رمضان في سوق معرة النعمان


ولاء عساف: المصدر

تعتبر الأيام الأخيرة التي تسبق شهر رمضان بالنسبة للسوريّين أيام استعداد لاستقبال الشهر الكريم. وتعدّ مائدة الإفطار السوريّة من الموائد المميزة بتنوعها، ومن الملفت أن وجبة الأغنياء لا تختلف عن وجبة الفقراء، فالصائم لا يستطيع أن يبدأ إفطاره بوجبة دسمة.

ومع أذان المغرب، يبدأ الإفطار مع كأس العرق سوس أو التمر الهندي، المشروبان المشهوران في هذا الشهر، لينتهي مع قائمة حلويات سوريّة غنيّة.
لكن الحرب اليوم والتي لم تبق ولم تذر، قلبت موازين الحياة، وتراجعت حالة الفرح والابتهاج التي كانت تحدثك عنها البيوت قبل أصحابها، وبقي شهر رمضان عبارة عن شهر عبادة.

أصبح شهر رمضان يتعب الذاكرة بذكريات شهيد أو فقيد أو معتقل. حيث قالت في ذلك “أم أحمد” من معرة النعمان: “فقدت اثنين من أبنائي… وابني الثاني لم يمض على استشهاده ثلاثة أشهر… كان ابني أحمد يقوم بإيقاظنا على السحور ويبقى ينادينا حتى نستيقظ ونجتمع على مائدة السحور وضحكته الجميلة لا تفارقه… فأي ذاكرة بات يحمل السوري”.

يوصف شهر رمضان بأنه شهر “جمعة الأقارب” حول مائدة الطعام وأوقات صلاة التراويح، لكن ذاك السوريّ النازح والذي يسكن خيمة في أحد المخيمات، أو ذلك السوري الذي على الجبهات، أي رمضان سيقضي… وأي جمعة أقارب؟

قال “أبو سعيد” عندما سألناه عن وضعه في أحد المخيمات وكيف يستعد لاستقبال رمضان إنه حصل على سلة إغاثية تكفيه لاستقبال شهر رمضان راضياً رغم أنه فقد والده وأخيه في قصف طيران منذ ستة أشهر.

وتابع “أبو سعيد” قائلا: “كان أبي رغم كبر سنه يتلو القرآن بصوته الشجي تلاوة تخشع له القلب… لن نسمع في رمضان هذا صوته”.

أما “أم خالد”، وعندما سألتها عما تشعر به وهي تستقبل شهر رمضان المبارك، سبقت الدمعة لسانها، “الشهداء لا يجلبون الحلوى في رمضان يا امي”.

ولكن رغم كل المآسي الحياة ما زالت مستمرة والشعب السوري قوي بما يكفي ليستمر، فها هو سوق معرة النعمان في ريف إدلب يعج بالناس من بائعين ومشترين، حيث ينتشر باعة الحلويات الشهيرة كالكنافة، والمعجنات كالمعروك والمعروك المحشي بالتمر (العجوة)، ومحلات بيع الحمص والفول والسوس والمخللات، يتنافسون في عرض بضائعهم على المشترين والمستهلكين.

كلٌّ يشتري حاجاته ولوازمه المنزلية استعداداً للشهر الكريم، إضافة إلى “السلة الرمضانية” التي يحصل عليها السكان والتي تعيلهم على مصاريف شهر رمضان في ظل هذا الغلاء الكبير. ويبقى شهر رمضان شهر الخير والعطاء.





المصدر