‘واشنطن بوست: الغرابة السريالية لرحلة ترامب إلى المملكة العربية السعودية’

20 مايو، 2017

أحمد عيشة

واشنطن بوست: الغرابة السريالية لرحلة ترامب إلى المملكة العربية السعودية

منذ البداية، كان خيارًا لافتًا للنظر أنْ تكون المملكة العربية السعودية المحطةَ الأولى لأول رحلة لترامب. نعم، المملكة العربية السعودية، موطن أقدس مواقع الدين الذي قال عنه الرئيس ترامب ذات يوم: إنه “يكرهنا” (إشارة إلى تصريح أعتقد أن الإسلام يكرهنا) وهو بلدٌ أشار إليه بأنّه لن يكون موجودًا لولا “عباءة الحماية الأمريكية”. المحطة الأولى، في أولّ رحلةٍ خارجية لرئاسة ترامب، ليست كندا القريبة في القارة، وليست بريطانيا الناطقة بالإنكليزية، ولا حتى الممول السابق لجدار المكسيك.

ومع ذلك، يتوجه ترامب إلى المملكة العربية السعودية، يوم الجمعة 19 أيار/ مايو، مع سحابةٍ من المؤامرات، والفضائح تلاحقه على طول الطريق. وطبقًا لروايةٍ، في صحيفة (نيويورك تايمز)، فهو غير مرتاحٍ للشروع في هذه الرحلة، إذ إنه أبلغ مساعده، بأنّه يرغب في تقليص رحلته من تسعة أيامٍ الى النصف. ومن المقرر أن يعقد اجتماعات مع قادة كلٍّ من السعودية، وإسرائيل، والفاتيكان، وإيطاليا، وبلجيكا، وكلها يمكن أن تصبح مهرجاناتٍ لرئيس فوضوي عديم الخبرة.

أشار مستشار الامن القومي لترامب، ماكماستر، إلى الدور السعودي في استضافة ملايين الحجاج المسلمين كل عام. (ناريمان المفتي/ أسوشيتد برس)

ولكن بينما ترامب وفريقه قد يكتمون تحفظات، فإن السعوديين لا يفعلون ذلك، حيث تحرص قيادة المملكة على إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة التي أصبحت متوترةً في عهد إدارة أوباما. ومن المقرّر التوقيع على عددٍ من الصفقات المربحة، بما في ذلك بيع الأسلحة الضخمة؛ وسيُعلَن عن أشكالٍ جديدة من “الشراكة الاستراتيجية”. وفي أحد المواقع الرسمية على الإنترنت، تتوقف ساعة العد التنازلي، قبل قمةٍ عربية إسلامية مشتركة في الرياض، وهو حدثٌ يأمل السعوديون، في أن يعيدوا تأكيد أولويتهم كفاعلٍ رئيس في الشرق الأوسط.

السعوديون يائسون من إعادة واشنطن لجانبهم في منافستها الإقليمية مع إيران، فقد اعتبر السعوديون، ومسؤولون من دول الخليج الحليفة، أنّ أوباما غير مبالٍ بهم، وأنه ميال لمصلحة طهران، وعارضوا بشدّة الاتفاق النووي الموقّع بين إيران والقوى العالمية، وهو شعورٌ يتقاسمونه مع ترامب.

سمية جبرتي -وهي محررةٌ في صحيفة الجريدة السعودية- قالت لزميلي كيفن سوليفان: “في ظل الرئيس أوباما، كان هناك شعورٌ بالخيانة، شعر السعوديون بأن الولايات المتحدة كانت أشبه بشخصٍ عرفناه طوال حياتنا، وفجأة لم يعد من الممكن التعرف عليه. في عهد ترامب، يمكن أن تكون حقبة محتملة لاستعادة العلاقات”.

ومن المؤّكد أنَّ السعوديين بسطوا السجادة الحمراء لعطلة نهاية الأسبوع. وسيكون هناك مَعارِض للسيارات القديمة، وأحداث رياضية، وحفلات موسيقية، بما في ذلك حفل مغني البلاد، الموسيقي الأميركي “توبي كيث” الذي ترنّم أيضًا في حفل تنصيب ترامب. هذا يكرس الاحتمالية الأكثر سريالية لكيث، وهو يغني بصوتٍ عالٍ أغاني مثل “فتاة الويسكي” و “البيرة للخيول” إلى جمهورٍ كله من الذكور، في عاصمة بلدٍ سيئ الصيت، بقوانينه الإسلامية الصارمة. (لكي نكون منصفين، هناك خيارات أسوأ).

سوف تمتد السريالية إلى الرئيس نفسه؛ ففي يوم الحفل، من المتوقع أنْ يلقي ترامب خطابًا حول الإسلام. ومهما تكن رسالته، فإنَّ الخطابَ الذي كتبه مستشار البيت الأبيض ستيفن ميلر -وهو أيديولوجيٌ مرتبط بالقومية البيضاء والإسلاموفوبيا- ليس واضحًا. قد يستغل ترامب هذه المناسبة للتراجع عن تعليقاته القوية حول التطرف الإسلامي، والدعوة بدلًا من ذلك إلى الوحدة بين الأديان، أو أنه يمكن أن ينتقل إلى انتقاداتٍ خرقاء، وربما غير مرغوبٍ فيها.

لكن خبراء مكافحة الإرهاب في واشنطن قلقون من خطاب ترامب. وفي استطلاعٍ للرأي، جرى مؤخرًا، قال 84 في المئة من الشباب السعودي: إنَّ ترامب كان معاديًا للمسلمين، ومن الصعب أنْ نتصوّر بأن لحظةً من خطابٍ، سوف تغير مواقفهم.

وقال ويليام ماك كانتس -وهو أحد كبار الباحثين في مركز سياسة الشرق الأوسط- متحدثًا في مؤتمرٍ، عقده المركز لدراسة الإسلام والديمقراطية في واشنطن، يوم الخميس 11 أيار/ مايو: “آملُ ألا يحدث هذا الخطاب، لأنّه محفوفٌ بالخطر البلاغي بالنسبة للرئيس”، كما اعترف ماك كانتس الذي كان ينتقد هوَس ترامب بـ “الإسلام الراديكالي”، بأنه كان “فضوليًا بشكل يائس” لأن يرى ما سيتكشف تدريجيًا.

ويخشى منتقدو بلاغة ترامب من أنها تشجع المشاغبين على الجانب الآخر؛ إذ قال ماك كانتس: “إنَّ المتطرفين يتغذون على بعضهم البعض، وإنَّ الجهاديين الذين يصرون على أنَّ الإسلام هو أيديولوجيةٌ سياسية، ثم المتطرفون هنا، يعلقون على ذلك. ويصعب كثيرًا أن توقف تلك المحادثات والتعليقات”.

ترامب يمكن أيضًا أن يكون جزءًا من بعض المحادثات الصعبة الأخرى؛ فالقمة التي تقودها السعودية، في نهاية الأسبوع، سيحضرها الرئيس السوداني عمر حسن البشير المطلوب لمحكمة الجنائية الدولية، لارتكابه جرائم حرب. السودان هو واحدٌ من الدول السنّية التي يسعى السعوديون لترتيبها داخل محورهم. ولكن من غير المألوف أنْ يكون الرئيس الأميركي في المكان نفسه الذي يتواجد فيه زعيمٌ يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالإبادة الجماعية، ويقود دولةً تصنفها الولايات المتحدة، كدولة راعية للإرهاب.

كما سيتوجب على ترامب أنْ يفكر مليًّا، عند التعامل مع العائلة المالكة السعودية، ويتجنب الظهور مع أحد طرفي حرب الخلافة: ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي زار ترامب في واشنطن، في نيسان/ أبريل، وقال لـ (واشنطن بوست): إنَّ ترامب هو “رئيسٌ سيعيد أميركا إلى المسار الصحيح”.

سوف يواصل ترامب دعم الحرب السعودية الدموية في اليمن الذي بات الآن عرضةً لمجاعةٍ بشعة، ويكاد يكون من المؤكد تجنب إلقاء محاضرات عن المملكة، وحول سجلها السيئ للغاية حول حقوق الإنسان؛ ومن غير المرجح أنْ يدين -علنًا- الدورَ الذي يقوم به الدعاة المتطرفون، وبعض الجمعيات الخيرية الإسلامية، في السعودية في إثارة التطرف، والحركات الجهادية في أماكن أخرى. بعبارة أخرى، فإن زيارة ترامب يمكن أن تكون مجرّد عملٍ “بزنس” كالمعتاد لرئيسٍ أميركي، وهو أمرٌ يناسب جميع المعنيين.

اسم المقالة الأصلي The surreal strangeness of Trump’s trip to Saudi Arabia الكاتب إسهان ثأرور، Ishaan Tharoor مكان وتاريخ النشر واشنطن بوست، 19/05/2017The Washington Post رابط المقالة https://www.washingtonpost.com/news/worldviews/wp/2017/05/19/the-surreal-strangeness-of-trumps-trip-to-saudi-arabia/?utm_term=.aaf05beee2f3 ترجمة أحمد عيشة

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]