كيف تقرأ روسيا قصف التحالف لقوات موالية للنظام في سوريا؟.. ترجيحات لا تروق للأسد وحلفائه


لا تزال الضربة العسكرية التي وجهها طيران التحالف الدولي بقيادة أمريكا لقوات شيعية موالية لنظام الأسد وإيران في سوريا، تثير تساؤلات عن الدور الأمريكي في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرسائل التي تحملها الضربة العسكرية لكل من الأسد وحلفائه.

وكان وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس قد قال في تصريحات نقلتها أمس السبت وكالة رويترز، أن الضربة الجوية استهدفت قافلة عسكرية "رجح أن تكون إيران ورائها"، وقال إن القافلة كانت متجهة إلى موقع عسكري نحو معبر التنف قرب الحدود الأردنية، فيما أكد التحالف الدولي في بيان له أن الضربة وجهت للقافلة العسكرية قرب تواجد قوات بريطانية وأمريكية خاصة تتولى مهمة تدريب مقاتلين من المعارضة لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية".

روسيا لم تمنع الضربة

واللافت أن ماتيس أشار في تصريحاته إلى أن أمريكا أبلغت روسيا قبل توجيه الضربة للقافلة العسكرية، وفيما يبدو أن موسكو لم تستطع منع تلك الضربة لقوات تمثل حليفاً لروسيا في سوريا، واكتفى الروس بإرسال تحذير للقافلة التي استكملت طريقها قبل أن توقفها طائرات التحالف.

وتركز الصحافة الروسية حديثها على أبعاد الضربة خصوصاً الموقف الروسي منها وعدم اتخاذ أي رد فعل سوى تعبير مسؤولين روس عن "امتعاضهم" من التحالف حيث وصفوا قصفه للقافلة العسكرية بـ"غير المقبول".

وفي تقرير لصحيفة "سفابودنيايا" الروسية ترجمته "وحدة المعلومات" في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، اعتبر رئيس لجنة الدوما للعلاقات الدولية ليونيد سلوكشيلي أن "هذه الضربة تعتبر استمراراً للاستفزاز الذي بدأ في إدلب، ثم الشعيرات، مما يدل على موقف غير واضح لأمريكا ويضرب مصداقية التعاون لمحاربة الإرهاب" حسب تعبيره.

وتساءلت الصحيفة "ماذا وراء الضربة، والآثار الناجمة عنها؟"، وأجابت أنها لا شك تضر بالعلاقات الأمريكية الروسية. وفي هذا السياق قال الخبير العسكري ميخائيل الكسندروف كبير خبراء معهد الأبحاث العسكرية والسياسية في روسيا، إن "هذه الضربة ليست مصادفة بل تعود لاستراتيجية الضغط على روسيا في سوريا".

وأضاف أنه "في سياق هذه الاستراتيجية تم اتخاذ خطوات صغيرة مبدئياً تهدف إلى حظر هذه المنطقة (الواقعة جنوب سوريا) على القوات الروسية والحليفة. ووقوف واضح إلى جانب المعارضة السورية، التي على ما يبدو قررت تغطيتها من الجو"، حسب تعبيره.

إنذار أمريكي

واعتبر الخبير الروسي أن قصف التحالف بقيادة أمريكا للقافلة العسكرية يمثل "اختباراً لروسيا"، لافتاً أيضاً أن الضربة ليست موجهة للأسد بشكل مباشر بقدر ما هي "جرس إنذار لروسيا، وبالتالي يمكن اعتباره الإنذار الثاني من ترامب للكرملين".

وذهبت صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى رأي مشابه لما قاله الخبير الكسندروف، وقالت في تقرير نشرته أول أمس، أن أمريكا تمنع محاولة إيران من السيطرة على ممر جغرافي يمتد من الأراضي الإيرانية مروراً بالعراق إلى الجنوب السوري وصولاً للبنان التي توجد فيها ميليشيا "حزب الله".

وفيما بدا أنه استياء بين المسؤولين الروس من الضربة الأمريكية عبر التحالف للقوات الموالية لإيران والأسد، قال الكسندروف إن "أمريكا بمحادثاتها مع لافروف وكذلك في أستانا تتظاهر بأن كل شيء طبيعي، أما في الواقع فيبدو اختلاف في الرؤى بين موسكو وواشنطن بما يخص سوريا".

وأضاف: "أنا أعتبر أن أمريكا تشغل موسكو بمفاوضات غير جادة على ضرورة التنسيق والتعاون وتفعل عكس ذلك على الواقع".

ويعتبر ما قام به طيران التحالف بمثابة أول اشتباك مباشر بين الجيش الأمريكي وقوات موالية لإيران منذ عودة القوات الأمريكية للمنطقة قبل ثلاث سنوات تقريباً، كما تقول "الغارديان".

لماذا ضربت الولايات المتحدة في هذا الوقت بالذات؟

سؤال طرحته أيضاً صحيفة "سفابودنيايا" الروسية، واعتبرت أن الضربة سبقت وجود ترامب في زيارة للسعودية وإسرائيل، كي "يوحي  لحلفائه بأنه سيعمل بنشاط في الشرق الأوسط ولديه استراتيجية خاصة به، وهذه الزيارة هامة جدا للعمل اللاحق ضد بشار الأسد"، حسب قول الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن السؤال المحير بالنسبة للخبير الكسندروف هو "لماذا بوتين يلتزم الصمت؟"، ويجيب: "آن الأوان لأن نفهم بأن سياسة التظاهر بالتعاون والتنسيق الأمريكي ماهي إلا خدعة تكتيكية تهدف إلى منع روسيا من دعم الأسد الممعن في تدمير المعارضة تحت ذرائع مختلفة".

ويرى أيضاً أن "على بوتين الآن إما الانسحاب من سوريا وترك الشأن لأمريكا، أو الوقوف في وجه أمريكا إذا كان القرار بعدم الانسحاب، إذ لابد من إظهار الصلابة والحزم. وإذا ما استمر بوتين بالتراجع فلابد من إخراجه من سوريا ولكن في هذه المرة مع العار".

ويقترح الخبير الروسي أن تقوم روسيا بتوجيه ضربة صاروخية من بوارجها الموجودة في الساحل السوري لفصائل المعارضة المدعومة من أمريكا، ويقول: "بذلك تكون روسيا قد ردت على الاستفزاز كما يمكن اعتباره اختباراً للأمريكان من جهة أخرى".

ونقلت الصحيفة عن مدير مركز الأبحاث للشرق الأوسط والمعهد الدولي للدول الجديدة ستانسيلاف تاراسوف، قوله إن "هذه الضربة قد تنم عن تغيير في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط".

توقعات بمزيد من الضربات

ووفقاً لتصريحات مسؤولين روس فإن موسكو تتوقع مزيداً من الضربات الأمريكية داخل سوريا إما لنظام الأسد أو القوات الأجنبية الموالية له والمدعومة من قبل إيران.

فقد نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، أمس السبت، عن النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع بمجلس الاتحاد الروسي، فرانتس كلينتسيفيتش، أن الولايات المتحدة احتفظت بالحق في شن ضربة على سوريا في أي لحظة.

وفي معرض تعليقه على تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، جوزيف دانفورد، بأن الولايات المتحدة لن تكرر ضرباتها على سوريا طالما لا يوجد تهديد لقواتها، قال كلينتسيفيتش: "سيقول أي عسكري لكم إن مفهوم التهديد قد يكون له تفسير واسع، ويعني ذلك أن الأمريكيين يحتفظون بالحق في ضرب سوريا في أي لحظة".




المصدر