on
نيو يورك تايمز: خطة سورية جديرة بالتمعن
أحمد عيشة
سوريون في درعا يوم الثلاثاء. محمد أبازيد/ وكالة الصحافة الفرنسية -صور جيتي
بعد ست سنواتٍ، ومقتل نحو 400 ألف شخص، غالبًا أيّ خطةٍ لإنهاء المجزرة في سورية، أو الحد منها، ستكون موضعَ ترحيب؛ وبناء على ذلك، فإن إدارة ترامب، ستُعدّ مقصرةً، إذا لم تولِ اهتمامًا جدّيًا لخطة وقف إطلاق النار، والمناطق الآمنة التي توسطت فيها روسيا، بدعمٍ من تركيا وإيران.
تتضمن الخطة عيوبًا، ويمكن للرئيس ترامب أنْ يزيد الوضع سوءًا، إذا كان متحمسًا جدًا، بحيث لا يتفق مع صديقه السابق، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يهتم أكثر من غيره بتأمين شرعيته الخاصة، والمصالح الروسية في الشرق الأوسط.
إنّ سورية ستكون محورَ الاهتمام الرئيس، عندما يلتقي وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، بوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، يوم الأربعاء 10 أيار/ مايو.
في الوقت نفسه، أعلنت إدارة ترامب، يوم الثلاثاء 9 أيار/ مايو، أنها ستزود الأكراد السوريين، قرب الحدود التركية، بالأسلحة الثقيلة، حتى يتمكنوا من المساعدة في استعادة الرقة من الدولة الإسلامية. وبمثل باراك أوباما من قبله؛ فقد واجه السيد ترامب خيارًا، بين تسليح الأكراد السوريين -وهي خطوةٌ عارضتها تركيا بشدة- وعدم تسليحهم، وبالتالي إضعاف المعركة ضد داعش. كان الأكراد من بين الحلفاء الأميركيين الأكثر فاعليةً في الحرب ضد الدولة الإسلامية، لكنَّ تركيا تعدّهم حلفاء للانفصاليين الأكراد داخل تركيا.
ومن غير الواضح كيف تعتزم الإدارة تجنّب ردّة فعلٍ عنيف من تركيا، أو الأخذ بالحسبان إن كان هذا القرار سيؤثر، بشكل ما، على اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ، في منتصف ليلة الجمعة 5 أيار/ مايو، حيث تعهدت كلّ من روسيا، وتركيا، وإيران -بموجب الاتفاق- بوقف إطلاق النار بين الحكومة السورية، وقوات المعارضة، في محافظة إدلب، وجزءٍ من محافظة حمص، وضواحي الغوطة حول دمشق، وأجزاءٍ من المحافظات الجنوبية من سورية.
وستسمح الخطة للسوريين النازحين، أو المحاصَرين بالانتقال إلى المناطق الآمنة المعينة التي ما تزال تحت سيطرة متمردين غير تابعين لتنظيم الدولة الإسلامية، وتمكين وصول المساعدات إلى نحو 4.5 مليون شخصٍ معرّضين للخطر. كما تدعو جميع الأطراف إلى محاربة الجهاديين، مثل تنظيم الدولة الإسلامية، والجماعة المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تُعرَف باسم جبهة النصرة.
كانت حالات وقف إطلاق النار السابقة قصيرةَ الأجل؛ وقد أدّت الصفقة الجديدة إلى خفض القتال، ولكنه لم يتوقف بالكامل؛ ففي يوم الأحد 7 أيار/ مايو، استعاد جيش الرئيس بشار الأسد الذي وافقت حكومته على وقف إطلاق النار سيطرتَه على قرية الزلاقيات شمال حماة، كما أعلن أحدُ مراقبي الحرب.
رفضت جماعات المعارضة السورية -ومعظمها من المسلمين السُّنة، بما في ذلك بعض الفصائل المدعومة من الولايات المتحدة- الصفقةَ؛ لأنها لا تملك ثقة كبيرة بأنَّ روسيا وإيران يمكن أنْ تُلزمَا الأسد بالوفاء بوعده لوقف ذبح المدنيين، إضافةً إلى أنهم يعترضون على دور إيران، وهي دولةٌ مسلمة شيعية، لها علاقة دينية بطائفة الأسد العلوية.
ضمان الامتثال هو قضية كبيرة؛ فقد أفادت الأنباء بأنَّ المفاوض الروسي في المحادثات، ألكسندر لافرنتييف، قال لوسائل الإعلام الروسية: إنَّ موسكو تستطيع “العمل بشكلٍ أوثق” مع الدول التي تدعم المتمردين، بما في ذلك الولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية. وأشارت تقاريرٌ أخرى إلى أنَّ روسيا، وتركيا، وإيران، يمكن أنْ تُرسل قواتٍ مسلحة لتأمين المناطق.
وقال وزير الدفاع، جيم ماتيس، في كوبنهاغن، يوم الإثنين 8 أيار/ مايو، في اجتماع للتحالف المناهض لتنظيم داعش: إنَّ الولايات المتحدة مَدينةٌ للشعب السوري بأنْ تلقي نظرةً فاحصة على الاتفاق، لكنه أكدَّ على العديد من التساؤلات، بما في ذلك إمكانية أن يكون الاتفاق فعالًا.
وعلى الرغم من أنَّ الرئيس ترامب أثار فكرة المناطق الآمنة خلال الحملة، لكن وزارة الدفاع عارضتها منذ فترةٍ طويلة؛ لأنها يمكن أنْ تؤدي إلى التزامٍ جديد من القوات الأميركية في حرب أهلية فوضوية.
إنَّ تقسيم سورية إلى قطاعين، بين الحكومة، والمتمردين -ولو كان مؤقتًا كما هو الحال في هذا الاتفاق- ليس أمرًا مثاليًا. وآخر شيءٍ تحتاجه المنطقة هو دولةٌ أخرى محطمة، ولكنْ بعد سنواتٍ من المحاولات غير المثمرة لإنهاء القتل، وإيجاد حلٍّ سياسيّ شامل، يمكنه من استبدال الأسد بحكومةٍ أكثر تشاركية، قد يكون التقسيم السبيلَ الوحيد لوقف سفك الدماء.
اسم المقال الأصلي | A Syrian Plan Worth a Look |
الكاتب | هيئة التحرير، The Editorial Board |
مكان وتاريخ النشر | نيو يورك تايمز، The New York Times، 09/05/2017 |
رابط المقالة | https://www.nytimes.com/2017/05/09/opinion/a-syrian-plan-worth-a-look.html?_r=0 |
ترجمة | أحمد عيشة |
المصدر