إيران روح الإرهاب


أحمد برقاوي

ويسألونك عن الإرهاب، قل إن هو إلا قتل وتدمير وزرع خوف، والجماعات الإرهابية المحلية أو ما فوق المحلية جماعات ظلامية تعكس ظلام الحياة، وهي مرض معدٍ تجب الوقاية منه بكل السبل الممكنة، ولهذا فإن مواجهة إرهاب الجماعات متعدد الأوجه تبدأ من الاهتمام بسعادة الأرض والوقاية من هذا المرض الفتّاك، وتطويق ممارسة الإرهابيين بوسائل القوة القانونية.

ولكن فعل الجماعة الإرهابية يختلف عن فعل الدولة الإرهابية، وآية ذلك أن الدولة الإرهابية نشاطها واسع، وهي ذات بنية تحتية قوية ومؤسسات أيديولوجية فاعلة، وهذا الأمر ينطبق الآن على دولة واحدة هي إيران.

أجل، إيران دولة إرهابية ذات نشاط إقليمي وعالمي، ولكن نشاطها الأبرز يقوم في بلاد العرب.

فإيران دولة أوتوقراطية تقوم على مركزية ولاية الفقيه، وولي الفقيه هو حاكم بأمر الله ولا رادّ لما يريد؛ وبالتالي تصبح صفة الجمهورية الواردة، في اسم الدولة، صفة شكلية لا قيمة لها.

أما صفة إسلامية فهي الأخرى صفة أيديولوجية، ولو لم تكن أيديولوجية لما كانت صفة للجمهورية أصلًا، فصفة إسلامية هنا تشير إلى أنها دولة شيعية، تحكمها مؤسسة دينية شيعية، يقف على رأسها وليّ الفقيه بانتظار ظهور المهدي المنتظر الذي سيملأ الأرض عدلًا بعد أن امتلأت جورًا، منتقمًا من الخلفاء المسلمين الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان ومن بني أمية. وولي الفقيه معصوم هو الآخر كما هي عصمة الإمام، وفي الفترة الفاصلة بين سلطة ولي الفقيه وظهور المهدي المنتظر يجب على الدولة الإيرانية أن تنتقم من السنّة ورثة الخلافة، بدءًا من خلافة أبي بكر وانتهاءً بخلافة آلِ عثمان. هؤلاء الورثة هم مدنيون، والانتقام من أي مدني لأسباب سياسية أيديولوجية هو عمل إرهابي بامتياز.

كيف يظهر الإرهاب الذي تمارسه السلطة الإيرانية؟

تقوم السلطة الإيرانية، وبخاصة ما يسمى بـ “حرس الثورة” -وهو الأداة العنفية الأيديولوجية المسلحة- بتأسيس بؤر شيعية مسلحة، والإشراف عليها ماليًا وتسليحيًا ودينيًا، خاضعة له من حيث الوظيفة لسلب سلطة الدول وإشاعة الفوضى فيها، عبر الوصول بالبلد المعني إلى حال ازدواج السلطة.

منذ ما قبل الاحتلال الأميركي للعراق، كانت هناك حركات وأحزاب شيعة عراقية تابعة تبعية مُطلقة للسلطة الإيرانية، وبعد الاحتلال، تحولت هذه الأحزاب إلى ميليشيات مسلحة، أفقدت العراق أي إمكانية على بناء الدولة.

وحزب الله اللبناني الشيعي ليس إلا حركة مسلحة فاشية تابعة تبعية مُطلقة لسلطة الحرس الثوري وولاية الفقيه، وهي التي حالت منذ اشتد عضدها -وما زالت تحول- دون استعادة لبنان صيغة دولة العيش المشترك، بل إن ميليشيا حزب الله سرعان ما اغتالت الحريري، بالتوافق مع السلطة في دمشق، حين حاول بناء الدولة وراح يتقدم في هذه الطريق.

قس على ذلك في اليمن، حيث راح الحوثيون، بعد رحيل علي عبد الله صالح، يُكوّنون دولة خارج الدولة، إلى أن قرروا امتلاك الدولة كلها عن طريق الحرب والإرهاب، والحوثيون لا حياة لهم من دون شريان الحياة الإيراني، وليست البحرين والسعودية بمنأى عن الإرهاب الإيراني أيضًا.

أما في سورية، فقد وجدت فيها سلطة جاهزة لتضع مصير بلادها في يد الحاكم الإيراني، والميليشيات العراقية والإيرانية واللبنانية والأفغانية هي القوى التي أذكت أوار الحرب، وهي التي تحول دون خروج سورية من محنتها الراهنة، وقيام الدولة الوطنية الطبيعية.

ليس هذا فحسب، بل إن كل المعلومات تشير إلى التحالف بين (القاعدة) وإيران، واختراق (داعش) من المخابرات الإيرانية، أو قل اختراق أجهزة الاستخبارات الإيرانية لهذين التنظيمين، ويكمن إرهاب إيران في تحطيم الحياة الطبيعية في الدول التي يمكن لها أن تُحطّم، وتدمير العيش المشترك بين الأقليات الشيعية والأكثريات السنية.

إذا لم نسمّ إذكاء الأحقاد الطائفية، وتأسيس ميليشيات طائفية مسلحة، والقضاء على سيادة الدول، واستخدام العنف الطائفي، وإشعال الفتن التي يذهب ضحيتها مئات الناس، ودعم الحركات العنفية، أقول إذا لم نسمّ هذا إرهابًا، فما هو الإرهاب إذًا؟

أجل، إيران دولة إرهابية خطيرة ذات أيديولوجيا إرهابية وممارسة إرهابية، يجب الوقوف في وجهها إلى أن تتحول إلى دولة طبيعية، تسعى نحو السلم وحسن الجوار، بل قل إيران هي روح الإرهاب بامتياز الآن.




المصدر