في معتقل دير شميّل .. معتقَلون مَنسيّون والسجّانون نساء


عملَ نظام الأسد خلال سنوات الثورة السورية على إنشاء مواقع ومعسكرات لقواته وميليشاته تشكّل نقاطاً عسكرية يسيطر من خلالها جغرافياً على المناطق المحيطة، كما تستخدم في الوقت ذاته كمراكز اعتقال للمدنيين والمخطوفين السوريين.

ومن بين هذه المراكز يوجد في حماة أكثر من سبعة معتقلات كبيرة لأهالي المدينة والريف، ويعدّ كل من مطار حماة العسكري، ومعتقل دير شميل التابع للمطار ولفرع المخابرات الجوية، من أكبر تلك المعتقلات والسجون.

وتتخذ قيادة اللجان الشعبية والدفاع الوطني في محافظة حماة من معسكر دير شميّل، مقراً لها، ويشرف عليه قادة عسكريون متقاعدون.

 

متعدد الأدوار

يقع المركز على بعد 76 كيلو مترًا من مدينة حماة و20 كيلو متراً من مدينة مصياف، وإلى الجنوب من مدينة سلحب بـ 5 كيلو مترات.

تقدّر مساحة هذا المعسكر بحوالي 150 كيلو متراً، وبداخله ما يقارب 6000 منتسب للدفاع الوطني واللجان الشعبية ومليشيا الدفاع الذاتي التابعة لقوات النظام.

وفضلاً عن كون المعسكر نقطة عسكرية كبيرة فهو كذلك من أكبر مراكز الاعتقال، حيث أنّه يتبع في أوامر اعتقاله للمدنيين إلى المخابرات الجوية في حماة المتواجدة في مطار حماة العسكري، وفيه، بحسب مصادر ميدانية، أكثر من ألفي معتقل من الرجال، ومئات النساء المعتقلات الذين قامت ميليشات النظام باعتقالهم وخطفهم فيما سبق إما لنشاطهم المعارض للنظام، أو بهدف ابتزاز أهاليهم مالياً من أجل دفع فديات قد تكون في غالب الأحيان بملايين الليرات السورية.

ولم تقتصر عمليات الاعتقال فيه على أهالي محافظة حماة وحسب، بل إن بداخله بحسب المصادر، الكثير من معتقلي دمشق وحمص واللاذقية وطرطوس، ولكن لهؤلاء المعتقلين وضع خاص، ذلك أن مصيرهم مجهول ولا أحد يعرف بمكان اعتقالهم أو حتى إن كانوا على قيد الحياة.

 

تعذيب متواصل

 يتحدث هاني، أحد المعتقلين السابقين في معسكر دير شميّل لـ صدى الشام، عن أنواع التعذيب داخل المعسكر، مشيراً إلى أنها “لا تعدّ ولا تحصى، فالتعذيب وصراخ الذين يتعرضون للتعذيب يكاد لا يهدأ صباح مساء، ويتناوب الشبيحة في هذه المهمة مدفوعين بحقد طائفي تجاه المعتقلين”، ويضيف: “هناك سجّانات من النساء يشرفن على تعذيب الرجال في غالب الأحيان، والمشرفة على تلك السجّانات تدعى خولة خليل، وهناك أيضاً الملازم أول ناريمان فهد الكباش، التي يطلق عليها الجنود قاهرة الرجال، وقد كانت مسؤولة المداهمات في ريف حماة الشرقي وفي بعض أحياء مدينة حماة، ليتم نقلها فيما بعد وترقيتها لاستلام قسم التحقيق للنساء والرجال في دير شميّل، ولتستلم مهام التعذيب بشكل كامل داخل المعسكر، ولتصبح أحد أهم قيادات ومسؤولي هذا المعسكر وهذا المعتقل الضخم.

 

 

واحد من مئات المعتقلات السرية

 يخرُج العديد من المعتقلين من معتقل دير شميّل جثثاً هامدة عقب موتهم تحت التعذيب، ليتم رميهم على أطرف بلدة دير شميل، كما يتّبع السجانون هناك، في بعض الأحيان، طريقة للقتل عبر الحَقن بإبرٍ مملوءَة بالهواء، بالإضافة إلى موت الكثير من المعتقلين شهرياً جراء الجوع والمرض الذي يفتك بأجسادهم بسبب عدم تأهيل تلك السجون.

ويحوي مركز دير شميّل على صالات كبيرة يُجمع بداخلها كافة المعتقلين، حيث يشبه في تصميم معتقلاته سجن مطار مزّة العسكري الذي يعد المركز الرئيس لفرع المخابرات الجوية في سوريا، وهو أكبر وأضخم معتقل فيها.

ويشير المعتقل السابق هاني، إلى أن هذا المعتقل هو واحد من مئات المعتقلات السرية والمنسية في سوريا، “فالعالم بأكمله لم يلتفت يوماً إلى هذا المعتقل وما يحوي بداخله من وحوش بشرية تفتك بأجساد المعتقلين بشكل يومي، ولا أحد يسمع أنين وصرخات المعتقلات النساء التي تتعالى تحت الضرب والإذلال كل ليلة”.

ويؤكد هاني ضرورة لفت الأنظار إلى هذا المعتقل، والبحث عن المعتقلات السرية الأخرى والعمل على كشف تلك السجون أمام العالم، فجميع نقاط النظام العسكرية تتجاوز دورها كتجمّعات لعناصره، وتحوي بداخلها معتقلات للمدنيين، أو مراكز للخطف والقتل كما هو الحال في دير شميّل.

 

مركز للمخطوفين

 “رامي العامر” ناشط إعلامي في حماة، أفاد بأن عشرات المعتقلين يتم نقلهم شهرياً من سجن المخابرات الجوية الموجود في مطار حماة العسكري إلى معسكر دير شميّل، ومنهم من يجري تحويله إلى دمشق فيما يتم ترك آخرين داخل ذلك المعسكر.

ولفت العامر إلى أن كبار ضباط النظام في حماة يشرفون على عمليات الخطف والقتل التي تعاني منها مدينة حماة في الآونة الأخيرة، حيث يتم نقل معظم المخطوفين من أبناء المدينة إلى دير شميّل، بإشراف عصابات المخابرات الجوية كعصابة علي الشلّة، وطلال الدقاق، ومن ثم تتم المساومة للإفراج عنهم مقابل فديات مالية كبيرة جداً.

وأضاف أن معظم عناصر هذا المعسكر يتقاضون رواتبهم الشهرية من عمليات الخطف، ومن السرقة والنهب لسيارات وممتلكات المدنيين من مدينة حماة.

يشار إلى أنّ معسكر دير شميل كان فيما سبق معسكراً لطلبة اتحاد شبيبة الثورة، تقام فيه دورات تأهيل عسكرية لطلبة المرحلة الثانوية، وبعد بدء الثورة السورية تم تحويله إلى معتقل يعد من أكبر معتقلات النظام في سوريا.



صدى الشام