القوة الإسلامية لمحاربة الإرهاب بسوريا والعراق.. تطلعات وتحديات


كشف "إعلان الرياض"، الصادر في ختام "القمة العربية الإسلامية الأمريكية"، الأحد، عن استعداد دول مشاركة في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب "لتوفير قوة احتياط قوامها 34 ألف جندي لدعم العمليات ضد المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا عند الحاجة".

وتعد هذه أول خطوة فعلية من التحالف منذ أن تم الإعلان عن تشكيله في 14 ديسمبر/كانون الأول 2015، التي يصدر فيها بيان يحدد حجم قواته المقترحة، ومواقع عملياته المرتقبة.

الإعلان عن الخطوة الجديدة جاء في أعقاب خطاب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في القمة العربية الإسلامية الأمريكية والذي قال فيه إن " دول الشرق الأوسط لا يمكنها انتظار تدمير القوة الأمريكية لهذا العدو (الإرهاب) بالنيابة عنهم".

وبيّن أنه "يجب أن تكون الدول الإسلامية مستعدة لتحمل العبء، إذا أردنا أن نهزم الإرهاب ."

وأعرب في الوقت نفسه عن استعداد بلاده للوقوف مع الدول العربية والإسلامية من أجل المصالح المتبادلة والأمن المشترك.

وما بين دعوة "ترامب" للدول الإسلامية بتحمل عبء هزيمة الإرهاب، وإعلان دول مشاركة في التحالف الاسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب استعدادها "لتوفير قوة احتياط قوامها 34 ألف جندي لدعم العمليات ضد المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا عند الحاجة"، ثمة العديد من المؤشرات التي تعزز من فرص نجاح هذا الإعلان على أرض الواقع وتشكيل القوة بالفعل، وثمة أيضاً العديد من التحديات التي تضع العديد من العوائق والعراقيل أمام إنشاء هذه القوة.

ويبقى إنشاء القوة من عدمه رهناً بقدرة السعودية التي تقود التحالف الاسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب على التعامل مع تلك التحديات وتعزيز فرص نجاح تلك القوة الاحتياط.

عوامل القوة

تعد هذه المرة الأولى التي يعلن فيها التحالف الإسلامي منذ أن تم الإعلان عن تشكيله في 14 ديسمبر/كانون الأول 2015 (يضم 41 دولة، أهمها دول الخليج وتركيا وباكستان وماليزيا ومصر) حجم قواته المقترحة، ومواقع عملياته المرتقبة.

ويأتي هذا الإعلان بعد خطوتين هامتين، هما اختيار قائد لهذا التحالف، وافتتاح المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف، الذي يحمل اسم "اعتدال" بالرياض الأحد.

وأعلنت حكومة باكستان قبل شهر أنها أصدرت موافقتها لرئيس أركان الجيش الباكستاني السابق الجنرال المتقاعد راحيل شريف بالانضمام إلى التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادة السعودية، بحسب وكالة الأنباء الباكستانية آنذاك.

وتم تعيين شريف، قائداً لقوات "التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب". وكان شريف قد تولى قيادة الجيش الباكستاني في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وأحيل إلى التقاعد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.

إذن خلال الشهر الأخير فقط تم تحديد حجم قوات التحالف الإسلامي (34 ألفاً) وتعيين قائد لها وافتتاح مركز أمني مساند لعملياتها، وهي خطوات من شأنها تعزيز فرص إنشاء تلك القوات الاحتياط. يعزز تلك الخطوات وجود رغبة قوية من الرياض في المضي قدماً في إنشائها.

تحديات

لكن على الوجه الآخر، يواجه إنشاء تلك القوة العديد من التحديات، فبيان "إعلان الرياض" لم يحدد على وجه الدقة الدول التي ستشارك بقوات، كما لم يحدد حجم مشاركة كل دولة في القوة المرتقبة، كما لم يحدد حتى الآن آلية عمل تلك القوات، وكيفية استدعائها.

أيضا البيان تحدث عن "استعداد" دول للمشاركة بقوات، وهو ما يعني أنه حتى الآن لم يتم الاتفاق فعلياً على آلية تشكيل هذه القوة، وما إذا كانت ستكون على غرار قوات الناتو أم ستكون هناك آلية مختلفة لإنشائها.

أيضا تشكيل تلك القوة يحتاج استحداث مؤسسات جديدة تتولى عملية توجيهها والإشراف عليها ووضع خططها والتنسيق بين قواتها. كذلك من غير الواضح آلية تمويل القوة المرتقبة، فهل ستتحمل السعودية ودول الخليج عبء تمويل تلك القوة أم سيتحمل تكلفة إنشائها دول التحالف؟.

وحدد البيان نطاق عمليات تلك القوة المرتقبة "بدعم العمليات ضد المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا عند الحاجة"، وكلاً من سوريا والعراق هي مناطق عمليات بالفعل للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" بقيادة أمريكا، وهو التحالف الذي تشارك فيها السعودية التي تقود التحالف الإسلامي العسكري. ومن غير الواضح حتى الآن كيفية التنسيق بين الجانبين في هذا الأمر.

وإن ظهر جلياً عدم رضى من جانب السعودية عن أداء التحالف الدولي لمحاربة "تنظيم الدولة" وهو ما ظهر في تصريحات ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي وجه فيها انتقادات ضمنية للتحالف أوائل هذا الشهر الجاري خلال حوار اجراه مع قناة الاخبارية السعودية الرسمية.

نطاق عمليات القوة الإسلامية تم تحديدها في سوريا والعراق وهي أماكن شائكة، ليس من اليسير على القيادات السياسية في بعض دول التحالف الحصول على موافقة شعوبها ومؤسساتها على إرسال قوات بلدانهم لتلك المناطق. كذلك إلى الآن لم يتضح حجم الدعم والمساندة الأمريكي للقوة المرتقبة، ومدى استعداها لتقديم التعاون للمضي قدماً في إنشائها.

إيران

رغم تحديد نطاق العمليات للقوات الإسلامية لمحاربة الإرهاب في العراق وسوريا، إلا أن هذه القوة حال إنشائها وبدء العمل في تلك الدول، سيكون لها دور كبير في الحد من نفوذ إيران في الدولتين، وهو أمر يتوقع بأن يدفع طهران لوضع عراقيل أمام تلك القوات.

ولم يكشف عن بعد عن موقف العراق ، من تلك القوات، ولا سيما في ظل تأثير إيران في السياسة العراقية.

أيضاً رغم تأكيد السعودية في وقت سابق أن التحالف الإسلامي العسكري ليس سنياً أو شيعياً وإنه تحالف لمكافحة الإرهاب فقط، فإن تشكيل القوة المرتقبة من دول سنية، كما يتوقع، قد يجعل إيران تستغل ها الأمر في إعطاء بعد طائفي للقوة.

ومن أبرز التحديات كذلك هو تباين وجهات نظر الدول المشاركة في التحالف الإسلامي تجاه عدد من ملفات المنطقة وأبرزها الوضع في سوريا (أحد نطاق عمليات القوة المرتقبة)، بل هناك اختلاف حتى في توصيف الإرهاب، وتصنيف بعض الجماعات في تلك الدول ما إذا كانت إرهابية أم لا، الأمر الذي قد يكون عائقاً أمام تشكيل قوة مشتركة .

أيضاً تعدد الاقتراحات بإنشاء هياكل أمنية أو عسكرية، فتشكيل قوة للتحالف الإسلامي، يأتي في ظل اقتراح مصري سابق بإنشاء القوة العربية المشتركة .

أيضا ظهر في بيان الرياض حديث جديد عن إعلان نوايا لتأسيس (تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي في مدينة الرياض)، والذي ستشارك فيه العديد من الدول للإسهام في تحقيق السلم والأمن في المنطقة والعالم، على أن يتم استكمال التأسيس وإعلان انضمام الدول المشاركة خلال عام 2018م ، ومما يتضح من أهدافه سيكون له بعد عسكري.

ويبقى إنشاء القوة من عدمه رهنا بقدرة السعودية التي تقود التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب على التعامل مع تلك التحديات وتعزيز فرص نجاح تلك القوة الاحتياط.




المصدر