أجهزة أمن النظام تعتدي على طلاب “غشاشين”.. تبريرات لم تُخرِس الانتقادات


 

لعل آخر ما كان يتوقعه السوريون من ممارسات قوى أمن النظام، أن يشاهدوها تُطبّق على طلاب مدرسة. لكن ذلك حدث فعلاً وبالطريقة التي لا تخرج عن أسلوب تعاطي هذه الأجهزة مع المعتقلين. فقد أظهر مقطع فيديو مسؤولاً في نظام الأسد مصطحباً معه قوة عسكرية وأمنية، وذلك لمباغتة ومداهمة مدرسة تُجري امتحان الشهادة الإعدادية، في محاولة منه، كما يقول، لضبط الغش في الامتحانات. ولم يكن هذا المسؤول سوى محافظ حماة الذي قام مرافقوه من عسكريين وأمنيين باعتقال وضرب وإهانة الطلبة الذين تم ضبطهم في غش امتحاني.

ويُبيّن المقطع، الذي بثّه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعةً من طلّاب الصف التاسع وهم يُساقون للاعتقال، من قبل عناصر أمنية وشبيحة تابعين للنظام، في مشهد يعيد إلى الأذهان مشاهد المتظاهرين السلميين في بداية الثورة السورية الذين كانوا يتعرّضون للضرب من قِبل مخابرات الأسد.

 

لو كانوا أبناء ضباط؟

ولاقى هذا الفيديو استياءاً وردّة فعلٍ عنيفة بين السوريين، واللافت أن هذه الأصداء كانت واضحة بين جمهور الموالين للنظام على وجه الخصوص، حيث عبّر الكثير منهم في تدويناتٍ وتعليقات عن غضبه من تعرّض قاصرين للضرب بهذه الطريقة الوحشية من قبل عناصر أمن.

وكتب أحد السوريين الذين يعيشون في العاصمة دمشق: “إذا كانوا بالفعل قد قاموا بالغش في الامتحانات، فهل هناك داعي للضرب والتعنيف والاعتقال، هناك قوانين الفصل والحرمان من الامتحان في هذه الحالة ولا يوجد أي داعي للضرب المبرّح لهؤلاء الأطفال”.

وكتب مواطن آخر: “لو كان هؤلاء أبناء ضباط أو وزراء أو حتى مسؤولين لكان أحد منهم تمكّن من اعتقالهم أو ضربهم أو حتى سحب ورقة الامتحان منهم” متابعاً أن هؤلاء يحصلون على الشهادات العليا بالغش ولكن بعيداً عن الشاشات.

وورد تعليق بحساب فيسبوكي يحمل اسم إياد زهرة يقول: “ليتهم تعاملوا بهذه الطريقة الهمجية مع الزعران واللصوص”.

أما تالا حداد، فقالت تعليقاً على ما شاهدته في الفيديو: “حمقى. جماعة حمقى. تركتم سارقي طعام الجنود، وأظهرتم عضلاتكم على طالب بحجة مكافحة الغش. بلغت الحماقة حداً يصعب علينا استيعابه”.

وأثار الفيديو بلبلةً داخل التلفزيون الرسمي التابع للنظام السوري في حماة، فعملية التصوير للمقطع لم تكن خفية وإنما بشكل علني، وبلقطات تبيّن أن المصوّر كان مرتاحاً خلال عمله، ليتضح بعدها أن تلفزيون النظام الذي كان يواكب سير عملية الامتحانات قام بتصويره ليعرضهم على أنهم شبكات غش في الامتحانات، لكن بحسب ما كشفت وسائل إعلام محلية فإن التلفزيون تراجع بسبب المقاطع المؤذية، ليقوم أحد المصوّرين بتسريبه للإعلام.

 

 

محافظ حماة رأس الشبيحة

أكثر ما أثار حفيظة السوريين الذين شاهدوا المقطع أن محافظ حماة محمد الحزوري، كان على رأس القوة الأمنية التي اعتقلت الطلاب وضربتهم، ما أكّد تورّطه في هذه “العملية”، علماً أن منصب المحافظ هو منصب مدني.

وبحسب مصادر “صدى الشام” فإن الامتحانات في المدينة شهدت عموماً استخداماً للهواتف المحمولة وتم ممارسة الغش بشكلٍ علني، في مراكز امتحانية متعددة دون أي عملية ضبط.

لكن تبقى للمدارس حُرمتها في القوانين المحلية والدولية، ويُمنع دخول أي عناصر مسلّحة إلى المدارس والجامعات، ففي ذلك مخالفة للقوانين الدولية.

النظام يبرّر

عقب الحادثة حاول نظام الأسد تبرير عمليات الضرب والاعتقال. وقالت صفحة فيسبوكية تدعي أنها ناطقة باسم شرطة حماة: “أكد مصدر في قيادة شرطة حماة انه لم يتم توقيف أي طالب من المتقدمين لامتحان شهادة الكفاءة (التاسع) ولم يتم إخراج أي طالب من قاعة الامتحان بحجة الغش والتنقيل أو غير ذلك” موضحةً أن الشبان الذين ظهرو في مقطع الفديو هم عبارة عن “شبكة تنقيل” بالقرب من سور المدرسة عن طريق الهواتف الخليوية، وعند اكتشاف أمرهم من قبل رئيس مركز الامتحان حاولوا إثارة الشغب والفوضى بالقرب من المدرسة، والبعض دخل بالقوة الى المدرسة وتزامن ذلك مع وصول وفد المحافظ وقائد الشرطة الى المدرسة وضبطهم جميعاً.

وأضافت: “أما الشاب صاحب الزي العسكري الذي تغنت به معظم صفحات مواقع التواصل الاجتماعي واعتبرته البطل الآتي من احدى أسخن الجبهات القتالية كي يقدم امتحان، فهو ليس طالب وحاول اقتحام مركز الامتحان بقوة السلاح بعد أن منعه عناصر الأمن المتواجدون على الباب، وكان يريد تنقيل أحد الطلاب داخل القاعة مقابل مبلغ مالي متفق عليه حسب اعترافه، وتم تحويله الى الشرطة العسكرية، وهو مدني متعاقد مع القوات الرديفة”

وعلى الرغم من أن الرد لم يقنع السوريين، إلّا أن وسائل إعلام النظام بثّته على نطاقٍ واسع للتغطية على الحادثة.



صدى الشام