في أول جولة خارجية له.. حلفاء "ترامب" الأوروبيون يشهدون وجهيه


شهد حلفاء الولايات المتحدة وجهي الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في أول جولة خارجية يقوم بها منذ تولى الرئاسة على مدار تسعة أيام بدأت بالرقص بالسيف في السعودية وبتعهدات مبهمة في إسرائيل عن تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

فقد أنصت "ترامب" في صقلية باهتمام خلال مناقشات معقدة أجرتها مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى حول التجارة والتغير المناخي وابتسم للكاميرات وامتنع معظم الوقت عن نشر تغريدات مستفزة.

أما في بروكسل فقد انتقد شركاءه في حلف شمال الأطلسي لعدم زيادة إنفاقهم على الدفاع ودفع رئيس وزراء جمهورية الجبل الأسود وجدد انتقاده للفائض التجاري الألماني مع الولايات المتحدة.

ومع عودة "ترامب" إلى بلاده وجد المسؤولون الأوروبيون أنفسهم يشعرون بمشاعر متباينة من ارتياح لأنه صبر على الإنصات لآرائهم إلى ارتباك أمام شخصية مزدوجة ما زالت تتلمس طريقها في قضايا السياسة الكبرى.

وقالت "جوليان سميث" من مركز الأمن الأمريكي الجديد: "كل هذا يلائم نهج الغموض الاستراتيجي الذي يتبعه. ربما يحقق ذلك المعجزات عند التعامل مع الخصوم. لكنه لا يفلح عند التعامل مع الحلفاء."

وكان قادة آخرون لدول من أعضاء مجموعة السبع يترقبون القمة التي عقدت في فندق مقام على صخرة تطل على البحر المتوسط بارتياع وذلك بعد فشل أربع اجتماعات تحضيرية في تسوية الخلافات مع إدارة ترامب حول التجارة والتغير المناخي وكيفية التعامل مع روسيا. غير أن مسؤولين قالوا إن النتيجة في النهاية كانت أفضل مما كانوا يخشون.

وسلم البيان الختامي بوجود اختلاف بين الولايات المتحدة وشركائها الست في مجموعة السبع حول الالتزام باتفاق باريس لعام 2015 بشأن التغير المناخي. وجاء ذلك في أعقاب نقاش مع "ترامب" وصفته المستشارة الألمانية "انجيلا ميركل" بأنه "غير مرض على الإطلاق".

غير أن "ترامب" أذعن فيما يتعلق بالتجارة للضغوط من حلفائه من أجل الحفاظ على تعهد بمكافحة سياسات الحماية. وفيما يتعلق بروسيا لم يصر الرئيس على إزالة التهديد بفرض عقوبات إضافية على موسكو بسبب تدخلها في أوكرانيا.

وقال رئيس الوزراء الايطالي "باولو جنتيلوني" مضيف قمة مجموعة السبع "وجدته مستعداً جداً للتواصل وفضولي جداً وله قدرة ورغبة في طرح الأسئلة والتعلم من محاوريه كلهم".

حلف الأطلسي

ومع ذلك كان هناك شعور بالاستياء لرفض "ترامب" الكشف عن موقفه فيما يتعلق باتفاق باريس للحد من الانبعاثات الكربونية.

وقرب نهاية القمة أغاظ الآخرين بنشر تغريدة قال فيها إنه سيتخذ قراره بشأن اتفاق باريس في الأسبوع المقبل ليترك الآخرين يضربون أخماساً في أسداس عن أسباب عدم التزامه بموقف محدد في تاورمينا.

ولكن أقوى عبارات الانتقاد تركزت على ظهوره في مقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل الذي وصفه أكثر من مسؤول أوروبي بأنه "كارثة".

فبينما كان قادة الدول الشريكة للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي يقفون مثل التلاميذ الصغار وجّه "ترامب" التوبيخ لهم لعدم زيادة إنفاقهم وكرر الاتهام بأن بعض الأعضاء يدينون بمبالغ طائلة منذ سنوات وذلك رغم أن مساهمات الحلفاء طوعية.

وكان أكثر الأمور إثارة لقلق الحلفاء أن "ترامب" لم يجدد بصفة شخصية التزامه بالمادة الخامسة التي يقوم عليها فكر الدفاع المشترك لحلف شمال الأطلسي وذلك بعد ما أبداه البيت الأبيض قبل قيام "ترامب" بالجولة الخارجية.

كما فشل "ترامب" في ذكر روسيا التي لا تزال في نظر معظم الأوروبيين سبب وجود حلف شمال الأطلسي. وألقى "ترامب" كلمة أعادت لأذهان الكثيرين الخطاب الذي ألقاه يوم تنصيبه في يناير/ كانون الثاني وحفل بالوعيد. وبدا كأن الخطاب مكتوب ليلقيه على أكثر جماهيره تشدداً في الداخل.

وقال "مايك هاكابي" الحاكم الجمهوري السابق في تغريدة "فخور بدونالد ترامب الحقيقي لإبلاغه بخلاء حلف شمال الأطلسي بضرورة السداد أو التوقف عن الكلام".

وأثار وجود "ترامب" في بروكسل سخطاً خاصاً لدى الألمان الذي أمضوا شهوراً بذلوا فيها جهوداً كبيراً لإقامة علاقة مع "ترامب" ومن ذلك الدعوة التي وجهتها "ميركل" لابنته "إيفانكا" لحضور قمة نسائية لمجموعة العشرين في برلين ثم وجدوا أنفسهم يتعرضون لهجوم منه على جبهتين.

وقبل التوجه إلى قمة حلف شمال الأطلسي انتقد "ترامب" الفائض التجاري الذي تتمتع به ألمانيا وذلك في لقاء خاص مع كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي.

وقال مسؤول ألماني كبير معرباً عن استيائه "إذا كان ترامب يريد حقاً السير في طريق الانعزال فهذا سيعجل بصعود الصين للقمة".

الحصيلة صفر

وبخلاف العبارات الحادة أربكت حركات "ترامب" الجسدية أيضاً مضيفيه. فقد دفع "دوسكو ماركوفيتش" رئيس وزراء جمهورية الجبل الأسود لإزاحته عن طريقه بينما كان زعماء حلف شمال الأطلسي يسيرون إلى المقر الجديد للحلف لالتقاط صور تذكارية.

كما شارك في مصافحتين قويتين مع رئيس فرنسا الجديد "إيمانويل ماكرون" (39 عاماً) الذي بدا أنه تفوق في المرتين عليه.

وتباينت هذه المواقف الخشنة في أوروبا مع الصور التي التقطت قبل بضعة أيام لـ"ترامب" وفريقه وهم يرقصون والسيوف في أيديهم مع حكام المملكة العربية السعودية في استقبال حافل من جانب الملك سلمان.

وفي معرض تلخيص الجولة يوم السبت أبدى مستشارو "ترامب" حماساً أكبر تجاه زيارة السعودية التي اقتنص فيها صفقة سلاح قيمتها 110 مليارات دولار وأقام ما وصفه أحد مساعديه بعلاقة شخصية مع الملك.

وقال مستشاره الاقتصادي "جاري كون": "الرئيس استطاع إبرام بعض من أكثر الصفقات إبهاراً التي أبرمتها إدارة أمريكية على الإطلاق".

وقالت "دانييلا شوارتزر" مديرة الأبحاث في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية في برلين إن الرحلة أكدت "لعبة الحصيلة صفر" التي تقوم عليها رؤية "ترامب" للعالم وفيها يكون اللاعب إما فائزاً أو مهزوماً.




المصدر