المساعدات الأممية في حلب… للمواطن الفتات ونصيب الأسد إلى مخازن التجار وشبيحة طرطوس


محمود المصطفى: المصدر

على الرغم من وجود العديد من الجمعيات الإغاثية في مناطق سيطرة النظام بمدينة حلب، إلا أن جمعية (الإحسان) هي المسيطرة على توزيع الإغاثة في المدينة، وكافة الجمعيات الإغاثية تتبع لها تنظيمياً وإداريا.

وتتخذ جمعية الإحسان من حي الجميلية مقراً لها، ولها عدة فروع في مدينة حلب، متعاقدة مع عدة مستشفيات، منها الرازي والجامعة وغيرها، كما أنها جمعية أهلية مرخصة من قبل النظام وتشرف على توزيع الإغاثة الإنسانية المقدمة من قبل منظمة (الفاو) الدولية، ومن المستغرب أن الجمعية هي المرجعية الأولى في مدينة حلب لجميع لجان الإغاثة والجمعيات بما فيها (جمعية التآلف، جمعية العطاء، وغيرها).

ويستشري في جمعية الإحسان الفساد وتجارة المساعدات الإنسانية، وخاصة لتجار محددين، من بينهم “فايز دعبول”، وذلك ضمن اتفاق مع رئيس مجلس إدارة الجمعية “عمار قباني”، حيث يتم بيع حصص المساعدات الإنسانية لهؤلاء التجار.

وقال “علاء معاز”، وهو نازح من حي الميسر ممن خرجوا من الأحياء الشرقية لمدينة حلب بعد تعرضها للحصار من قبل قوات النظام والميليشيات الموالية لها، “أضطر لبيع المساعدات الإنسانية التي أحصل عليها عن طريق جمعية الإحسان لأحد التجار المتعاقدين مع الجمعية، والذي يملك مستودعاً لبيع المواد الغذائية بالقرب من فندق الأمير في مدينة حلب، نتيجة اضطراري لشراء دواء لابني المريض الذي يبلغ من العمر ست سنوات، فهو بحاجة لتغيير الدم كل أسبوعين”.

وأضاف في حديث لـ (المصدر)، “حصلت على ست مساعدات إنسانية مقدمة من منظمة (الفاو) عبر جمعية الإحسان، وبالنسبة لي استطعت الحصول على هذه المساعدات، ولكن الكثيرون ممن هم مسجلون لدى الجمعية لم يحصلوا على أية مساعدات إنسانية، وذلك بعد تهرب المسؤولين في الجمعية عن الإجابة، وغالباً ما يكون السبب توصيات من قبل أفرع الأمن”.

وتنتشر ظاهرة بيع المساعدات الإنسانية في حلب، وذلك لأسباب كثيرة قد تضطر المستفيدين منها لبيعها من أجل تلبية احتياجات خاصة لمن لديهم مرضى في أفراد العائلة، الأمر الذي يستغله تجار المواد الغذائية خصوصاً في أسواق المدينة، وتباع الحصة بمبلغ يتراوح بين 4000 و6000 ليرة سورية، بحسب ما تحتويها تلك المساعدات، والتي تشمل المنظفات، والقليل من يحصل عليها.

وقال أحد العاملين في الجمعية، “سالم.ع”: “توقفت عن العمل لعدة أيام عند اكتشاف قيام رئيس مجلس إدارة الجمعية “عمار قباني” ببيع حصص من المساعدات الإنسانية لتاجر في منطقة الفيض في مدينة حلب يدعى فايز دعبول، حيث أن جداول أسماء المستفيدين تقدم مع زيادة بنسبة 15 في المئة”.
وأضاف في حديث لـ (المصدر): “يقوم بشراء تلك المساعدات وبعد ذلك تبدأ مرحلة جديدة، وهي تغيير أغلفة المنتجات، وحتى تعبئتها في أكياس جديدة، ليتم بعد ذلك طرحها في الأسواق وبأسعار غالباً ما تكون مرتفعة، وبعد طرحها في الأسواق لن يستطيع المشتري تمييزها فيما إذا كانت تلك المواد الغذائية مساعدات إنسانية أم لا”.

جمعية الإحسان والتي تتخذ من منطقة الشهباء الجديدة مقراً لها، ولديها العديد من الفروع في مدينة حلب، تمارس الكثير من النشاطات الغير معلنة والمشبوهة في ظل إدارتها من قبل الأفرع الأمنية.

وساهمت الجمعية بمساعدة أفرع الأمن في حلب بعد خروج كتائب على اعتقال العشرات من المدنيين، وذلك بعد قيام المدنيين بتسجيل استمارات للاستفادة من المساعدات الإنسانية المقدمة من قبل منظمة الأغذية العالمية (الفاو)، فالجمعية ترفع جميع الاستمارات للأفرع الأمنية التي تقوم بدورها باعتقال المدنيين عن طريق العناوين المسجلة ضمن ملفاتهم.

وتبقى جمعية الإحسان الخيرية التنموية هي المسيطرة على الوضع الإغاثي في مدينة حلب، وذلك بتسهيل من قبل الأفرع الأمنية في المدينة.

الحلبيون جائعون ونصيبها إلى شبيحة طرطوس

وفي الوقت الذي يعاني في الحلبيين ككل السوريين من شحّ المساعدات، وشبه انعدامٍ للدخل مقارنةً بالاحتياجات، أعلنت مؤسسة تدعي بأنها “خيرية” وتجاهر بولائها لنظام بشار الأسد بأنها حصلت على مبلغ ثلاثة ملايين ليرة سورية من تجار وصناعيي حلب، بداعي دعم ذوي القتلى والجرحى من عناصر ميليشيا الدفاع الوطني (الشبيحة) في طرطوس.

وتحدّث مروان كنجو، رئيس مجلس أمناء المؤسسة في طرطوس عن أهمية مشروعه الذي يستفيد منه شبيحة طرطوس متعهداً بتقديم المزيد من الدعم بما يخدم ملفي القتلى والجرحى. في حين أثنى قائد مركز الدفاع الوطني في طرطوس على هذه المبادرة لـ “التخفيف من الضغط المادي عن ذوي الشهداء والجرحى”، بحسب مصادر موالية؟.

وتركز مؤسسة “سورية قلب واحد” نشاطاتها على دعم القوات المساندة لقوات النظام، وتطلق مشاريعاً متكررة لجمع التبرعات لذوي قتلاهم.

المشروع الأخير، الذي حصد ثلاثة ملايين ليرة من تجار حلب، نسي أن أطفال حلب ما زالوا يتضورون جوعاً، وأن من نهب خيرات عاصمة سوريا الاقتصادية، وباعتراف إعلاميي النظام، أتوا من طرطوس والساحل، ونهبوا كل ما أمكنهم من المدينة ومنازل فقرائها.

وتعيش المدينة المنكوبة أياماً هي الأصعب على فقرائها الذين عادوا إلى منازل مهدمة أخليت من كلّ ما فيها، وبث الإعلام الموالي للنظام والإعلام الروسي في الآونة الأخيرة تجمهر الناس حول سيارات توزيع المساعدات التي تصل بالقطّارة إلى المدينة.





المصدر