نظام الأسد يتنازل لـ”الوحدات”في الحسكة..و”الكردستاني”ل”الحشد” بسنجار


قالت مصادر كردية مطلعة، إن النظام السوري سلّم “وحدات حماية الشعب” الكردية، مؤخراً، شارع القضاة الذي يصل حي تل حجر بحي النشوة وكليتي الآداب والتربية، في مدينة الحسكة. وأهمية شارع القضاة الذي تسكنه غالبية مسيحية، تأتي من ربطه حي تل حجر الذي يشكل أحد مراكز ثقل “وحدات الحماية”، بمناطق حيوية خاضعة لسيطرة النظام كالمجمع الحكومي القريب من كليتي الآداب والتربية. وكانت “وحدات حماية الشعب”، قد تمكنت قبل حوالي سنة من السيطرة على مجمل أحياء مدينة الحسكة، بدعم أميركي، وحصرت بذلك وجود النظام في المراكز الحكومية وسط المدينة.

وتعتبر محافظة الحسكة نقطة اتصال استراتيجية بين سوريا والعراق. وقد حرصت إيران على بقاءها تحت سيطرة النظام، بسبب اتصالها بجبل سنجار في العراق والذي يشكل بدوره المعبر الاستراتيجي الأهم بين محافظة نينوى العراقية والأراضي السورية. وحاولت إيران منذ عامين، تأسيس مليشيا تابعة لـ”الحشد الشعبي” العراقي في الجزيرة السورية، وكان آخرها تأسيس “قوات درع الجزيرة” في أذار/مارس 2017، إلا أن تلك المحاولات لم تجد حاضنة شعبية تدعمها.

من جهة أخرى، توقفت عمليات “الحشد الشعبي” الشيعي العراقي، للسيطرة على القسم الغربي من ناحية القيروان، عند قريتي تل القصب وتل البنات الايزيديتين. وأعلن “الحشد” في بيان له، عن سيطرته على قرية تل القصب، ثم تسليمها لقوات “لالش” الأيزيدية التابعة لـ”لواء الحسين 53″ التابع بدوره لـ”الحشد الشعبي”. وتأتي “لالش” في المرتبة الثالثة في القوة، من حيث التوجه السياسي للايزيديين في سنجار، بعد كل من “العمال الكردستاني” و”الديموقراطي الكردستاني”. وكان مفترضاً أن يكون وصول “الحشد الشعبي” إلى تل القصب وتل البنات، مقدمة للسيطرة على 11 قرية ايزيدية أخرى، قبل الوصول إلى قضاء البعاج الواقع على السفح الجنوبي لجبل سنجار، المحاذي لمنطقة الهول في الأراضي السورية.

ويشكل جبل سنجار عقدة اتصال مهمة بين الأراضي السورية والعراقية، وأحد أهم التعقيدات السياسية بين كل من “الديموقراطي الكردستاني” و”العمال الكردستاني” اللذين يتقاسمان السيطرة على قضاء سنجار. “العمال الكردستاني” يسيطر على القسم الجنوبي، و”الديموقراطي الكردستاني” على القسم الشمالي، مع تواجد قوات من “بيشمركة روج السورية” في ناحية سنونو والتي تشارك مع قوات بيشمركة إقليم كردستان في تأمين الحدود السورية-العراقية.

ويبرر “العمال الكردستاني” تواجده في جبل سنجار، بحماية الايزيديين من تنظيم “داعش”، متهماً بيشمركة “الديموقراطي الكردستاني” بخذلان الايزيديين خلال الهجمات التي تعرضوا لها في آب/اغسطس 2014. فيما يطالب “الديموقراطي الكردستاني” حزب “العمال الكردستاني” بالانسحاب من جبل سنجار، ويتهمه بالوقوف ضد مساعي حكومة اقليم كردستان للاستقلال، مؤكداً تلك الاتهامات بعد القصف التركي المؤخر لجبلي سنجار وكراتشوك، مشيراً إلى أن “العمال الكردستاني” هو السبب في جميع مشاكل سنجار.

ويتهم “الديموقراطي الكردستاني” حزب “العمال الكردستاني” بالحؤول دون تحرير 13 قرية ايزيدية، منها قريتا تل قصب وتل بنات التابعة لناحية القيروان اللتين سيطر عليهما مؤخراً “الحشد الشعبي”، وكذلك 11 قرية تتبع لناحية البعاج التي ستشكل معبر استراتيجياً مهماً بين سوريا والعراق.

ويسعى “الحشد الشعبي” خلال حملة السيطرة على ناحية القيروان، لتوتير الأجواء مع البيشمركة، خاصة بعد التصريحات الاستفزازية للقيادي في “الحشد” جواد الطيلباوي، الذي اتهم قوات البيشمركة بمساعدة تنظيم “داعش” وخذلان الايزيديين. إلا أن الجانب الكردي طالب “الحشد” بالالتزام بالاتفاقات المبرمة بين بغداد وأربيل، الخاصة بتحرير قضاء سنجار. من جهته، أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في تصريحه الأسبوعي لوسائل الإعلام، اعطاءه الأوامر لـ”الحشد” بالتقدم من دون إعلام أربيل بذلك، مؤكداً أنه سيحل الخلاف معها.

واللافت هو غياب “العمال الكردستاني” اعلامياً وميدانياً عن السجال الذي دار مؤخراً بين “الحشد الشعبي” وييشمركة إقليم كردستان، الأمر الذي يعزوه بعض المراقبين إلى أن الضربة التركية التي تلقاها “العمال” قبل أسابيع في كراتشوك وسنجار، كانت انذاراً أميركياً مبطناً لـ”العمال” بالسماح للاتراك في استهداف مواقعه في حال ساند “الحشد الشعبي”.

ويرى مراقبون أن سنجار تشكل حالياً حقل ألغام بالنسبة لـ”العمال الكردستاني” خاصة بعد الدعم العسكري الذي قدمته مؤخراً الولايات المتحدة لجناحه العسكري في سوريا؛ “وحدات حماية الشعب” في معركة الرقة.

وإذا تمكنت “وحدات الحماية” من تحرير مدينة الرقة، فإنها سترسخ التحالف بينها وبين الولايات المتحدة، وستمتلك أوراق قوة للتفاوض حول الاعتراف بادارتها للمناطق ذات الغالبية الكردية في سوريا، وقد تتنازل عن الرقة للنظام، مقابل الحصول على ذلك.

التحركات السياسية الأميركية المتوقعة، قد تُقلم أظافر الحلف الشيعي في المنطقة، وتقطع الطريق أمام أي تواصل شيعي-شيعي بين سوريا والعراق. وهذا يُرجح تعزيز التحالف الكردي-العربي الممثل بـ”قوات سوريا الديموقراطية” ونزع عباءة “العمال الكردستاني” عنه، وربما انسحاباً عسكرياً للنظام من المناطق الحدودية مع العراق، كما يحدث حالياً في الحسكة. فالولايات المتحدة تقوم منذ ثلاثة أعوام بتأسيس القواعد والمطارات العسكرية في محافظة الحسكة، وهذه يمكن أن تشكل أرضية للتخلي عن وجود النظام.



صدى الشام