on
نيو يورك تايمز: بعد أن تعهد ترامب بتسليح الأكراد السوريين، الخطوة التالية هي باتجاه أردوغان
أحمد عيشة
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يخاطب أعضاء حزبه الحاكم في أنقرة هذا الشهر. المكتب الصحفي في الرئاسة التركية.
خسر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أولَّ معركةٍ سياسية كبيرة له، مع إدارة ترامب التي تسلّح الأكرادَ السوريين الذين يعدّهم الأتراك أعداءً لهم. والسؤال الآن هو ما الذي سيقوم به السيد أردوغان، وهو زعيمٌ عنيد، بعد ذل؟
اتخذ البيت الأبيض هذه الخطوة لتسليح المقاتلين الأكراد، على الرغم من الاعتراضات الصاخبة من تركيا، لأنه يعدّهم وكيلًا عسكريًا فعالًا في المعركة ضد الدولة الإسلامية.
ولكن القيام بذلك له كلفته؛ فإغضاب تركيا يثير مخاطر قطع علاقاتٍ مع حليفٍ مهم في حلف شمال الأطلسي الذي تغازله روسيا، ويمكن أنْ يكون له تأثيرٌ، لا يمكن التنبؤ به، في المعركة ضد الدولة الإسلامية، والحروب في سورية، والعراق.
وقد ظلَّ السيد أردوغان ومساعدوه يحذّرون لشهورٍ من اتخاذ إجراءاتٍ أكثر عدوانية، وإن لم تكن محددةً، ضد المسلحين الأكراد، وإن كان ذلك في معقل مختلف، في العراق. ويقول المحللون: إنَّ مثل هذه الخطة، من شأنها أنْ تكون مترابطةً استراتيجيًا.
في يوم الأربعاء 10 أيار/ مايو، أضاف رئيس وزراء أردوغان، بن علي يلديرم، تحذيرًا آخر، من أنَّ تسليح الأكراد يمكن أنْ يكون له “عواقب” بالنسبة إلى الولايات المتحدة و “نتيجةً سلبية”. ولم يدخل في التفاصيل، متوعدًا بأنَّ السيد أردوغان سيبحث التفاصيل، عندما يجتمع بالرئيس ترامب، في البيت الأبيض الأسبوع المقبل.
وانتقد السيد أردوغان بشدةٍ قرارَ إدارة ترامب، في تصريحاتٍ نقلتها وسائل الإعلام التركية، وأعرب عن أمله في “أن يتم نقضها في أقرب وقتٍ ممكن”.
ويعتقد محللون أنَّ السيد أردوغان يمكن أنْ يسعى الآن للحصول على تسويةٍ، في مقابل ابتلاع القرار الأميركي، بالعمل عن كثبٍ مع الأكراد في سورية.
في المقابل، يمكن للسيد أردوغان أنْ يسعى للحصول على ضوءٍ أخضر أميركي للتدخل القوي ضد أعداء تركيا في العراق (حزب العمال الكردستاني).
وقال الخبراء إنّه على الغالب ستزيد تركيا من عمليات القصف الدورية على المسلحين، وقال سونر كاغابتاي الخبير التركي، في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: إنَّ الأتراك يمكنهم في أقصى الحالات تنسيق عمليةٍ برية، على الأرجح، تقوم بها القوات الكردية المتنافسة والصديقة لتركيا.
على مدى عقود، قاتل حزب العمال الكردستاني، في فتراتٍ متقطعة، داخل تركيا بمساعدة قواعده في شمالي العراق، وكانت الجماعة تنسق مؤخرًا مع الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، وهي قوةٌ أخرى تعدّها تركيا بمنزلة تهديدٍ لها.
وقال أرون شتاين المتخصص في الشؤون التركية، في مركز أبحاث مجلس الأطلسي في واشنطن: “إنني أتجه إلى تصديق خطاب الرئيس التركي”، وأضاف: “إذا استمر بإخبار الجميع أنَّ بإمكانه القيام بشيءٍ في العراق، فإنني أميلُ إلى الاعتقاد أنه يستطيع أنْ يفعل شيئًا في العراق.”
وقال عددٌ من المحللين: إنَّ الضربات في العراق ستحقق بعض الأهداف التركية، وفي حين أنها لن تفعل شيئًا يُذكر لمنع توطيد مناطق الحكم الذاتي الكردية داخل شمال شرق سورية، فإنها ستعزل تلك الكانتونات عن المناطق الكردية في العراق، ويمكنها أنْ تمنع الأكراد من توسيع سلطتهم في المنطقة، وربما من تعزيز الحركة القومية الكردية داخل تركيا، وهو قلق أردوغان في نهاية المطاف، وكذلك ستجعل من الصعب على إيران، وهي منافسٌ على التحكم في المنطقة حيث وكلاؤها أو عملاؤها تربطهم علاقاتٌ ودية مع حزب العمال الكردستاني، للحفاظ على ممرٍ مستمر من النفوذ، يمتد من طهران عبر العراق وشمال سورية، إلى البحر الأبيض المتوسط.
وتأكيدًا على تعقيد التحالفات في المنطقة، فإنَّ حزب العمال الكردستاني هو منظمةٌ أمّ للشريك الرسمي السوري الجديد للأميركيين، وقد استغلت الجماعة السورية المعروفة باسم “الاتحاد الديمقراطي الكردستاني”، فوضى الحرب من أجل إقامة مناطق شبه مستقلة، بحكم الأمر الواقع داخل سورية.
السيد أردوغان “يمكن أن يتعايش مع الاتحاد الديمقراطي الكردستاني في شمال سورية”، كما قال جيمس جيفري، السفير الأميركي السابق في تركيا، لكنه “لا يمكن أن يتعايش مع دويلة له، تدعمها الولايات المتحدة، وترتبط بإيران”.
ويقول محللون: إنَّ تركيا يمكن أنْ تتحرك ضد حزب العمال الكردستاني، حول جبل سنجار في شمال العراق. ويشعر المسؤولون الأتراك بالقلق من أنَّ الجماعة تحاول إقامة مقرٍ جديد هناك، يمكن أنْ يمنحها السيطرة على طريقٍ استراتيجي بين سورية وإيران. (المقر الرئيس الحالي للمجموعة موجود في جبال قنديل، في جزء آخر من شمال العراق).
جنود أميركيون، يرافقهم مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية، يقودون سيارات مدرعة في شمال سورية، قرب الحدود مع تركيا، في نيسان/ أبريل. ديليل سليمان/ وكالة الصحافة الفرنسية -صور جيتي
أعلن السيد أردوغان، الشهر الماضي، أنَّ تركيا مضطرةٌ إلى مواصلة مهاجمة حزب العمال الكردستاني، في جبل سنجار “حتى يُقضى على آخر الإرهابيين”.
وأضاف السيد كاغابتاي: “إنهم سيفعلون كل ما بوسعهم القيام به لإخراجه، قبل أن تصبح المقارّ الثانية لحزب العمال”.
وقال كاغابتاي -وهو تركيٌ- بعد إعلان إدارة ترامب عن تسليح الأكراد السوريين: “أعتقد أن هذا يمكن أنْ يكون أساسًا لاتفاق ترامب–أردوغان”. “أردوغان ينظر إلى الطريق الآخر، بينما يتحرك ترامب لاستعادة الرقة” مع الأكراد السوريين، في حين أنَّ السيد ترامب ينظر إلى الطريق الآخر، أو حتى يساعد من وراء الكواليس، حيث يضرب السيد أردوغان في العراق.
هناك تناقضٌ مركزي يعرقل العلاقات بين الولايات المتحدة، وتركيا، وهو أنّه في الوقت الذي تتفق فيه الولايات المتحدة، مع أنقرة على أنَّ حزب العمال الكردستاني هو جماعةٌ إرهابية، تعمل القوات الأميركية مع شركائه السوريين بشكلٍ وثيق، بحيث يساعد المقاتلون الأكراد في توجيه ضرباتٍ جوية أميركية؛ وسيتلقى هؤلاء المسلحون السوريون الآن رشاشاتٍ ثقيلة، وعرباتٍ مدرعة من البنتاغون.
صرَّح وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، يوم الأربعاء 10 أيار/ مايو، أنَّ “كل سلاح، يذهب إلى الجماعة الكردية السورية، يشكّل “تهديدًا ضد تركيا”.
إنَّ الاعتماد على الأكراد السوريين اعتمادًا أكثر قوة سيكون صعبًا. وإلى جانب علاقات المقاتلين الوثيقة مع الولايات المتحدة، يعدّ الجيش التركي ضعيفًا جدًا، والميليشيات الكردية في سورية قوية جدًا.
ناز دوراك أوغلو، وهو الذي ساعد في تقديم سياسة تركيا لدى وزارة الخارجية الأميركية، خلال إدارة أوباما، قال: إنَّ “الأتراك -عسكريًا- ليسوا في وضعٍ يمكّنهم من القيام بذلك”.
وبعد ما لا يقل عن عشرات الهجمات التركية على المسلحين الأكراد السوريين الشهر الماضي، اتخذت الولايات المتحدة خطواتٍ حاسمة، لمنع وقوع مزيد من الاشتباكات، عن طريق نقل قوات إلى الحدود في عربات الهامفي كعازلٍ بين الأتراك، والأكراد السوريين.
حتى إنهم رفعوا الأعلام الأميركية، وهي خطوةٌ رمزية واستفزازية، يتم تجنبها عادةً في تدخلات الشرق الأوسط.
وفي العراق، حيث ستواجه تركيا عقباتٍ أقل، حيث لا يعمل حزب العمال الكردستاني هناك تحت غطاء الأكراد السوريين، وبالتالي لن يكون مدعومًا من واشنطن.
ومن المرجّح أنْ يعتمد السيد أردوغان على دعم الفصيل الكردي المهيمن في شمال العراق، الذي يسيطر على كردستان العراق، وله علاقةٌ متوترة مع الجماعات الكردية الرئيسة في تركيا وسورية.
ولكنْ، إذا تحركت تركيا إلى جبل سنجار، لتخفيف المأزق الجيوسياسي لواشنطن في سورية، فإنها ستخلق تعقيداتٍ جديدة لشريكٍ أميركي آخر، هو الحكومة العراقية في بغداد.
وفي إشارةٍ أخرى إلى تعقيد ساحة المعركة، تعمل الولايات المتحدة بشكلٍ غير مباشر مع الميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وتعتمد الحكومة العراقية التي توازن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، اعتمادًا كبيرًا على الميليشيات المدعومة من إيران لمساعدة جيشها. إنَّ بغداد لن تنظر بالتفاؤل إلى توغلٍ تركي في أراضيها، وهو ما تعدّه عملًا استفزازيًا، وتعطيلًا لمعركتها ضد داعش.
اسم المقالة الأصلي | After Trump Vows to Arm Syrian Kurds, the Next Move Is Erdogan’s |
الكاتب | أني بيرنارد وباتريك كينغسلي، Anne Bernard & Patrick Kingsley |
مكان النشر وتاريخه | نيو يورك تايمز، The New York Times، 10 /05/2017 |
رابط المقالة | https://www.nytimes.com/2017/05/10/world/middleeast/trump-arm-syrian-kurds-next-move-is-erdogans-turkey.html |
ترجمة | أحمد عيشة |
المصدر