يهودية الكيان الصهيوني ومشاريع تقسيم سورية
14 أيار (مايو - ماي)، 2017
مشعل العدوي
بعد سنوات من اختفاء الحديث عن محاولات اليمين الصهيوني إضفاء صفة اليهودية على الكيان، ها هو يعود مجددًا في نصّ جديدٍ ومُعدّل لقانون “القومية”، ينص على (يهودية الكيان الصهيوني).
قبل سنوات، سعت القيادات الصهيونية لانتزاع الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني من الولايات المتحدة، وبعض عواصم القرار في أوروبا، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، وبعدها حاولت الحكومة الإسرائيلية الضغطَ على “السلطة” الفلسطينية للاعتراف بيهودية الدولة مقابل الموافقة على استمرار المفاوضات، إلا أن “السلطة” الفلسطينية واجهت الضغوط الصهيونية ورفضت الاعتراف بعبرية الكيان قوميةً، وبيهوديته ديانةً.
قبل أيام عاد الحديث مجددًا عن المشروع الصهيوني، من خلال مصادقة اللجنة الوزارية التشريعية، في حكومة الاحتلال، على النص الجديد لقانون القومية، وسيُعرَض على الكنيست للتصويت عليه في القراءة التمهيدية.
مشروع القانون الذي عُرِض من قِبل “آفي ديختر” الرئيس السابق لجهاز الشاباك، والعضو الحالي في حزب (الليكود)، ينصّ على أن “دولة إسرائيل هي البيت القومي لليهود”، وحق تقرير المصير في هذه الدولة محصورٌ بالشعب اليهودي.
بطبيعة الحال، مناقشة هذا القانون العنصري وانعكاساته تحتاج إلى صفحات من البحث، لما ينطوي عليه من عنصرية، تُحوِّل الشعب الفلسطيني داخل خط 1948 من مواطنين أصحاب أرض إلى مجرد رعايا معزولين في “كنتونات”.
ما تفعله “إسرائيل”، منذ سنوات خلف الستار، من محاولات لتقسيم سورية والعراق إلى دويلات طائفية وإثنية، ما هو إلا محاولة لإنفاذ قانونها الجديد، بقوة الأمر الواقع الجديد للخرائط الجغرافية التي تُحاول أصابع الصهيونية رسمها بأصابع روسية أميركية وإيرانية، وبمساعدة بعض الأطراف الإقليمية.
ليس بخافٍ أن مردّ التردد الدولي في اتخاذ قرار حازم وحاسم، في الشأن السوري، هو أن “إسرائيل” تعمل على إطالة أمد الحرب كي يصل السوريون إلى قناعة بأن التقسيم هو الحل، وبالتالي ستظهر في المنطقة دولٌ ذات صبغة دينية طائفية، وأخرى ذات صبغة قومية، كنشوء دولة سنية، وأخرى علوية، وثالثة شيعية، ورابعة كردية، وهكذا، في تلك اللحظة فقط لن يعود الكيان الصهيوني بحاجة إلى استجداء أحد من أجل الاعتراف بعبرية الكيان كقومية وبيهوديته ككيان، إذ إنه سيكون حينئذ واحدًا من جميع الكيانات التي تشبهه من حيث التركيبة ومن حيث البنية القومية والدينية.
استطرادًا، يُلاحِظ المُراقب لحركة التهجير القسري التي تنتهجها الطغمة الحاكمة في دمشق، وخاصةً من ناحية إفراغ غرب دمشق من أهلها، واستماتة “حزب الله” الإرهابي من أجل ذلك، أن كل هذه الأحداث توطئة من أجل إقامة الدولة الشيعية، انطلاقًا من جنوب لبنان، مرورًا بغرب دمشق، وصولًا إلى شمال لبنان، وبهذا يصبح اللبنانيون من غير أتباع الولي الفقيه مُحاصرين وليس أمامهم إلا البحر.
لا تعادي “إسرائيل” الحزب بالمطلق، وإنما تريد له أن يكون ضمن حدود جغرافية ترسمها له وتمنع عليه تجاوزها، بل إن تدخّله في سورية كان أكبر خدمةٍ يمكن أن تتلقاها “إسرائيل” منذ لحظة الإعلان عن قيامها وحتى اليوم؛ إذ إن للحزب الدور الأكبر في قتل الشباب السوري وتهجيره من ناحية، ومن ناحية ثانية كان له الدور الأول في إذكاء نار الفتنة المذهبية كمؤسس للتقسيم.
في محور التقسيم، تتلاقى المصالح بين الكيان الصهيوني وبين حكومة الملالي في طهران، فكلا الطرفين له مصلحة في تفتيت المنطقة العربية، وعلى رأس الدول المستهدفة بالتقسيم سورية والعراق ومصر، وهي التي تشهد ظروفًا اقتصادية غير مسبوقة في السوء، وفي ظل بعض النشاطات المشبوهة لمنظمات إرهابية تتلقى تمويلها وتسليحها تارةً من الكيان الصهيوني عبر الحدود، وتارةً من إيران عبر البحر الأحمر، فبالأمس القريب، هرب من سجون مصر عدد من الإرهابيين التابعين لعصابة “حزب الله” الذين كانوا يقومون بأعمال التدريب في صحراء سيناء.
في النهاية، لا بدّ أن نعي أن “إسرائيل” لن تُوفّر فرصةً تستطيع من خلالها العبث في ديموغرافية وجغرافية المنطقة إلا وسوف تغتنمها، فهدفها النهائي هو “إعلان يهودية إسرائيل”.
[sociallocker] [/sociallocker]