(في أيدٍ أمينة) تجربة سورية رائدة في إزالة الألغام


جيرون

تنغّص مخلفات القصف، بالأسلحة المتفجرة والقنابل العنقودية التي يستخدمها النظام وحلفاؤه، والألغام التي زرعها تنظيم (داعش) بكثرة في الشمال السوري، على الأهالي معاشهم وشعورهم بالأمان؛ وتحرم النازحين من العودة إلى قراهم ومزارعهم، وتؤثر تأثيرًا مباشرًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعوق أعمال القطاع الزراعي.

تحاول بعض الكادرات الشبابية تلبيةَ الحاجة الإنسانية لحماية المدنيين، وتعمل على تأمين عودتهم إلى أرضهم سالمين، من خلال تمشيط الألغام وإزالة مخلفات القصف، ونشر رسائل توعية هدفها تعريف الأطفال وأهليهم بأماكن تواجد الألغام، لتجنيبهم خطر الاقتراب منها.

حول هذه التجربة، قال غياث دك مدير مكتب خدمة المجتمع في منظمة (في أيدٍ أمينة) -وهي أول منظمة سورية مختصة في مجال إزالة الألغام لأغراض إنسانية- قال لـ (جيرون): “برنامج إزالة الألغام واحدٌ من البرامج التي تعمل المنظمة على تنفيذها، حيث تقوم فرق العمليات في المنظمة بإزالة الألغام لدواعي إنسانية فحسب، بهدف تطهير الأرض لتسهيل عودة المدنيين إلى ديارهم وممارسة أعمالهم الروتينية، من دون أن يتعرضوا لخطر الألغام ومخلفات الأسلحة التي لم تنفجر”. وعن كادر المنظمة وأنشطة الفرق، قال: “ينشط فريق المنظمة المؤلف من 50 شابًا متطوعًا في 4 محافظات هي إدلب، حلب، حماة، واللاذقية”، وأكّد أن الفريق “ركز مؤخرًا على مدينة الباب، وما حولها من بلدات ومزارع، لكثرة الألغام التي زرعها هناك تنظيم (داعش) قبل هروبه”، مشيرًا إلى أن “الجهات المختصة، من فرق هندسية تابعة للجيش التركي أو للجيش الحر، تمشط المناطق التي تحررها من دون أن تتوغل في البلدات والمزارع المحيطة بها؛ وبالتالي فإنها تنظف المناطق المركزية، بينما تبقى الأطراف والمناطق الفرعية ملوثة، وهو ما يحاول فريق المنظمة تغطيته عبر تمشيط مساحات أوسع من بقايا المتفجرات والألغام”.

من جهة أخرى، أوضح الدك أن “نقص المعدات اللازمة للمتطوعين، من ألبسة واقية وأدوات حماية، يعرضهم لإصابات خطرة، قد تودي بحياتهم في بعض الأحيان” وأوضح: “نحاول تأمين المستلزمات للمحافظة على حياة العاملين، ولكن الدعم ما يزال في حدوده الدنيا، وتشترط دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (UNMAS) اعترافَ النظام السوري بالمنظمة لتقديم الدعم لها”، مشيرًا إلى “استحالة تنفيذ هذا الشرط”.

في السياق ذاته، نبه الدك إلى مساعي المنظمة للحصول على دوراتٍ وورش تدريبية دولية، وفقًا للمعايير العالمية، من شأنها الارتقاء بالمستوى العملي للمتطوعين، وبالتالي تأمينهم أكثر، مشيرًا إلى أن “المتطوعين ليسوا جميعهم مختصين في مجال الألغام، ولكن الضرورة اقتضت أن يعلّموا بعضهم بعضًا”.

تعدّ مخلفات الحرب والألغام من أعقد المشكلات، في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ذات الكثافة السكانية العالية، حيث إن الجهات المختصة بإزالتها، ومعظمها تابع لمنظمة الأمم المتحدة، لا تعمل إلا من خلال “لوبي” مرتبط بالنظام وقواته، فلا تتم العملية بنزاهة وإنما تسير وفقًا لمصالح النظام والميليشيات والقوات الحليفة له.

(في أيدٍ أمينة) هي منظمة مجتمع مدني بدأت عملها، منتصف عام 2016، مؤلفة من شباب متطوعين مُدربين في مجالات إزالة الألغام، ولها عدة برامج تصب في حماية المدنيين، وبلغ عدد المستفيدين المباشرين من خدماتها المتنوعة، بين خدمات التوعية، والمسح الميداني وتحديد المناطق الملوثة، وأعمال إزالة الألغام ومخلفات الحرب غير المتفجرة، نحو 400 ألف نسمة في 4 محافظات.




المصدر