رغم طغيان محادثات "أستانا" عليها.. مفاوضات جنيف بشأن سوريا تنطلق غداً


تنطلق غداً جولة جديدة من مفاوضات السلام حول سوريا في جنيف، تطغى عليها إلى حد كبير محادثات "أستانا 4"، بالإضافة إلى إخفاق جديد لفصائل المعارضة بعد إجلاء مقاتليها من ثلاثة أحياء في دمشق.

وبعد ست سنوات من الحرب المدمرة التي تسببت بمقتل أكثر من 550 ألف شخص، تُبذل الجهود السياسية لتسوية النزاع السوري حالياً في سياق مسارين. انطلق الأول في العام 2014 في جنيف حيث تستضيف الأمم المتحدة جولات مفاوضات غير مباشرة بين طرفي النزاع.

وتشهد "أستانا" منذ يناير/كانون الثاني جولات محادثات موازية برعاية روسيا وإيران وتركيا.

ويرى محللون أن الأمم المتحدة تبدو وكأنها في سباق مع محادثات "أستانا" التي تشهد زخماً أكبر، خصوصاً بعد توقيع مذكرة في الرابع من الشهر الحالي تقضي بإنشاء أربع مناطق "تخفيف التصعيد" في الجبهات الأكثر نشاطاً في سوريا. وقد وضع الاتفاق موضع التطبيق.

وقال المبعوث الدولي الخاص الى سوريا "ستافان دي ميستورا" لصحافيين الأسبوع الماضي في جنيف إنه يعتزم تكثيف العمل حول عناوين جدول الأعمال في جولة المفاوضات التي يتوقع أن تستمر أربعة أيام فقط، انطلاقاً من مبدأ "ضرب الحديد وهو حام"، على حد تعبيره.

وبحسب "دي ميستورا"، فإن محادثات "أستانا" الأخيرة أثمرت "بعض النتائج التي نجدها واعدة للغاية ونرغب قدر الإمكان بربط هذه النتائج بآفاق سياسية" في جنيف.

ولم تنجح جولات مفاوضات السلام السابقة في تحقيق نتائج ملموسة. في الجولة الأخيرة في مارس/آذار، بدأت أطراف النزاع مناقشة السلال الأربع التي يتألف منها جدول الأعمال وهي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب. لكن المفاوضات تجري بين كل طرف و"دي ميستورا"، لا في لقاءات مشتركة.

ويقول الباحث المتخصص في الشؤون السورية في مؤسسة "سانتشوري فوندايشن"، "أرون لوند" إن لمفاوضات جنيف "قيمة رمزية"، "لكنها لا تمضي قدماً بأي شكل من الأشكال".

ويتابع: "في الممارسة، همّش مسار أستانا إلى حد كبير مسار جنيف، على الأقل في الوقت الراهن".

مطلب بلا أفق

ومن المتوقع وصول الوفود السورية إلى جنيف اليوم، عشية استئناف جولة المحادثات غير المباشرة.

وكما جرت العادة، يرأس مندوب نظام الأسد الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك بشار الجعفري وفد النظام، فيما يرأس وفد الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية، الطبيب نصر الحريري، ويتولى الحقوقي محمد صبرا مهمة كبير المفاوضين.

ويتمسك وفد المعارضة بمطلب رحيل بشار الأسد عن السلطة في المرحلة الانتقالية، الأمر الذي ترفضه دمشق بالمطلق وتعتبره غير قابل للنقاش أصلاً.

ويرى "لوند" أن "مسار جنيف يدور حول مطلب بلا أفق بتمثل في التفاوض حول العملية الانتقالية".

ويوضح أن "الانعكاس الرئيسي لربط تحقيق السلام بالانتقال السياسي هو تهميش دور الأمم المتحدة في جنيف، مقابل تحويل الانتباه الى أستانا".

وفي جولة المحادثات الأولى في "أستانا" في يناير/كانون الثاني، اتفقت روسيا وإيران وتركيا على تعزيز اتفاق لوقف إطلاق النار بدأ سريانه في 30 ديسمبر/كانون الأول بموجب اتفاق بين موسكو وأنقرة.

وتتالت الاجتماعات إثر ذلك في "أستانا"، وصولاً إلى توقيع الدول الثلاث الضامنة مذكرة قبل أقل من أسبوعين تقضي بإنشاء مناطق "تخفيف التصعيد" في ثماني محافظات سورية.

ويرى "لوند" أن "مسار أستانا لا يحمل المضمون نفسه (الذي يناقش جنيف) وتتم إدارته بشكل أكبر وفق شروط روسيا. وهذا يعني أنه أكثر انسجاماً مع الوقائع على أرض المعركة".




المصدر