‘استراتيجية جديدة لواشنطن في معركة الطبقة.. هكذا ساهمت القوات الأمريكية في استعادة المدينة من التنظيم’
14 أيار (مايو - ماي)، 2017
تستعيد مدينة الطبقة في محافظة الرقة بصعوبة أنفاسها بعد أيام على إعلان ميليشيا “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة أميركيا السيطرة عليها وطرد ما تبقى من عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” منها.
وفيما كشف مصدر قيادي كردي أن “قوات سوريا الديمقراطية” التي تشكل ميليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية عمودها الفقري، لا تزال تلاحق عناصر التنظيم الأجانب المتخفين في عدد من الحارات، تحدث ناشطون عن أوضاع إنسانية صعبة ترزح تحتها المدينة مع استمرار وجود جثث تحت الأنقاض ونقص في المواد الغذائية والطبية.
حملة “الرقة تذبح بصمت” التي ترصد أحوال المناطق الخاضعة لسيطرة “تنظيم الدولة”، تحدثت عن تحول جديد للاستراتيجية الأمريكية في معاركها ضد “تنظيم الدولة” فالمعركة التي استمرت قُرابة الـ50 يوماً، اعتمدت فيها الولايات المتحدة على الدعم الجوي اللامحدود، ناهيكَ عن الإنزال الذي قامت به قوات أمريكية خاصة سيطرت بموجبه على منطقة الكرين القريبة من الطبقة.
كما اعتمدت المعركة على تكتيكات مختلفة ومفاجئة لعناصر “تنظيم الدولة” باستخدام أسلوب قضم الأرض التي يسيطر عليها التنظيم، ممعنةً في حصار عناصره والتخفيف من كفاءاتهم في الالتحامات المباشرة، والحيلولة دون تنفيذهم لعمليات انتحارية تؤّخر تقدّم القوات المهاجمة أو توقع إصابات وخسائر كبيرة في صفوف هذه القوات.
ملامح التحول
ويمكن سرد ملامح التحول للسياسة الأمريكية في معركة الطبقة بالآتي:
لعب الإنزال الجوي للقوات الأمريكية في فبراير/ شباط، دوراً كبيراً ضد “تنظيم الدولة” وذلك في 4 مواقع في ريف الطبقة “أبو هريرة والمشيرفة والكرين والمحمية الطبيعية قرب قرية الكرين، غربي مدينة الطبقة)، والذي قامت به بشكل متزامن كلاً من مشاة البحرية الأمريكية “المارينز” و ميليشيا “قوّات سوريا الديمقراطية” لتسيطر بموجبه على الطريق الواصل بين الرقة وحلب.
ووفقاً لما جاء في تقرير حملة “الرقة تذبح بصمت” أن العامل الأكثر أهمية هو: “اشتراك قوة أمريكية على الأرض لقتال التنظيم”.
خسائر بشرية
وثاني ملامح هذا التحوّل والتبدّل في الاستراتيجية الأمريكية، هو عدم الاكتراث بالخسائر البشرية التي قد تخلفها هذه المعارك، فقد كانت غارات التحالف في بدايتها مركزة ودقيقة، وتتوخى الحذر لكن خلال معركة الطبقة، اعتمدت على تكتيك حصار الخصم وخنقه وشل حركته في أقل حيز جغرافي ممكن ( تمّ حصار ما يقارب 30 ألف مدني في منطقة جغرافية بقطر 5 كيلومترات) ما أدى إلى حصار المدنيين الواقعين تحت سيطرة التنظيم، بظروف بالغة السوء، بعد قطع كافة الاتصالات الفضائية في المدينة ولاحقاً انقطاع الماء والكهرباء، وصولاً إلى قصف غرفة التحكم الرئيسية لسد الفرات وتدمير مبنى الهاتف الأرضي في المدينة.
كذلك الغارات الجوية المكثفة على أحياء الطبقة، أدت إلى سقوط عدد كبير من الشهداء المدنيين لازال عدد كبير منهم حتى الآن تحت الأنقاض.
مفاوضات مع “تنظيم الدولة”
وثالث هذه الملامح هي استراتيجية المفاوضات مع عناصر “تنظيم الدولة” حيث حصلت عدة مفاوضات مع عناصر التنظيم الذين حُوصروا في الأحياء الرئيسية الثلاث في المدينة ( الأول، الثاني، الثالث ) وتحصنوا فيها، وتمحورت هذه المفاوضات على خروج آمن لعوائلهم والجرحى منهم، مقابل تسليم المدينة وخلال هذه المعركة أُشيع عن أكثر من محاولة للمفاوضات تتم عن طريق وسطاء بين “قوّات سوريا الديمقراطية” من طرف و”تنظيم الدولة” من طرف أخر.
وبعد تسليم المدينة نشر نص اتفاق لم يؤكده الطرفان، تضمّن مجموعة من البنود أهمها : “انسحاب عناصر تنظيم الدولة من الأحياء الأول والثاني والثالث، وفتح معابر آمنة لعناصر التنظيم من سد الفرات لمناطق سيطرتهم، وعدم قصفهم أو مهاجمتهم أثناء تنقلهم بوسائط النقل المتاحة، مقابل التزامهم بعدم تفخيخ سد الفرات أو إجبار أي من الأهالي على مرافقة عناصرهم”.
[sociallocker] [/sociallocker]