حزب الشعب الديمقراطي السوري: اتفاقية (أستانة) مفخخةٌ بالألغام


فؤاد الصافي: المصدر

حذّر حزب الشعب الديمقراطي السوري من اتفاقية (مناطق خفض التوتر)، وأكد على ضرورة إيجاد قوةٍ معارضةٍ صلبةٍ ثابتة، تحمل هموم الشعب وأهداف الثورة، وتسهم في إبقاء أهداف الثورة مطروحة على طاولات المفاوضات لدى كل الأطراف.

وجاء ذلك في بيان للحزب، نشره الأربعاء 10 أيار/مايو، قال فيه إن روسيا تعتقد أن اتفاق (مناطق خفض التوتر) الذي تم توقيعه في أستانة، باتت ورقة لتكريس إمساكها بالمسألة السورية، وهو ما ظهر من خلال سلوكها هي والنظام خلال الأيام الأخيرة، بهدف نسف مسار جنيف والانقلاب عليه، وإعطاء مظلة دولية للاتفاق عبر طرح موسكو مشروعا في مجلس الأمن الدولي حوله.

وأردف بأن روسيا “تسعى لمحاصرة مناطق تخفيف التوتر بقوات إيرانية وأخرى للنظام، وفتح معابر خاضعة لسيطرة الأخير، ووضع يده على تشكيل المجالس المحلية. بما يقطع الطريق على فكرة إقامة (مناطق آمنة) لطالما طالبت بها المعارضة السورية”.

وعبّر الحزب من خلال بيانه عن خشيته أن تصبح الاتفاقية وسيلة لتقطيع سوريا إلى أربعة قطاعات جغرافية يتحكم بها الضامنون، بينما يتحكم النظام بـ “سورية المفيدة” التي لطالما اعتبرها مؤيدو النظام المنطقة الأهم في سوريا.

ويرى الحزب أن الاتفاق حوّل المسألة السورية إلى صراع بين نظام ومتمردين، وحرب بين وكلاء قوى إقليمية ودولية، وأبعد تحقيق فكرة تغيير النظام بعملية سياسية، وحوّل أولويات السوريين إلى وقف إطلاق نار غير مشروط بعملية الانتقال السياسي.

نص البيان كاملاً

حزب الشعب الديمقراطي السوري

   الهيئة القيادية المؤقتة

بيان

اتفاقية أستانة المفخخة بالألغام

في الرابع من أيار الجاري خرج مؤتمر أستانة 4 باتفاقية تفاهم لإنشاء ” مناطق خفض التوتر ” في سورية، وقّعتها كل من روسيا وتركيا وإيران، وأثار هذا التفاهم الثلاثي الكثير من التساؤلات حول فرصه ومخاطره. إذ تعتقد روسيا أن الاتفاقية باتت ورقة لتكريس إمساكها بالمسألة السورية، وهو ما ظهر من خلال سلوكها هي وسلطة آل الأسد خلال الأيام الأخيرة، بهدف نسف مسار جنيف والانقلاب عليه، وإعطاء مظلة دولية للاتفاق عبر طرح موسكو مشروعا في مجلس الأمن الدولي حوله. في حين أنها تسعى لمحاصرة مناطق تخفيف التوتر بقوات إيرانية وأخرى للنظام، وفتح معابر خاضعة لسيطرة الأخير، ووضع يده على تشكيل المجالس المحلية. بما يقطع الطريق على فكرة إقامة ” مناطق آمنة ” لطالما طالبت بها المعارضة السورية.

ولم يأبه الاتفاق بكل إجراءات بناء الثقة لتي طُرحت في مؤتمرات جنيف وفيينا وغيرها، كما لم يتضمن أي تعهد بتطبيق القرارات الدولية ذات الشأن حول سورية. ونخشى أن تصبح الاتفاقية وسيلة لتقطيع سورية إلى أربعة قطاعات جغرافية يتحكم بها الضامنون، بينما تتحكم سلطة آل الأسد بـ ” سورية المفيدة ” التي لطالما اعتبرها مؤيدو النظام المنطقة الأهم في سورية.

وفي الغالب سيسيطر على هذه القطاعات عسكريون من قادة فصائل المعارضة المسلّحة من جهة، أو ميليشيات النظام وقواته العسكرية من جهة أخرى، ما يعني إطلاق يد العسكر وأمراء الحرب من الطرفين، للتحكم بهذه المناطق، وبدخول المساعدات لها، وتحرك البشر، وفرض القوانين، ما يساهم بشكل كبير في تعميق المآسي الإنسانية في سورية.

لقد أظهرت التجارب السابقة، بشأن الممرات الإنسانية في سورية، أن مبادرات الانتقال والنزوح يمكن استغلالها تماما في إحراز تقدم عسكري بدلا من تحقيق هدف إنساني، ويمكن أن تصبح ذريعة لتبرير عمليات القصف المتواصلة والمتزايدة للمناطق التي تسيطر عليها جماعات المعارضة المسلحة.

ويبدو أن موسكو تريد إعطاء الانطباع بوجود عملية سياسية جارية تقودها، بهدف إجهاض أية محاولة لفك قبضتها على المسألة السورية، بينما يستمر تحالف النظام وإيران وروسيا في محاولة ضرب المعارضة على الأرض. كما تريد قطع الطريق على أي تغيير في السياسة الأميركية، وخصوصا بعد أن أبدت واشنطن استعدادها لاستخدام القوة ضد النظام السوري، بعد استهدافه خان شيخون بالسلاح الكيماوي.

وبالرغم من اعتبار وقف استخدام سلطة آل الأسد لسلاح الطيران وللأسلحة الثقيلة في تلك المناطق الأربع أمراً إيجابياً، وضرورياً، فإن السوريين يريدونه على كل الأراضي السورية.

ومع ذلك، لا تبدو فرص نجاح التهدئة أفضل مما كانت عليه سابقا، فكل العوامل التي أدت إلى فشل الاتفاقات السابقة، لا تزال قائمة، إذ ما زال جزء من معسكر حلفاء النظام يؤمن بإمكانية الانتصار عسكريا، ويتخذ من الاتفاقات المتكررة غطاء لتحقيق هذا الهدف، عبر قضم مناطق أكثر، وتفريغها من سكانها وتجميع المعارضين في إدلب، أملا بتصفيتهم في مرحلة لاحقة.

إننا في حزب الشعب الديمقراطي السوري نرى أن الاتفاق حوّل المسألة السورية إلى صراع بين نظام ومتمردين، وحرب بين وكلاء قوى إقليمية ودولية، وأبعد تحقيق فكرة تغيير النظام بعملية سياسية، وحوّل أولويات السوريين إلى وقف إطلاق نار غير مشروط بعملية الانتقال السياسي.

صحيح أن مفاتيح حل القضية السورية باتت بيد أطراف خارجية، إقليمية ودولية، بسبب ضعف كيانات المعارضة العسكرية والسياسية وتشتتها وارتهانها، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية الدعوة إلى ضرورة إيجاد قوة معارضة صلبة ثابتة، تحمل هموم الشعب وأهداف الثورة، وهذا أمر يسهم في إبقاء أهداف الثورة مطروحة على طاولات المفاوضات لدى كل الأطراف.





المصدر