ترامب.. مكافحة الإرهاب أم مكافحة الإسلام؟


في الزيارة التي لا بد من اعتبارها تاريخية للرئيس الأمريكي رونالد ترامب الى السعودية، والتي جمع حوله فيها 55 ممثل دولة بين رئيس ورئيس حكومة، صرّح بما لم يصرح به غيره، وصدق فيما كذب غيره (ولكن هذا لا يعني أنه لم يكذب، ولم يسكت عن صدق).

لأول مرة وفي هكذا إجتماع وأمام هكذا حشد من رؤساء الدول والحكومات صرّح دونالد ترامب بأن ايران تموّل وتسلح وتدرب الإرهابيين، وهي مسؤولة عن إشعال النزاعات الطائفية حيث حلت، في لبنان والعراق واليمن كما أنها تزعزع الاستقرار في سوريا، ولم يرتكب الأسد جرائمه بحق شعبه إلا بالدعم الإيراني.

 

حقائق لم تكتمل

إن هذا الكلام من أجمل ما قد يسمعه الشعب العربي المكلوم عن التدخلات الإيرانية القديمة الجديدة، بزرعها بذور الطائفية وتغذيتها وتمويلها وتدريبها للميليشيات على مستوى الساحة العربية قاطبةً، فايران هي من غازل حكم حافظ الأسد منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهي من صنعت الحوثيين في اليمن، ومن موّل الميليشيات العراقية إبان حكم صدام حسين كحزب الدعوة وغيره، كما أنها هي من شكّل “حزب الله” في لبنان وبمساعدة مباشرة من حافظ الأسد، وهي أيضاً التي لا تزال تتحرك نحو المغرب العربي بالبعثات الطائفية لاستمالة الفقراء تمهيداً لزرع الفتن هناك.

من هنا كانت فرحة من سمع الخطاب لتقديره أنها هذه هي أول مرة يصرح فيها رئيس امريكي بحقائق تمس مصالح المواطن العربي بشكل مباشر، فقد حدد ترامب القتيل والضحية بدون لبس او مواربة.

لكن ترامب لم يذكر أبداً الروس الذين يُعتبرون الظهير القوي للإيرانيين ولعصابة بشار معاً، ولولا وجودهم وتأييدهم ودعمهم لإيران وللعصابة بالسلاح والذخيرة والخطط لانهار بشار وميليشياته، ولهربت ايران منكفئة خاسرة.

كما تناسى ترامب أيضاً أن الروس كانوا مشتركين بشكل مباشر في الحرب على الشعب السوري، فعلى مدى سنة ونصف تقريباً، دمّروا المدن فوق رؤوس سكانها وقتلوا الشعب السوري، وعلى مرآهم ومسمعهم استخدمت العصابة الأسدية غاز السارين لقتل الشعب. وما جريمة خان شيخون عنا ببعيدة. وهم كذلك من يسّر للعصابة الحاكمة استخدام غاز الكلور لشل الجبهات مستفيدة من كونه غير مصنف بين أسلحة التدمير الشامل، وهم من فرض التهجير على الثوار الرافضين لإجراء التسوية مع النظام، فهم بالنتيجة أحد عناصر الإجرام الأساسية ضد الشعب السوري لكنه تناساهم .

بالمقابل كانت الحلول “واضحة” بالنسبة للسيد ترامب، وهي التخلص من “داعش” دون ذكر من صنع  ومول وساهم في إبقاء التنظيم.

لقد اعتبر ترامب هذه القمة بداية النهاية للإرهاب. لكن كيف يكون ذلك وهناك من شكّل وصنّع “داعش” وموّلها أو سمح لها بأسباب التمويل والتسليح والتذخير. كيف وهذا الطرف ما يزال حراً طليقاً؟

 

مركز مكافحة الإرهاب

لم يكن الشعب السوري يوماً متشدداً، ولكن هذه الخطوة قد تكون فعلاً بداية النهاية لتعامل الحكومات العربية مع وجود الإسلام وحرية المسلم في عباداته، إن كان ذلك موجوداً في بعض الدول، فالمرحلة المقبلة قد تكون شبيهة بـ “إسلام السيسي” في مصر من منع للأذان ووضع تسعيرة للصلاة في المساجد ومحاربة للمؤسسات الإسلامية ولرموز التاريخ الإسلامي، وقد يكون هذا هو المطلوب. فهل ينقص الدين الإسلامي مركز دعوي ليفتتح ترامب ما أسماه مركز مكافحة الإرهاب؟ والأنكى من ذلك أن يكون مركزه الرياض؛ عاصمة الدولة التي تضم مهد الرسالة المحمدية.

ولكن ألا يحق لترامب أن يقول ما قاله وهو الذي خرج من بلاده ليسجل نصراً يتحدث به الشعب الأمريكي عوضاً عن فضائح تطال إدارته وربما هو أيضاً؟ألم يكن الرئيس الثاني بعد ريتشارد نيكسون الذي اضطر لإقالة مستشار الأمن القومي ، دون أن يسلم بعدها نيكسون حيث أقال نفسه لاحقاً؟

 

إلهاء الشعب الأميركي

لقد كانت فضائح ترامب كفيلة بأن تنهي ولايته قبل موعدها، لذا فقد كان بحاجة للذهاب بالشعب الأمريكي إلى انتصارات خارج الحدود يتحدث عنها وينسى ما لديه من آلام! فقد سحب ترامب 460 مليار دولار من الخزينة السعودية ليودعها في الخزانة الأمريكية ثمناً لسلاح وصفقات أخرى تاه تصنيفها أمام الأرقام المعلنة!

ليس ذلك وحسب بل إن ترامب جمع 55 رئيس دولة ورئيس حكومة إسلامية ليوزع عليهم مهام عملهم في المرحلة المقبلة. كما أنه فرض عدم البحث في قضية القدس كونه اعتبرها عاصمة أبدية لدولة “إسرائيل”.

إنه ترامب الذي منع مواطني ست دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أمضى أشهر التحضير للإنتخابات الأمريكية وهو يهاجم الإسلام والمسلمين، لنجده اليوم يقول “إنها ليست حرباً على الأديان إنما هي حرب بين الخير والشر”!



صدى الشام