ماكرون في برلين لصياغة أوروبا جديدة


حافظ قرقوط

إنها بداية أسبوع فارق في أوروبا، بعد أن عقد الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون لقاءَه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في برلين أمسِ الإثنين؛ وأصبح بالإمكان التساؤل: إن كان عهد جديد ابتدأ، يعمل من خلاله الأوروبيون للتعبير عن حضورهم الدولي، بعد سنوات من التراجع، ويحجزون لأنفسهم مكانًا في تقرير السياسات الدولية، في محاولة للحصول على مكاسب لها.

ميركل قالت، في هذا اللقاء: “من وجهة النظر الألمانية، من الممكن تغيير المعاهدات إذا كان لذلك معنى”، وأيدها ماكرون قائلًا: إنه لن تكون لديه “محرّمات” بخصوص ذلك. وهذا يعني وجود الرغبة في العمل على إصلاح المعاهدات التي تخصّ الاتحاد الأوروبي، بحسب (الأناضول).

وكان ماكرون قد قال، في أول خطاب له بعد استلامه مهام الرئاسة: إن العالم وأوروبا بحاجة، الآن أكثر من أي وقت مضى، إلى “فرنسا قوية وفاعلة”، وهذا يعني أن ماكرون يطمح إلى أن تكون فرنسا دولة مؤثرة في القرارات الدولية، وهو يرى أن هذا الدور لن يكون إلا من خلال الاتحاد الأوروبي؛ الأمر الذي يتفق مع سياسات ميركل الأوروبية، وخاصة بعد خروج بريطانيا، على اعتبار أن ألمانيا هي أهم الدول المؤثرة والداعمة لتماسك الاتحاد.

كان البحر الأبيض المتوسط الرابط بين القارات الثلاث يرسم شكل عددٍ من الصراعات العسكرية والسياسية والاقتصادية، وبعد فشل سياسة الحروب الخارجية وغروب عصر الاستعمار، تأتي روسيا اليوم لتدخل نفق عمى الألوان نفسه الذي مرّ على البشرية، وترى أن تمددها العسكري، بهذه الطريقة، سيجعلها دولة عظمى، وأن الآخرين سيذهبون صاغرين لها، وإنْ على جسر هو دم أطفال سورية.

وقال ماكرون: “لم أنس أبدًا رسالة القلق والغضب وعدم الرضا التي أرسلها إليّ الشعب الفرنسي” ودعا إلى “إعادة تأسيس تاريخي لأوروبا”، إنه طموح كبير، ولكن هل يكون التأسيس التاريخي لأوروبا بفهم القضية السورية وأبعادها، والابتعاد عن الغموض السياسي الذي أثقل أوروبا والمنطقة؛ فأحيا الخطاب العنصري.

دعم الثورة السورية بقوة وثقة، قد يكون أقصر الطرق لأوروبا كي تعيد حضورها الدولي، بداية من مجلس الأمن الدولي الذي تعمّد الروس، في جلساته، إهانة الأوروبيين وإحراجهم أكثر من مرة، ومرورًا ببقية التفاصيل اللازمة للتغيير.

أصبحت القارة العجوز أخيرًا، فندقًا لاستضافة وفود التفاوض، مع تأثرها بموجات اللاجئين الباحثين عن القانون والأمان، إنها القارة التي دفعت ثمنًا غاليًا من دم أبنائها، للوصول بمنظومة حقوق الإنسان إلى ما اعتقد الجميع أنه حالة راقية بمسيرة الحضارة، ولا شك في أن لفرنسا دورًا مهمًّا في ذلك، وها هي قد تحدت التطرفَ بانتخاباتها، فهل تتحدى الترهلَ والاتكالية في السياسات الدولية، وتتفق مع السوريين على دور وأثر في الحضارة العالمية، بعيدًا عن الديكتاتوريات القاتلة. إنه ماكرون الشاب. هل يسبح بعكس التيار نحو سورية.




المصدر