دبي تمنح “صناع الأمل” للخوذ البيضاء


حافظ قرقوط

جاء فوز رائد الصالح، في 18 أيار/ مايو الجاري، بجائزة (صنّاع الأمل) -مقدارها مليون دولار أميركي- تأكيدًا واعترافًا جديدين، بأهمية الدور الإنساني لمؤسسة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء). وعلى الرغم من إمكاناتها المتواضعة؛ إلا أن النظام وداعميه ما فتئوا يشوهون إنجازاتها، ويتهمونها بالانتساب إلى الحركات الإرهابية حينًا، وبفبركة فيديوهاتها حينًا آخر.

كان الصالح الذي أسس فريق (الخوذ البيضاء) في سورية، من ضمن 5 متقدمين، حصل كل واحد منهم على مليون دولار، من أصل “56 ألف و573 ترشيحًا”، وهذه هي الفاعلية الأولى للمبادرة الإماراتية التي انطلقت في شباط/ فبراير الماضي.

والهدف من الجائزة التي قدمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم -حاكم دبي- بحسب بيان صدر عن المبادرة هو “إلقاء الضوء على ومضات الأمل المنتشرة في عالمنا العربي، وإبراز العديد من قصص النجاح الإنسانية والخيرية، على المستويين الفردي والجماعي، وقد لمع من خلالها رجال ونساء من مختلف الأعمار”.

سعى نظام الأسد ومثله روسيا، إلى تشويه عمل (الخوذ البيضاء)، ولم يتركوا وسيلة للنيل من سمعتها إلا واستخدموها، وشارك في ذلك رأس النظام بشار الأسد، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وعدّوها منظمة إرهابية، تقوم بفبركة الأفلام وتزوير الصور على برامج (الفوتوشوب) وغيرها.

هدف تلك الحملات، في حقيقة الأمر، هو طمس الجريمة التي يرتكبونها بحق السوريين، بوصفها جرائم حرب، في حين استطاعت (الخوذ البيضاء) كشف جزء منها، من خلال عملها المنظم غير الدعائي.

يعد هذا التكريم، بمنزلة ردّ عربي على تلك المحاولات التي تهدف إلى النيل من عمل هؤلاء السوريين الشجعان، في واحدة من أهمم قصص النجاح، حيث شروط الجائزة تشير إلى أن العاملين فيها قد “عملوا بروح متفانية وقلوب نقية، من أجل خدمة مجتمعاتهم ورفعة وطنهم”.

شروط هذه الجائزة هي على المقلب الآخر من إنجازات نظام الأسد الدموية، إذ إن بناء الأوطان وخدمة المواطن، يتناقض كليًا مع من يوظف كل جهده لنهب وطنه وتدميره، وكذلك إنقاذُ الأرواح من تحت الركام، يتناقض هو الآخر مع من يستعمل المشافي لتعذيب المعتقلين أو الجرحى.

عندما حصل فيلم يوثق عمل (الخوذ البيضاء) على جائزة (أوسكار)، علقت المتحدثة باسم الرئاسة الروسية ماريا زاخاروف -حينئذ- قائلة: “هؤلاء الأشخاص ادّعوا إنقاذ حياة آلاف الأشخاص، ولكنهم كانوا يسجلون مقاطع فيديو احترافية صغيرة، ولم يخجلوا من نشر هذه المقاطع على الإنترنت”، وتابعت “كم عدد التمثيليات التي قاموا بتصويرها”.

من الصعب فهم تلك العقلية التي تدار فيها دولة كروسيا، تريد أن تكون دولةً كبرى، ومن العسير إفهام من يقوم بالجرائم -ليل نهار- وينكر قصفه المشافي، بأن تلك الفيديوهات قد تكون على عدد تلك الجرائم التي ارتُكبت، بل ربما تكون أكثر إذا ما وُثّقت من أكثر من جهة.

نعم، لقد وثق السوريون تلك الجرائم، وأوصلوها إلى دوائر الأمم المتحدة والكونغرس وكافة وسائل الإعلام المحترمة، ومن المرجح أنها سُلّمت باليد أيضًا، من خلال وفود التفاوض للقيادة الروسية، لكن روسيا أغراها مشهد الدماء، فسارعت في استعمال (الفيتو) بوجه إنصاف المدنيين السوريين، ولو بقرار عادل، بل خاضت في نهر الدم السوري، بإرسال طائراتها للمشاركة في وليمة الأجساد البريئة.

يذكر أن بشار الأسد قال ردًا على سؤال، لوكالة (أسوشييتد برس)، حول حصول هذا الفريق على الأوسكار: “من هم؟ وماذا فعلوا؟” وعد أن لا قيمة لهم.

يشار إلى أن فيلم (الخوذات البيض) حصل على جائزة (أوسكار)، في الدورة 89 لهذه الجائزة، في شباط/ فبراير الماضي، في مدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأميركية، وقال رائد الصالح -مدير الدفاع المدني- حول تلك الجائزة: “نحن ممتنون لأن الفيلم ألقى الضوء على عملنا، لقد أنقذنا أكثر من 82 ألف مدني. أدعو الجميع إلى العمل من أجل الحياة”.

سبق أن حاز أيضًا فريق (الخوذ البيضاء) عام 2016، على جائزة “رايت لايفليهود” الخاصة بحقوق الإنسان، والمعروفة باسم جائزة “نوبل البديلة”، وتُمنح -سنويًّا- لمن يعملون في مجالات حقوق الإنسان والصحة والتعليم والسلام. كما حصلت المؤسسة على جائزة (ديزموند توتو) الخاصة بالسلام.

تأسس الدفاع المدني، في سورية، أواخر عام 2012، وبلغ عدد المنتسبين إليه نحو 3200 متطوع ومتطوعة، واستُشهد وجُرح العديد منهم، في أثناء تأدية مهماتهم، وذلك باستهدافهم من قِبل مدفعية وصواريخ وطيران النظام وحلفائه.




المصدر