنوبية بين المغرب وإسبانيا:
أسوار سبتة ومليلية، أول سياج حدودي أوروبي في التراب المغربي
في الواقع، تعتبر أسوار سبتة ومليلية، التي تغلق الممر الفاصل بين المغرب وإسبانيا كأول سياج حدودي أوروبي على الأراضي الأفريقية، إذ تم تشييدها في التسعينات. في البداية، كان هذا السياج مجرد حاجز بسيط يمكن القفز منه بسهولة، لكن بسبب تدفق الهجرة غير الشرعية في السنوات الأخيرة تم تعزيز بنائه ليصبح أكثر قوة وصلابة.
من جهة أولى، بلغت هذه الضغوطات ذروتها خلال سنة 2014، آنذاك شهدت مدينة مليلية حوالي 22 ألف محاولة اختراق للسياج، بالإضافة إلى توافد أكثر من 2000 مهاجر تمكنوا من عبوره والوصول إلى الجانب الآخر منه.
في هذا الصدد، تمت مضاعفة الحواجز للتصدي لمثل هذه العمليات، لدرجة أن رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي قد تقدم لأوروبا بطلب مراقبة الهجرة. والجدير بالذكر أن هذه العمليات تعود أيضا إلى دور المغرب الحاسم في فتح وغلق السياج وفقا لمصالح البلاد السياسية. إلى جانب ذلك، شهد شهر شباط/فبراير الماضي أيضا المئات من عمليات الاقتحام إلى مدينة سبتة.
من جهة أخرى، يبلغ طول سور مدينة سبتة تقريبا ثمانية كيلومترات. لكن سياج مليلية يعدّ السياج الأكثر امتدادا، والذي شهد على معظم محاولات الاقتحام. كما أنه يحيط بكامل المدينة ويبلغ طوله حوالي 11.5 كيلومترا.
في الحقيقة، هذا السياج هو عبارة عن سياجين اثنين، سياج يتبع المغرب والآخر في التراب الإسباني. إلى جانب ذلك، فإن هذين السياجين هما في الواقع عبارة عن سلسلة تتكون من أكثر من سياجين، نظرا لأن السياج الأول يتكون من سياجين والثاني يتكون من ثلاثة أسوجة، ليصل إلى مجموع خمسة أسوجة.
وتجدر الإشارة إلى أن هدف الأشخاص الذي يرغبون في اقتحام السياج يكمن في وصولهم إلى الأراضي الإسبانية، وهو ما يفترض أن أولئك الأشخاص سوف يخضعون للاستضافة في مركز إقامة مؤقت ليتم إدخالهم فيما بعد في دوامة النظام البيروقراطي. لاحقا، سيتم النظر في إمكانية قبول طلب لجوئهم، ومن ثَم سيقع اتخاذ القرار المناسب إما بقبولهم أو بتغيير وجهته نحو بلدان أخرى.
مع العلم أنه يقع اتخاذ هذه الإجراءات في حال أسعفهم الحظ وتمكنوا من أن يدوسوا على الأراضي الأوروبية. أما إذا ما تترددوا في الدخول إلى الأراضي الأوروبية، فحينها من الممكن أن تعتقلهم السلطات وتسلمهم مجددا إلى السلطات المغربية.
إلى جانب ذلك، فإن كلا السياجين من جهة المغرب يحتويان على مجموعة من الأسلاك الشائكة في أعلى السور، لنصل فيما بعد إلى الأسوجة الثلاث الإسبانية. في الواقع، يصل ارتفاع السياج الأول إلى ستة أمتار، ثم نجد السياج الثاني الذي يحتوي على مجموعة متشابكة من الأسلاك التي من شأنها أن تعرقل عملية المرور. أما السياج الثالث، فهو مائل إلى الداخل وذلك بهدف عرقلة عملية التسلق.
وفي هذا الإطار، تسبب استخدام أسلاك “الكونسرتينا”، وهي نوع من الأسلاك الشائكة المكونة من اللفائف المعدنية، في إثارة جدل واسع، مما أدى إلى إزالته في بعض المقاطع، لكن إلى حد الآن تم الحفاظ على حوالي 2.5 كيلومترا من المسار.
- جدران خرسانية وأبراج، الحياة بين إسرائيل وقطاع غزة
تقريبا 1.8 مليون فلسطيني يخضعون للحصار البري والبحري من قبل الحكومة الإسرائيلية
قام المصور الفوتوغرافي الإسرائيلي روي كوبر، الذي ولد في منطقة كيبوتس بالقرب من قطاع غزة خلال سنة 1956، منذ سنتين بعرض أعماله التي أطلق عليها اسم “حلم غزة” في المتحف الإسرائيلي في القدس. وقبل اندلاع الحرب الأخيرة ببضعة أيام، اصطحب الكاميرا الخاصة به وقام بجولة حول الحدود الخارجية للجيب الساحلي الفلسطيني، حيث قام، على بعد مسافات، بالتقاط سلسلة من الصور التي تعكس الحياة على الجانب الآخر من الحدود.
وبعد مرور 50 يوم على انتهاء عملية الخليل، وهو الصراع الذي أسفر عن مقتل 2250 فلسطينيا، من بينهم 550 طفلا و73 إسرائيليا من بينهم 67 عسكريا، عاد كوبر لإنهاء عمله، لكنه أصيب بالذهول جراء الخراب الذي وجده خلف الجدار. في الواقع، تعكس صور هذا المصور الإسرائيلي بدقة السراب الذي يحوم على قطاع غزة بين الأسوار والجدران الخرسانية والأبراج. مع العلم أن هناك معبر يتخلل هذا السور، وهو معبر ايرز، الخاص بنقل المرضى والمصابين من المدنيين للعلاج.
من جهة أخرى، تبرز في الأفق مبان كبيرة وأحياء حيث يعيش حوالي 1.8 مليون فلسطيني تحت الحصار البري والبحري من قبل إسرائيل لمدة عشر سنوات، وذلك بالتعاون مع مصر. والجدير بالذكر أن هناك مجموعة من الأنفاق الأرضية التي قامت القوات التابعة لحماس بحفرها تحت هذه الجدران الحدودية. وفي الحقيقة، تساهم هذه الأنفاق في اختراق الأراضي الإسرائيلية وبثّ الرعب في صفوف سكان منطقة كيبوتس اليهودية.
بالإضافة إلى ذلك، كان تدمير هذا المتحف الإسرائيلي السبب الرئيسي الذي يسّر لإسرائيل إطلاق العنان للحرب خلال سنة 2014. في المقابل، لا تزال تقريبا نصف هذه الأنفاق تعمل إلى اليوم.
13.السور الحدودي بين الكويت والعراق
سور الكويت، لتعطيل مخططات العراق
يحتوي هذا الحاجز، الذي قامت ببنائه الإمارات بمساعدة الولايات المتحدة، على مجموعة من الأسلاك الشائكة وحفرة كبيرة. في الحقيقة، بعد الغزو العراقي للكويت خلال سنة 1991، أذنت منظمة الأمم المتحدة للإمارات ببناء سياج على طول مئتي كيلومتر مع الحدود العراقية لحماية البلاد من الطموحات الإقليمية لصدام حسين.
وفي هذا الإطار، بفضل مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، التي قامت قواتها بطرد القوات العراقية من هذا البلد النفطي الصغير، تمكنت الكويت من تشييد سياج مكهرب يمتد من ساحل الخليج إلى الحدود مع المملكة العربية السعودية. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن رؤية هذا الحاجز جيدا من خلال الصورة التي التقطت في البلدة الحدودية العراقية أم قصر، فهو محاط بأسلاك شائكة وخندق عميق يبلغ اتساعه حوالي خمسة أمتار. لذلك، ليس هناك داع لوجود أبواب أو معابر في مختلف أجزاء السياج.
في المقابل، عندما أرادت الولايات المتحدة دخول العراق، في آذار/مارس 2003، بهدف معاقبة صدام حسين لاعتقادهم آنذاك بإخفائه لأسلحة الدمار الشامل، حينها لم يكن لديهم خيار سوى اختراق السياج حتى يفسحوا المجال لمرور دباباتهم. في الأثناء، جعلت هذه العملية مراقبي منظمة الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد في حال اندلاع حرب جديدة قادمة لا محالة. وفي العام الموالي، قامت الكويت بإنشاء حاجز حديدي جديد بالتوازي مع السياج القديم لمنع أي تسلل عراقي محتمل.
وبالتالي، كانت هذه العملية الدفاعية التي بادرت بها الكويت، حافزا لجارتها المملكة العربية السعودية، التي عبّرت آنذاك عن عزمها عن فعل الشيء ذاته على حدودها الشمالية، أي من جهة العراق والأردن. وفي هذا الإطار، تم الشروع في تشييد ما يسمى بالسور السعودي العظيم، خلال سنة 2014 تفاديا لتسلل الوحدات الإرهابية لتنظيم الدولة.
14.المجر تتأهب ضد التدفقات البشرية المحتملة من كرواتيا
أقامت الحكومة سلسلة من الأسوار في جنوب شرق البلاد منذ سنة 2015 لمنع مرور اللاجئين
في أواخر صيف سنة 2015، عندما بلغت أزمة الهجرة ذروتها، شرعت دول البلقان، التي يمر من خلالها الآلاف من المهاجرين واللاجئين في طريقهم إلى شمال أوروبا وألمانيا، في مهمة غلق حدودها. حينها، قررت المجر، الدولة التي يرأسها القومي المتعصب الذي لطالما عرف بكرهه للأجانب، فيكتور أوربان، بناء سياج كوسيلة من شأنها أن تساهم في التصدي لتدفق اللاجئين القادمين من بلدان أخرى.
وفي هذا السياق، بادرت المجر بغلق حدودها مع صربيا، ثم كرواتيا إلى جانب رومانيا. ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف هذا البلد عن تشييد الحواجز. مع العلم أن المجر تقع في أوروبا الشرقية وانضمت إلى الإتحاد الأوروبي منذ سنة 2004 ولطالما عرفت بشدة معارضتها لسياسة الهجرة المشتركة.
علاوة على ذلك، وقبل أسابيع قليلة، تم الشروع في بناء السياج الثاني من الأسلاك الشائكة لتطويق المنطقة وسد الثغرات التي لا تزال منفذا لبعض المهاجرين. مع العلم أن أوربان لا يستعمل قط كلمة “لاجئ”، حتى حينما يتعلق الأمر بأولئك الفارين من الحرب والاضطهاد.
بالإضافة إلى بناء الجدران والأسوار على الحدود، قامت السلطات المجرية بتعزيز حماية حدودها وخصصت فريقا من الوحدات الأمنية لمراقبة المنطقة على الحدود مع كرواتيا. من جهة أخرى، أنشأت السلطات المجرية فرقة أمنية خاصة يرتدي أفرادها الزي العسكري النظامي وتقتصر مهمتهم على إلقاء القبض على أي شخص يحاول عبور الحدود.
15.الحدود الشرقية الأوروبية بين بلغاريا وتركيا
قامت أفقر دولة في الاتحاد الأوروبي باستثمار حوالي 122 مليون يورو لتوسيع سياجها الحدودي
تعتبر بلغاريا واحدة من آخر البلدان التي قامت بتشييد سياج ضد الهجرة على الحدود الشرقية لأوروبا. وخلال سنة 2012، عندما دشنت اليونان جدارها الذي يمتد على مسافة 12 كيلومترا بينها وبين الأراضي التركية (حيث يعمل نهر إفروس بمثابة فاصل طبيعي بين البلدين بحوالي 194 كيلومترا)، بدأت بلغاريا في تلقي التدفق المتزايد للاجئين والمهاجرين.
وبالتالي، قررت السلطات البلغارية في مدينة صوفيا النسج على منوال جارتها اليونان من خلال بناء سياج يبلغ ارتفاعه حوالي ثلاثة أمتار على طول 33 كيلومترا على الحدود مع تركيا، والذي تم الانتهاء منه في سنة 2014. وبعد مرور سنة، أعلنت الحكومة البلغارية عن رغبتها في تمديد السياج على طول 130 كيلومترا أخرى من أصل 240 كيلومترا تمتد عليها الحدود البلغارية التركية، وفيما بعد قامت بإضافة 60 كيلومترا أخرى. وتجدر الإشارة إلى أن أفقر دولة في الاتحاد الأوروبي ترى أن إنفاق مبلغ يقدر بحوالي 122 مليون يورو في سبيل تمديد السياج الحدودي يعتبر أرخص بكثير من المليون يورو الذي تدفعه الحكومة شهريا إلى الآلاف من عناصر الأمن التي تقوم بدوريات يومية على الحدود.
وفي المقابل كانت النتيجة بارزة، حيث ساهم بناء السياج في تقليص عدد اللاجئين. وبطبيعة الحال، كان للطريق المؤدية إلى المناطق الحدودية دور فاعل للحد من ظاهرة الهجرة، نظرا لأنها أصبحت أكثر خطورة لأولئك الذين يحاولون دخول البلاد من خلال سلسلة جبال “إسترنكا” أو “Strandzha” ببلغاريا. والجدير بالذكر أن آخر ضحايا هذه المناطق الحدودية يعود إلى تاريخ 6 كانون الثاني/يناير، حيث تم العثور على قتيلين عراقيين بسبب الانخفاض الحاد لدرجة الحرارة، إلى جانب امرأة صومالية لقت حتفها في نفس المنطقة.
- الجدار العازل بين إسرائيل والضفة الغربية
من الواضح أن إسرائيل على وشك أن تصبح مسيّجة من جميع الجهات، باستثناء الواجهة البحرية. فقد قامت بغلق حدودها الشمالية مع لبنان، حيث تعمل الميليشيات الشيعية لحزب الله. كما كانت هذه المنطقة شاهدة على الحرب بين إسرائيل وحزب الله خلال سنة 2006. بالإضافة إلى ذلك، عملت إسرائيل على إغلاق الحدود الواقعة في منطقة هضبة الجولان على الحدود مع سوريا، المنطقة التي يتنازع عليها أتباع النظام والثوار السوريين منذ سنة 2011.
وفي السياق نفسه، وقع غلق الحدود الجنوبية مع مصر، التي تم تسييجها للمرة الأولى في سنة 2013 بهدف الحد من الهجرة السرية، لتقع إعادة تسييجها الآن بسبب تهديد العناصر الإرهابية لتنظيم الدولة المتمركزين في شبه جزيرة سيناء. بالإضافة إلى ذلك، بدأت إسرائيل في إنشاء سياج أمني ضخم على طول الحدود الجنوبية مع الأردن، البلاد التي وقعت معها الدولة اليهودية معاهدة سلام منذ سنة 1994. وفي هذا الإطار، أقامت إسرائيل سياجا حدوديا على امتداد حوالي 240 كيلومترا على حدودها المشتركة مع الأردن.
في المقابل، يعتبر الجدار العازل بين إسرائيل والضفة الغربية الجدار الأكثر أهمية دون أي منازع، فهو عبارة عن سلسلة من الأسوار والقضبان الحديدية، بالإضافة إلى امتدادات كبيرة من الجدران الخرسانية التي تعلوها أبراج مراقبة.
من جهة أخرى، لم يتم تشييد هذا الجدار العازل بين إسرائيل والضفة الغربية بالكامل، فهو لا يزال في حاجة إلى استكمال بنائه، إذ بدأت أشغال تشييده منذ 15 سنة خلال الانتفاضة الثانية، التي تميزت بكثرة المواجهات، وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين الفصائل الفلسطينية والإسرائيلية.
والجدير بالذكر أن هذا الجدار بُني بطريقة مائلة ومتعرجة، وهو ما يعكس سياسة التعسف والإجحاف التي اعتمدتها السلطات الإسرائيلية فضلا عن الممارسات غير القانونية التي شملت عملية بناء الجدار. فعلى سبيل المثال، في بعض المناطق في مدينة بيت لحم، اخترق الجدار حدود المناطق الفلسطينية.
وفي هذا السياق، طغى الجدار الإسرائيلي على أكثر من 10 بالمائة من الأراضي الفلسطينية. في المقابل، أصدرت محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي تقريرا خلال سنة 2004 يقر بعدم شرعية الجدار العازل في المناطق المحتلة.
- أسوار لبنان وفلسطين، حيث يولد ويعيش ويموت الآلاف من الأشخاص
في مخيم اللاجئين في عين الحلوة، 75 ألف شخصا يعيشون داخل 1.5 كيلومترا مربعا
في الحقيقة، بالقرب من مدينة صيدا الواقعة في جنوب لبنان، ينقسم الآلاف من الفلسطينيين بين 11 مخيما للاجئين المقيمين في مخيم عين الحلوة في لبنان. وللوهلة الأولى، يبدو المخيم شبيها جدا بالسجن. وفي الواقع، يحشر داخل هذه المدينة الصغيرة التي تبلغ مساحتها 1.5 كيلومترا مربعا، حوالي 75 ألف شخص في واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم.
في الأثناء، تم بناء الجدار الفاصل بين فلسطين ولبنان خلال سنة 1948، وقد عرف هذا الجانب الحدودي باسم “النكبة” الحدودية، حيث يعيش اللاجؤون والأشخاص المنحدرون من فلسطين محاطين بالأسوار والجدران. إلى جانب ذلك، يتخلل هذا الجدار أربعة معابر تخضع إلى الحراسة المشددة من طرف جنود لبنانيين. كما شهدت هذه الحفرة على تعايش أربعة أجيال، كثمرة للنزوح القسري، وذلك بفضل مساعدة منظمة الأمم المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك شيوخا ولدوا، وعاشوا إلى أن توفّتهم المنيّة بين هذه الجدران. فضلا عن ذلك، تم تقسيم هذا المخيم إلى شقين، وهو ما يعكس الانقسام السياسي نفسه الذي يفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية. وبالتالي، يخضع الجزء العلوي من الشارع لحكم حركة فتح وحلفائها، أما الجهة السفلى فهي تعيش تحت سلطة حماس والجماعات الإسلامية.
من جهة أخرى، تعمل هذه الحواجز سواء القانونية، الاجتماعية أو المادية على نسف حياة حوالي 400 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في هذا البلد الصغير، ويمثلون حوالي 10 بالمائة من مجموع السكان. بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من إدراك الأجيال الجديدة بعدم تمكنهم من اجتياز عائق مسافة 62 كيلومترا الفاصلة بين عين الحلوة وفلسطين، إلا أنهم لا زالوا يقايضون الخطاب المتعلق بحق العودة إلى ديارهم، بالهجرة، التي ربما تبدو أكثر جدوى من عودتهم إلى فلسطين.
علاوة على ذلك، تعلم الأجيال الجديدة جيدا أن السبيل الوحيد لدخول أراضيهم، التي لا يعرفون عنها شيئا سوى عن طريق حديث أجدادهم، يكمن في عبور حوالي 1600 كيلومترا من الحدود التي تفصلهم على الشواطئ الأوروبية. وما إن نجحوا في الوصول إلى هناك، فهم يحلمون بالحصول على جواز سفر يتيح لهم فرصة السفر كسيّاح إلى أرض أجدادهم.
- السياج الفاصل بين المجر وصربيا، كخط دفاعي للمجري فيكتور أوربان ضد صربيا
يبلغ ارتفاع السياج أربعة أمتار على طول 175 كيلومترا، وهو المسؤول عن انقسام كلا البلدين منذ سنة 2015
في 15 كانون الأول/ديسمبر، تغير كل شيء، حيث تم آنذاك إضرام النار في قافلة اللاجئين الذين عبروا بحر إيجه. في ذلك اليوم، أغلقت السلطات المجرية حدودها مع صربيا للحد من تدفق اللاجئين. فضلا عن ذلك، كانت أوامر رئيس الوزراء فيكتور أوربان مثيرة للجدل، ليتم بذلك بناء السياج الحدودي. والجدير بالذكر أن الصحفيين الذين زاروا المخيمات المؤقتة الواقعة في منطقتيْ كانيجزا وهورجوس من جهة صربيا قبل أيام من غلق الحدود، لمسوا الشعور بالأمل الذي شاهدوه في أعين اللاجئين.
لقد كان المهاجرون واللاجؤون، الذين كان معظمهم من سوريا والعراق وأفغانستان، يحاولون عبور الحدود والوصول إلى منطقة روسكي، أول مدينة على الأراضي المجرية. لكن سرعان ما باءت محاولاتهم بالفشل. من جهة أخرى، وصلت هذه القافلة المحملة باللاجئين إلى اليونان عن طريق البحر، حيث تمكنوا من عبور مقدونيا دون توقف، ومن ثم نجحوا في اجتياز صربيا من جنوبها إلى شمالها ليحطوا الرحال من جديد على التراب الأوروبي. لكن للأسف، دون جدوى إذ لم يتمكنوا من اجتياز الحدود إلى أوروبا.
وبعد مرور أيام من قرار أوربان بغلق الحدود، كان المشهد في القرى الصربية الحدودية مثيرا للإحباط. حينها، قرر العديد من اللاجئين تغيير مسارهم نحو كرواتيا. في المقابل، قرر الكثيرون منهم الانتظار على أمل الدخول إلى بودابست.
في الأثناء، بلغت الاضطرابات ذروتها، حيث تركزت بالقرب من الأسلاك الشائكة والأشواك التي شرعت الحكومة في إقامتها خلال فصل الصيف. وفي نهاية سنة 2015، مكن هذا السياج، بارتفاع أربعة أمتار، من تغطية 175 كيلومترا من الحدود بين البلدين.
على إثر ذلك، بعد سنة ونصف تقريبا، وبفضل الخط الدفاعي الثاني الذي كانت المجر بصدد إنشائه، تغير الوضع تماما حيث كان عدد الذين يصلون يوميا إلى المجر من الجهة الشمالية الصربية يناهز 2500 مهاجرا. لكن، يبلغ اليوم متوسط أولئك الذين تمكنوا من اجتياز الحدود، وفقا لما هو مسجل رسميا، حوالي خمسة أشخاص من خلال معبر تومبا، وذلك بحسب معلومات حديثة أوفدتها المنظمة الدولية للهجرة.
- هونغ كونغ والصين: الجدار الفاصل بين الرأسمالية والشيوعية
يعبر العديد من المواطنين الصينيين هذا الجدار يوميا للوصول إلى الجانب الآخر بحثا عن الأجور العالية
في الواقع، مع أكثر من 300 ألف شخص يمرون يوميا بين منطقة شنتشن الصينية وهونغ كونغ، كانت المنطقة الحدودية التي تفصل بين كلا المدينتين، ملاذا للعديد من المواطنين الصينيين الذين كانوا يرغبون في الفرار من بلادهم بحثا عن الحرية التي لا يتمتعون بها في أراضيهم.
بالإضافة إلى ذلك، ظل الآلاف من المواطنين المقيمين في مدينة شنتشن الصينية يعبرون الجسر الواقع فوق نهر اللؤلؤ يوميا للالتحاق بمراكز عملهم أو أخذ أطفالهم إلى المدرسة في واحدة من أهم المراكز المالية في العالم. علاوة على ذلك، لا تفصل هذه الحدود فقط الشيوعية عن الرأسمالية العدوانية، إنما تساهم أيضا في رفع الرقابة المفروضة على بعض المواقع الموجودة على شبكة الانترنت.
وبالإضافة إلى أن هذه المدينة المزدهرة ضمت جملة من ناطحات السحاب، فهي تسعى جاهدة كذلك إلى احتكار المراتب الأولى من بين أكثر الدول المتقدمة في القارة الآسيوية العملاقة. وإلى حد الآن، لا يزال العديد من السكان الصينيين يعبرون هونغ كونغ المجاورة التي لا تزال تجذب الباحثين عن الأجور المرتفعة ونظام تعليمي أكثر صرامة.
- النمسا، من انتقاداتها للسياج الحدودي لجارتها المجر إلى بناء جدارها الخاص
استضافت الحكومة النمساوية حوالي 90 ألف طالب لجوء، لكن أمرت على إثر ذلك، بغلق الحدود مع سلوفينيا
تحولت النمسا في أواخر صيف سنة 2015، إلى بلد عبور مئات الالاف من اللاجئين الذين في طريقهم إلى ألمانيا والسويد. وفي غضون أشهر قليلة، وبعد استقبال حوالي 90 ألف شخص من طالبي اللجوء، دخلت الحكومة النمساوية في منعطف خطير في ظل صعود اليمين المتطرف، وقررت حماية أراضيها.
وفي هذا الصدد، أرسلت الحكومة حوالي 500 جندي إلى منطقة “شبيل فيلد” النمساوية على الحدود مع سلوفينيا. وإلى جانب هذه المراقبة الحدودية، قامت النمسا ببناء سياج يمتد على عدة كيلومترات، وذلك بعد الانتقادات الشديدة التي وجهتها النمسا للمجر عند إقامة سياجها الخاص. فضلا عن ذلك، فإن جدار “شبيل فيلد”، الذي وصفته السلطات التنفيذية النمساوية بأنه “بوابة بتركيبة مجاورة” لينأوا بأنفسهم عن صورة الجدار المجري، قد أدى في نهاية المطاف إلى إغلاق طريق البلقان الجنوبية على اللاجئين.
والجدير بالذكر أنه، إلى اليوم، لا يزال العديد من المهاجرين يحاولون الوصول إلى منطقة “شبيل فيلد” التابعة للنمسا، لكن السياج لا يزال يقف عائقا أمام مواصلة طريقهم. فضلا عن ذلك، تخشى النمسا تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الجدد، مما دفعها إلى تحسين الحدود مع إيطاليا، الذي تم تعليقه الآن بسبب احتجاجات روما، بالإضافة إلى تحسين الحدود مع المجر.
- الجدار الإيراني لقطع طريق تهريب المخدرات
يمتد السياج الذي يفصل إيران عن أفغانستان وباكستان على مدى 2000 كيلومترا
قبل أن يطلق ترامب فكرة بنائه لجدار المكسيك الحدودي، كانت إيران منذ سنوات تعمل على إنشاء حاجز كبير على الحافة الشرقية لمنع دخول المخدرات من جهة أفغانستان وباكستان.
وعلى الرغم من تغير تركيبة هذا الحاجز على مسافة 2000 كيلومترا بسبب التضاريس، إلا أنه يتكون من تركيبة دفاعية ثلاثية. كما يتميز بتركيبة مثيرة للاهتمام، تتمثل في خندق عملاق يصل عمقه إلى حوالي أربعة أمتار وباتساع يصل إلى خمسة أمتار، فضلا عن سياج مزدوج تتخلله مجموعة من الأسلاك الشائكة. وتجدر الإشارة إلى أن المجال الفاصل بين السياج والخندق، تتخلله كمية من الحصى وذلك حتى تتمكن دوريات التفتيش من اقتفاء آثار المتسللين.
علاوة على ذلك، عملت إيران على إقامة سدود مائية، نظرا لأن المهربين اعتادوا على التسلل عبر مجاري الأنهار. مع العلم أنه، على بعد كل بضعة كيلومترات نجد أبراج للمراقبة. ومع ذلك، كان الإيرانيون دائما ما يتعاملون بواقعية فيما يتعلق بقيامهم بهذا المجهود الجبار. وفي هذا الإطار، صرح أحد ضباط الشرطة الإيرانية، عندما زار وفد الصحيفة الحاجز قبل بضع سنوات، قائلا: “حتى وإن شيدنا سور الصين العظيم، سوف يتمكن المهربون من اختراقه، فهذه العقبات لا تسمح لنا سوى بتعطيلهم إلى حين وصولنا في الوقت المناسب”.
وتجدر الإشارة إلى أن إيران، على مدى ثلاثة عقود، فقدت حوالي 4000 عنصرا أمنيا في سبيل مكافحة عصابات المخدرات، على الرغم من أنهم غالبا ما كانوا مرافقين بجيوش صغيرة أو محمّلين بصواريخ مضادة للطائرات، فضلا عن قاذفات القنابل والمدافع الرشاشة.
المادة مترجمة عن صحيفة البايس للإطلاع على المادة الأصلية هنا
[sociallocker] [/sociallocker]