حرق الجثث إحداها.. أساليب أخرى يتبعها النظام للتنكيل بمعتقلي سجن صيدنايا بينها قشاط الدبابة
16 مايو، 2017
عادت الانتهاكات التي ترتكب في سجن صيدنايا بريف دمشق على يد قوات نظام بشار الأسد إلى الواجهة مجدداً، وذلك بعدما كشفت الولايات المتحدة الأمريكية، أمس الإثنين 15 مايو/ أيار 2017 عن صور التقطتها بالأقمار الصناعية للسجن الذي يعد أكثر سجون النظام وحشية في سوريا، مشيرةً إلى أن جثامين المعتقلين هناك تتعرض للحرق.
وتظهر الصور التي يعود تاريخها إلى أبريل/نيسان 2017 والشهر نفسه من 2016، ويناير/ كانون ثان 2015 وأغسطس/ آب 2013، مباني داخل المعتقل، بينها بناية رجحت أنها تستخدم في حرق جثامين، الذين يتم إعدامهم.
ونقلت وكالة رويترز عن “ستيوارت جونز” القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى تأكيده، أن المحرقة يمكن أن تستخدم في التخلص من الجثث في صيدنايا الذي احتجز فيه النظام عشرات الآلاف من الأشخاص منذ بداية الثورة السورية.
لكن ما كشفته الولايات المتحدة قد لا يكون بالشيء الجديد لكثير من السوريين، سيما وأن ناجون قلائل خرجوا من سجن صيدنايا وتحدثوا عن أساليب تعذيب مروعة يتعرض لها المعتقلون هناك.
ويعد حرق الجثث واحداً من بين طرق كثيرة للتعذيب تودي في غالب الأحيان بحياة المعتقلين في صيدنايا الذي يرفض نظام الأسد إدخال لجان تحقيق لتقصي أوضاع المعتقلين هناك، كما يرفض إدخالها لجميع معتقلاته في المناطق التي يسيطر عليها.
ويبدأ تعذيب معتقلي سجن صيدنايا بمجرد نزولهم من الحافلات التي تقلهم من الفروع الأمنية للنظام إلى السجن، ويتعرضون عند باب السجن إلى الضرب والإهانات والتنكيل، وهو ما كشفه معتقل سابق في السجن لـ”السورية نت” مؤخراً.
والمعتقل هو عمر أحمد الشغري من قرية البيضا في مدينة بانياس الساحلية، اعتقلته قوات نظام الأسد في 16 ديسمبر/ كانون الثاني 2012، وظل في زنازين النظام لمدة عامين و8 أشهر، قضاها متنقلاً بين الفروع الأمنية وفي سجن صيدنايا.
ويروي عمر بعضاً من أبشع وسائل التعذيب التي يستخدمها نظام الأسد للنيل من معتقلي سجن صيدنايا، وكان من بين أبرز ما ذكره التعذيب بواسطة “قشاط الدبابة”، والذي يستخدمه المشرفون على سجن صيدنايا عند استقبال المعتقلين.
ويذكر عمر أنه وجميع المعتقلين الذين وصلوا بوابة السجن بعد اعتقال أنهكهم في فروع المخابرات التابعة للنظام، طلب منهم السجان خلع ملابسهم بالكامل والانبطاح حتى باتوا يلاصقون الأرض بوضعية السجود. ويقول عمر عن تلك اللحظات التي عاشها: “بدأ السجانون يضربوننا الواحد تلوى الأخر باستخدام قشاط دبابة سمكه 5 سم، وعرضه بين 10 – 13 سم، وطوله حوالي 60 إلى 70 سم”.
وأشار المعتقل إلى أن “السجان يضطر إلى استخدام كلتا يديه في حمل القشاط ليضربنا به ونحن عراة، ضربة من هذا القشاط تجعل أضلاعك مشلولة. قبل أن يصل القشاط إلى ظهرك تسمع صوتاً مخيفاً مصدره الهواء المرافق لحركة اليدين، وعندما يهوي القشاط على جسدك يخرج صوت كأنما أحدهم يطلق رصاصة في الهواء”.
وبعبارات مختصرة عبّر عمر عن ألمه جراء تعرضه للضرب بـ”قشاط الدبابة”. قائلاً: “عندما تعرضت للضرب لم أعد أشعر بشيء، فقدت إحساسي بما حولي، استوى قلبي من شدة الألم”.
قطار الموت
ويتعمد سجانو معتقل صيدنايا إهانة السجناء في كل وقت يتاح لهم، ويتعرض المعتقلون لأشد لحظات التعذيب خلال تنقلهم بين طوابق السجن صعوداً أو نزولاً، حتى بات المعتقلون يطلقون على تنقلهم هناك اسم “قطار الموت”.
يقول عمر عن أسلوب “قطار الموت” المتبع بالتعذيب: “يُطلب من المعتقلين الصعود من تحت الأرض إلى طابق علوي، وأمرونا أن يمسك كل واحد منا بمنطقة الخصر لجسد المعتقل الذي أمامه، وأن يثبت رأسه في مؤخرته، وفي اللحظة التي تفلت يديك من خصر الذي أمامك اعلم أنك ميت”، يقول عمر.
وأشار عمر بحسب مشاهداته في صيدنايا: “مات العديد من المعتقلين أثناء صعود الدرج، نتيجة لأنهم تعرضوا إلى ضرب مبرح على رؤوسهم، لا سيما وأن أجسادهم بالأصل هزيلة”.
اعتداءات جنسية
ولا يسلم المعتقلون في سجن صيدنايا من الاعتداءات الجنسية التي يتعرضون لها من قبل السجانين، ويقول عمر إن “السجانين كانوا يشربون الخمر، ثم يدخلون على المعتقل يختارون معتقلاً بنيته الجسدية جيدة، وآخر ضعيف البنية، ثم يطلب من القوي النوم مع الضعيف واغتصابه”.
ويضيف عمر أن “السجانين عندما يسكرون كانوا في بعض الأحيان يقتحمون الزنازين ويبدأون بضرب المعتقلين حتى لا يخرجوا قبل أن يتركوا ورائهم بركة من الدماء في وسط الزنزانة”.
ويشير المعتقل عمر إلى أن السجانين في سجن صيدنايا مختارون بدقة، فهم من أصحاب الأجساد الضخمة جداً، ومسلحون بعصي الكهرباء، والهروانات، وأدوات الحديد الحادة.
حرق الجثث والتنكيل بها
وفيما يؤكد تعرض جثامين المعتقلين للحرق، يقول عمر عن الأماكن التي كانت تُرحل إليها جثث المعتقلين: “بعضها تذهب إلى مقبرة نجها، وأخرى إلى مشفى تشرين العسكري”، كما تحدث عن روائح كانت تنبعث بين الحين والآخر من مكان قريب من السجن، مرجحاً تعرضها للحرق.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت في 7 فبراير/ شباط الماضي، تقريراً عن الانتهاكات في سجن صيدنايا بعنوان: “المسلخ البشري: عمليات لشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا بسوريا”.
ونقلت المنظمة شهادة لطبيب سابق كان يعمل في مشفى تشرين وورد اسمه في التقرير “أطلس”، وقال: كانوا يرسلون لنا جثثاً من جميع السجون بما في ذلك صيدنايا، وكان يتوجب علي أن أفحصها كي أتأكد من وفاة أصحابها. وأقوم بكتابة التقرير، وأذكر فيه اسم الشخص ورقمه الوطني وسبب الوفاة على أنه نوبة قلبية مفاجئة، على سبيل المثال، ونرفع التقرير إلى وحدة البحث الجنائي التي تعد شهادة وفاة بناء على تقريرنا. وهم يملون علينا القيام بذلك لأنهم ليسوا حمقى، وإنما يريدون أن تبدو أمورهم على ما يرام في أعين المجتمع الدولي. وعليه فيطلبون إعداد وثائق تثبت توقف القلب أو الجهاز التنفسي عن العمل، ويجبروننا نحن على التوقيع على التقرير الطبي أو ختمه. وتوفي آلاف الأشخاص في السجون، وصدرت لهم شهادات وفاة تفيد بأن سبب الوفاة هو توقف القلب أو الجهاز التنفسي عن العمل. ولكن يصعب الجزم بالسبب الحقيقي للوفاة نظرًا لتضرر الكثير من الجثث. وكان يظهر عليها في البداية آثار الصعق بالكهرباء والحرق والضرب”.
وفي حديثه عن التنكيل الممنهج بجثث المعتقلين، يشير المعتقل عمر أنه خلال وجوده في صيدنايا، شاهد جثثاً لمعتقلين كانت رائحة العفن المنبعثة منها واضحة، ويقول: “رأيت جثثاً بلا أعضاء، شاهدت أجساداً سليمة لكن بطنها مفتوح، هذه الجثث قصتها غاضمة، ولا أعلم إذا كان قد سرق منها أعضاء للتجارة بها. كما شاهدت جثثاً لمعتقلين بلا قضيب”.
ويعد سجن صيدنايا من أكبر السجون في سوريا، وأنهت حكومة النظام بناءه في عام 1987، وهو يقع قرب دير صيدنايا التاريخي الواقع شمالي العاصمة السورية دمشق. ويتألف سجن صيدنايا من بنائين ضخمين، الأول على شكل حرف L باللغة الإنكليزية، والثاني معروف باسم “البناء الأحمر”، وهو على شكل إشارة ماركة سيارات “مارسيدس”،
ويحتوي السجن مجموعة كبيرة من السجناء العرب والسوريين، حيث ذكرت منظمات حقوقية أن فيه ثماني جنسيات عربية.
[sociallocker] [/sociallocker]