عشر سنوات من العذاب في سجون النظام السوري... المعاون أول قيس منذر عاد جثة!

عشر سنوات من العذاب في سجون النظام السوري انتهت قبل ايام. فتح باب الزنزانة 601 وخرج المعاون أول في قوى الامن الداخلي قيس منذر ليعود الى وطنه لبنان، لكن، ويا للأسف، جسداً بلا روح. ابن ضهر الأحمر أراد زيارة شقيقته في سوريا، من دون ان يتوقع ان رحلته ستطول بعد تغيير مسارها على الحدود، حيث أوقفه حاجز النظام السوري في منطقة المصنع في 22 كانون الثاني 2007، بتهمة التعامل مع اسرائيل. نقل الى فرع فلسطين ثم سجن صيدنايا فسجن دمشق المركزي، سنة ونصف السنة من دون ان تعلم عائلته عنه شيئا، حتى ارسلت الشرطة القضائية اللبنانية برقية الى النظام السوري فكان جوابها انه موجود لديها. رحيل مفاجئ منذ ست سنوات سمح لأهل منذر (52 عاماً) بزيارته بعد نقله الى سجن دمشق المركزي في منطقة عدرا، وبحسب ما قاله شقيقه عمار لـ "النهار": " قبل اسبوعين من وفاته زارته شقيقتي، كانت صحته جيدة ومعنوياته مرتفعة، وقبل اسبوع اتصلت به ابنته، لتتبلغ شقيقتي يوم السبت الماضي من ادارة السجن انه اصيب بذبحة قلبية، نقل الى احد المستشفيات لحين تسلمنا الجثة، نحن من تواصلنا مع الجانب السوري لنقله الى لبنان اذ لم تهتم دولتنا لامره، انهينا الاجراءات مع الصليب الاحمر، وعند وصول جثمانه اتصلنا بالقوى الامنية التي حضرت وسطرت محضرا بالقضية". العتب كبير "عبر جسد منذر الحدود من دون أي سؤال من العناصر على الحواجز، كأن الأمر لا يتعلق بجثة"، بحسب ما قاله عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي خضر الغضبان لـ"النهار" الذي استغرب "الغياب اللافت للدولة بكل أجهزتها عن مأتم الفقيد على الرغم من انه معاون اول بها، حتى القضاء العسكري ووزارة العدل لم يحركا ساكناً، وكأنه ليس مواطناً لبنانياً وابن الدولة". ولفت "نريد ان تأخذ العدالة مجراها، لمعرفة سبب الوفاة، مع العلم ان اهل قيس طلبوا طبيباً شرعياً، ننتظر تقريره، لكن الكدمات والجروح بادية على جسده". عتب عائلة منذر على الدولة اللبنانية التي لم تجرِ تأبيناً رسمياً لابنها الوالد لشابين وفتاتين شدد عليه عمار، مجيباً عن اتهام قيس بالعمالة لاسرائيل بأن "لا علاقة لنا باتهامات النظام السوري، سجله العدلي في لبنان نظيف، مخابرات الجيش اكدت ان لا شيء عليه". اما الغضبان فأكد ان "مراسلات عدة وجهتها الدولة اللبنانية الى النظام السوري للحصول على وثائق وتفاصيل حول قضية منذر من دون الاجابة عن اي منها، اخرها كان في العام 2010"، مضيفاً ان "إجرام النظام السوري معروف وتهم العمالة جاهزة لديه، ورغم انه أكبر عميل لاسرائيل في المنطقة يريد توزيع شهادات بالوطنية، نضع المسؤولية على الدولة ونطالبها بفتح تحقيق لمعرفة ملابسات قضيته فلا أرواح الناس ولا كرامتهم لعبة عند أحد". واحد من مئات المعتقلين رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية علي ابو الدهن اعتبر في حديث لـ "النهار" أن "وفاة منذر تأكيد على وجود معتقلين في السجون السورية، وتكذيب لهذه الدولة التي تنكر دائما هذه القضية. ومع هذا دولتنا اللبنانية تكذبنا نحن على الرغم من اننا شهود احياء كنا في المعتقلات السورية، وكجمعية وثقنا 620 معتقلاً لا يزالون يقبعون في السجون السورية من دون ان نعلم ان كانوا احياء ام امواتا". انتهت رحلة عذاب منذر، رحل قبل أن يحضن أبناءه، وقبل ان تحضنه والدته الثمانينية التي طالما انتظرت عودته لتبرد ناراً تأججت في قلبها منذ ان غاب عنها، ها هو الآن يرقد تحت تراب بلدته، قريباً من احبائه. وبعد موته لعائلته طلب وحيد من دولته، وهو بحسب عمار "ان لا تعرقل حصول ابنائها على تعويضه، كما حصل عند ايقاف راتبه، قبل ان تعاود دفع نصفه نتيجة تدخل وساطات".