النظام يقصف مخيم اليرموك و(داعش) يواصل تجنيد أطفال


غسان ناصر

تعرض مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبي دمشق، في اليومين الماضيين، للقصف بعدد من البراميل المتفجرة، وقالت مصادر إعلامية فلسطينية، من داخل المخيّم: إنّ طيران النظام استهدف، بالبراميل المتفجرة، محيطي مؤسسة الكهرباء على شارع اليرموك الرئيسي، ومسجد فلسطين قرب مركز الإعاشة؛ ما أسفر عن وقوع إصابات بين المدنيين، واندلاع حريقٍ في أحد المنازل القريبة من مكان سقوط البراميل المتفجرة.

ونقل مراسل (بوابة اللاجئين الفلسطينيين) من داخل المخيّم، أنّ القصف تزامن مع اندلاع اشتباكات عنيفة، على عدة محاور قتالية، بين قوات النظام والمجموعات الفلسطينية الموالية له من جهة، وتنظيم (داعش) و(أحرار الشام) من جهة أخرى.

وفي سياق متصل، أفادت الأنباء الواردة من جنوب سورية أنّ حي طريق السد في مدينة درعا، وفيه تجمع للعوائل الفلسطينية، فضلًا عن مئات النازحين عن مخيّم درعا، تعرض للقصف بصاروخ أرض-أرض، من نوع “فيل” استهدف عددًا من الأبنية السكنية؛ ودمّر عدة منازل.
تتعرض الأحياء السكنيّة في مخيّم درعا، منذ الخميس 25 أيار/ مايو، لاستهداف عنيف بالرشاشات الثقيلة، من قِبل قوّات النظام المتمركزة عند حاجز درعا المحطة، دون أنباء عن إصابات.

تضع قوّات النظام مخيّم درعا ضمن دائرة الاستهداف المباشر، منذ اندلاع الأحداث في سورية؛ ما تسبب بتهجير معظم سكّانه، وإحداث دمار واسع في الأبنية والممتلكات.

يرى مراقبون أن تصريحات المسؤولين الفلسطينيين الموالين للنظام السوري تتصف بالضبابيّة في ما يتعلق بخروج عناصر تنظيم (داعش) من المخيّم ومصير الأهالي المحاصرين فيه، حيث لم يحدّد أمين سرّ (تحالف القوى الفلسطينية) خالد عبد المجيد، في تصريحه الأربعاء الماضي، موعدَ بدء تنفيذ خروج المسلحين فعليًّا من مخيّم اليرموك، ولم يفصح عمّا إذا كان الخروج المعني يشمل مسلّحي (داعش). ولم تُرصد أي تحرّكات لخروج أيّ من المسلحين حتى مساء يوم السبت.

إلى ذلك وردت أنباء متضاربة، من داخل المخيّم، حول تحضيرات مفترضة يقوم بها تنظيم (داعش) لمغادرة المخيّم والمناطق التي يسيطر عليها جنوب العاصمة دمشق، إذ نشر التنظيم، الأحد 21 أيّار/ مايو، إعلانًا يدعو فيه الراغبين من أنصاره في الهجرة إلى “أراضي دولة الخلافة” بتسجيل أسمائهم، في عدّة نقاط في المخيّم ومنطقة العسالي المجاورة له، وترافق ذلك -بحسب مصادر فلسطينية- مع قيام عناصر من التنظيم ببيع أغراضهم الشخصيّة بأسعار زهيدة، استعدادًا للخروج من المخيّم، إضافة إلى ترحيل العديد من مسلحي التنظيم زوجاتهم وعائلاتهم إلى حي الحجر الأسود والقدم المجاورَين.

مفاوضات لتسوية لا مكان لـ (داعش) فيها

تأتي هذه الأنباء مع ورود أخبار عن تسوية، يجري التفاوض بشأنها، بين قوات النظام وفصائل المعارضة السورية المسلحة و”هيئة تحرير الشام”، وكان آخرها تسوية حي القابون، وقبلها ما عُرف بإتفاق “المدن الأربع” مع “هيئة تحرير الشام”، وشملت بنود الاتفاق خروج مسلحي “الهيئة” من مخيّم اليرموك إلى مدينة إدلب شمالي سورية.

ووفقًا للمصادر الفلسطينية المتابعة للأحداث، فإن واقع تنظيم (داعش) لا يتيح له أن يتفرّد برفض الانخراط في أي تسوية حاليًا، من شأنها تبديد “بقائه وتمدده” وفق شعاره الشهير، ولا سيما أنّه فعليًّا كان أوّل تنظيم مسلّح في جنوب دمشق، قد أبرم تسوية مع النظام، في أواخر 2015، نصّت على خروجه من جنوبي دمشق، لكنّها سرعان ما تعثّرت بعد خروج أوّل قافلة أقلّت بعض عائلات عناصره عبر مناطق النظام إلى مدينة الرقّة.

وترجع أسباب التعثر المتعمد إلى حسابات تخصّ النظام دون سواه، خشيةً منه من توسّع سيطرة فصائل المعارضة في عمق العاصمة، حيث يرى النظام أنّ أولوية صراعه الفعلي هو مع المعارضة، وفق ما يذهب إليه متابعون للوضع السوري.

على ضوء كل ذلك، يترقّب أهالي المخيّم مصيرهم، سواء الذين بقوا داخله، ويقدر عددهم نحو 3 آلاف مدنيّ، أو الذين نزحوا عنه إلى بلدات جنوب دمشق المجاورة وعددهم نحو 12 ألف مدنيّ، أو الذين هُجِّروا إلى أحياء العاصمة دمشق ومنها إلى أصقاع الأرض. وعلى الرغم من الحديث المتكرر، عن إعادة الأهالي إلى مخيّمهم، وكان آخره ما نقلته فضائية (الدنيا) التابعة للنظام، عن خروج (داعش) من مخيّم اليرموك خلال أيام، ودخول قوات “الجيش العربي السوري والفصائل الوطنية الفلسطينية” لإزالة الألغام والمتاريس داخل المخيّم، تمهيدًا لعودة الأهالي، إلّا أنّ تجارب التسويات السابقة التي طالت مخيّمات وتجمّعات فلسطينية، تعزز مخاوف الأهالي على مصيرهم، ولا سيّما في ظل استمرار غياب مرجعية وطنية فلسطينية، وكذلك غياب الجهات الدوليّة الموكلة بحماية اللاجئين الفلسطينيين، خاصة وكالة (الأونروا) التي يفترض حرصها على استمرار بقاء المخيّمات بعيدة من نيران الأطراف المتحاربة وحماية أهلها، وضمان عدم التعرّض لهم من قبل قوات النظام أو أي جهة كانت.

إغراءات ماليّة للعائلات  

على صعيد آخر، قالت “مجموعة العمل من أجل فلسطيني سورية” و”بوابة اللاجئين الفلسطينيين” -نقلًا عن مصادر محليّة في مخيّم اليرموك- إنّ تنظيم (داعش) نشر، الأسبوع الماضي، إعلانًا على جدران مخيّم اليرموك، يدعو فيه أهالي المخيّم إلى تسجيل أطفالهم بين عمر 12 و14 عامًا، في “المدرسة الشرعيّة العسكريّة للأشبال” وتهدف المدرسة -حسب الإعلان- إلى “بناء جيل موّحد مجاهد، حامل لكتاب الله -عزّ وجل- ويحمل همّ الأمّة في إقامة الدين في الإرض”.

وحول الموضوع، قالت إنّ التنظيم المتشدد يحاول استغلال الحاجة الماديّة للأهالي، عبر تقديم معونات ماليّة للعائلات التي تُرسل أطفالها إلى مدارسه الشرعيّة، وأضافت المصادر أنّ بعض العائلات تضعف أمام هذه المغريات؛ نتيجة ضغط الحاجة، في ظل انعدامٍ شبه كامل للمصادر الماليّة لديها.

ويدفع (داعش) -وفق المصادر- بأطفال من مخيّم اليرموك، في مهمات عسكرية، ويأتي افتتاح “المدرسة العسكرية الشرعيّة” استكمالًا لعمليّات تجنيد الأطفال، حيث يُنشؤون على الفكر المتطرف الذي يحمله التنظيم.

ويعمد تنظيم (داعش)، في معظم مناطق سيطرته في سورية والعراق، إلى تجنيد الأطفال والتأثير في عقولهم، والدفع بهم إلى مهمات خطيرة، في انتهاك خطير قد امتدّ مؤخّرًا إلى مخيّم اليرموك، ليضاف إلى جملة الانتهاكات التي يمارسها التنظيم بحق أهالي المخيّم، منذ أن سيطر عليه، في نيسان/ أبريل 2015.




المصدر