شبكات “الدفاع الوطني” تروج الحشيشة في اللاذقية


عارف محمود

كان حيدر في كافتيريا كلية الاقتصاد، في جامعة تشرين برفقة زميله، حين عرض عليه الأخير (سيجارة كيف) للتخفيف من هموم نتائج الامتحان. كانت تلك تجربة حيدر الأولى؛ لم يتعرف حيدر إلى عامل الكافتيريا الذي يؤمّن طلبات الطلاب من الحشيشة، وظل يحصل على ما يريده بوساطة زميله، حرصًا على سلامة المصدر وضمانا لتأمين ما يلزمه وغيره من دون عراقيل. يقول حيدر: “ما زلت أشتري ما يلزمني من الحشيشة، منذ ثلاث سنين، كنت خائفًا في البداية لكني مع الوقت اكتشفت أن كثيرًا من زملائي يتعاطون الحشيشة؛ وصرت ألجأ إلى تدخينها مع موعد كل امتحان جديد”.

في اللاذقية، لم يعد الحصول على “الويد أو سيجارة الكيف” (التسمية الأكثر شيوعًا للحشيشة) بالأمر الصعب إذ يمكن السؤال عنها أو عرضها في سيارة الأجرة أو الجامعة، وبنسبة أكبر في المقاهي التي تقدم المشروبات الكحولية، ويفضلها الشباب على الحبوب التي قد تسبب إدمانًا فيزيولوجيًا. وينتشر استخدام الحشيشة بين الفئات العمرية 15-35 سنة، لتدني سعرها مقارنة مع المواد المخدرة الأخرى.

يقول هادي الذي يساعده عمله (بارمان) في ترويج الحشيش بين زبائنه: “يبلغ سعر الحبة (وزنة 50 غرامًا) من الحشيش البعلبكي بين 20 و25 ألف ليرة سورية تقريبًا، بحسب سعر صرف الدولار، أما الحشيش الأفغاني فهو أرخص ثمنًا مقارنة مع نظيره البعلبكي الأثقل على الرأس”. ويضيف هادي: “لكل صنف زبائنه، وثقة الزبون مهمة في عملي”. وعن طريقة الحصول عليه، اكتفى بالقول: “يأتينا عبر تجار من النظام وأحيانًا نضطر إلى تهريبه بالاتفاق مع ضباط المناطق الحدودية، لكي نؤمن الطلب المتزايد عليه”.

ويكشف هادي أن العديد من متعاطي الحشيش صاروا مروّجين له، خصوصًا مع تضاعف أسعاره، إذ إنه أصبح تجارة مربحة في أوساط الشباب.

يعدّ البعض انتشار الحشيشة في أوقات الحروب أمرًا طبيعيًا، نتيجة الأزمات النفسية التي تعاني منها المجتمعات، لكن ترويج مادة الحشيش، بين تلاميذ المدارس الثانوية، يعطي مؤشرًا على مدى تنظيم تجار الحرب وإدارتهم لأزمات المجتمع السوري، للإفادة منها قدر الإمكان. حيث يعمد قادة الميليشيات المحلية -عبر عناصرهم- إلى تشكيل شبكات صغيرة، من مختلف مناطق النظام، يقومون بترويج الحشيشة بين التلاميذ في ريف الساحل ومدنه، مع غياب أي رقابة رسمية، ووسط خوف أهالي التلاميذ من تلك الميليشيات. وفي هذا الصدد يروي مدرّس الثانوية أسامة لـ (جيرون) عن مذبحة قرية كفر دبيل، قرب مدينة جبلة، وقد راح ضحيتها 13 امرأة قبل عدة أشهر، وكشفت التحقيقات فيها عن ترويج مرتكبيها المنتمين لعصابة الدفاع الوطني لمادة الحشيش بين تلاميذ المدارس. ويضيف “إن خطر هذه العصابات في استقطاب الشباب، تحت مسمى الدفاع عن الوطن، هو أكبر بكثير من عدم وجودها؛ فتجار الحروب لا يعنيهم الشباب أو الأطفال والنساء، فهذه الميليشيات تعوّض ربحها من المنهوبات في أوقات القتال، بترويج المخدرات في أوقات وقف القتال”. ويؤكد أسامة أنه حاول مرارًا مع زملائه، على مدى سنوات، إقامة أنشطة أهلية وحملات توعية ضد هذه الآفة التي تنتشر بين التلاميذ لكن الاستهتار هو كل ما لاقوه من قِبل المسؤولين الرسميين”.




المصدر