سورية.. ودحر التوسع الإيراني


الاتحاد

رغم حذر الرئيس دونالد ترامب من الانزلاق في براثن الحرب الأهلية السورية، تجد الولايات المتحدة نفسها الآن في خضم المعركة المتصاعدة جنوب سوريا، وقاد ذلك إلى مواجهة الأسبوع الماضي بين القوات الأميركية وميلشيات موالية للأسد ومدعومة من إيران. وإذا ما اقتنص ترامب الفرصة، فيمكنه توجيه ضربة للنفوذ الإقليمي الإيراني، والمساعدة في إنقاذ سوريا. وبحسب رواية الإدارة الأميركية، كانت الضربة الجوية التي نفذها التحالف الدولي في 18 مايو قرب معبر «التنف» على الحدود السورية مع الأردن والعراق حادثاً منفصلاً، وأوضح بيان القيادة المركزية الأميركية، أن «قوات موالية للنظام» عبرت «منطقة نزع التوتر»، وهو ما مثّل تهديداً على قوات المعارضة والجنود الأميركيين الذين يدربونهم. بيد أن المواجهات قرب معبر «التنف» لم تكن حادثاً منفصلاً. ويشير مسؤولون وخبراء وقادة ميدانيون في المعارضة إلى وجود مواجهة دائرة ومتسارعة بدرجة كبيرة في تلك المنطقة أثارها اعتداء الميليشيات المدعومة من إيران. وتحاول إيران الترسيخ لسيطرة استراتيجية على الأراضي، التي تخلق ممراً من لبنان وسوريا عبر بغداد إلى طهران. وإذا نجحت الحملة الإيرانية، فإنها ستعيد تشكيل الوضع الأمني الإقليمي بشكل كبير، وتضر بالمعركة ضد تنظيم «داعش الإرهابي» في مدينة دير الزور، وتقوض بصورة مباشرة الجهود الأميركية الرامية إلى تدريب وتجهيز قوة قتالية سنية محلية، والتي تعتبر ضرورة في إرساء الاستقرار على المدى الطويل. وباختصار، لا يمكن للولايات المتحدة تفادي تلك المعركة ولا ينبغي لها فعل ذلك، بل إنها فرصة لدحر العدوان والتوسع الإيراني.
ولم تؤدِ الضربات الجوية إلى تحول في حسابات طهران. وقال «تشارلز ليستر» من معهد «الشرق الأوسط» إن الضربة تم توجيهها لميلشيا تدعمها قوات الحرس تُدعى «خطيب إمام علي». وبعد الضربة، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «فارس» أن إيران سترسل ثلاثة آلاف مقاتل إلى منطقة «التنف» لإحباط «مؤامرة أميركية».
ونوّه قائد في المعارضة السورية يعمل عن كثب مع الجيش الأميركي إلى أنه في حين يوجد مزيج من القوات السورية والإيرانية والميليشيات تقاتل في المنطقة، إلا أن الإيرانيين هم من يتولون إدارة الحملة العسكرية. وهدفهم الأول هو بسط السيطرة على المثلث الأمني الذي يتيح حرية الحركة بين تدمر ودير الزور في شرق سوريا وبغداد.
والهدف الثاني للإيرانيين هو حصار المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة في منطقة «التنف»، وعزلها عن دير الزور، لأنه إذا استعادت المعارضة السيطرة على المدينة من «داعش»، فإنها ستكون منحة ضخمة للمعارضة السنية على حساب نظام بشار الأسد.
وقد فتحت جماعتان تابعتان للمعارضة السورية جبهة ضد القوات المدعومة من إيران قبل نحو أسبوعين، في رد على الحملة العسكرية الإيرانية، حسبما ذكر أحد قادة المعارضة. وحتى من دون إقرار علني من واشنطن، تعتقد جماعات المعارضة أن لديها دعماً تكتيكياً من الولايات المتحدة للحيلولة دون استعادة إيران والنظام للمنطقة. وذلك الاعتقاد يوحد جماعات المعارضة ميدانياً، التي لطالما أرادت محاربة إيران والنظام، إضافة إلى تنظيم «داعش».
وهؤلاء الذين يؤيدون المعارضة السورية في واشنطن يلاحظون أيضاً تحولاً في الطريقة الأميركية تجاه مواجهة إيران في سوريا. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان ذلك يمثل تغيراً عرضياً أو متعمداً على مستوى السياسات. وربما أنه ترامب يتحرك نحو انتهاج سياسة أكثر شدة تجاه إيران ونظام الأسد، ومن ثم كان لذلك تأثيرات واقعية في ميدان المعركة.
ويقول معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لقوة مهام الطوارئ السورية، «إن للولايات المتحدة خصمين رئيسين في سوريا هما إيران وداعش، وكلاهما يشكل مخاطر ضخمة على الأمن القومي والمصالح الأميركية في المنطقة».




المصدر