عن شابة مغربية تزوجت ثلاثة رجال من «داعش» وهربت منهم بمساعدة «سبية» إيزيدية


لم تكن إسلام، الشابة المغربية ذات الثلاثة وعشرين عاماً، تعلم أن زواجها بشابٍ أفغاني يحمل الجنسية البريطانية ويعمل تاجراً للأدوات المنزلية، سيؤدي بها للعيش في مدينة الرقة السورية. وكانت إسلام تعرفت إلى زوجها عبر موقعٍ للتواصل الاجتماعي وقدم بعد ذلك إلى بلادها بصحبة شقيقته لطلبِ يدها من ذويها. وبالفعل تم الزواج وانتقل الزوجان إلى مدينة جلال آباد الأفغانية، لكن الحال لم تستقر بهما هناك طويلاً فقد عادت إسلام منها إلى المغرب حيث مكثت نحو ثلاثة أشهر، لتعاود السفر إلى تركيا «لتمضية شهر العسل»، على حد تعبيرها.
وتروي إسلام التي تعيش اليوم في مدينة القامشلي لـ «الحياة» في اتصال عبر «سكايب»: «تم زواجي بمراسم رسمية بعدما رفضت الزواج من دون مراسم وبالسر، وعندما سافرنا لم أعلم أنه سينتهي بي المطاف هناك». وتتابع حديثها قائلة: «سافرنا إلى تركيا ومكثنا في شقة يسكنها مهاجرون من جنسيات مختلفة وهناك اعترف لي زوجي بأننا متوجهون إلى الرقة أو «أرض الخلافة» كما كان يسميها، لأستنتج متأخرة أنه ينتمي إلى التنظيم الإرهابي، وبالفعل دخلنا الأراضي السورية عبر بلدة جرابلس بواسطة سماسرة».
ولم يكن زوج إسلام الأفغاني يتكلم لها عن أمور الحرب، لكنه فور وصولهما إلى الرقة طلب منها الالتحاق بدورات شرعية تقوم بها النساء المهاجرات، وكان يصنف ذويها من المرتدين، ما كان يستدعي مراقبة اتصالاتها مع أسرتها في المغرب، بخاصة أن والدها كان متقاعداً من سلك الدرك الملكي، ما يعني أنها قد تكون «جاسوسة لدى التنظيم» وفق ما كان يقول لها زوجها، خصوصاً أنها أبدت مقاومة شديدة للحياة التي فرضت عليها. فهي لم تكن من النساء المتعاونات مع التنظيم، وكانت تقوم بمحاولات مستمرة للبحث عن طريقة للهرب من الرقة والعودة إلى المغرب، لا سيما أنها كانت تعاني من وضع صعب، وخوف دائم وظروف حياة بائسة وغالباً ما كانت تنام في الممرات أو منافع البيوت التي سكنتها هرباً من القصف المتكرر من طيران التحالف الدولي.
وتقول: «في تلك الفترة، شكلت الأحزمة الناسفة وبعض الأسلحة الأخرى بعضاً من المقتنيات الشخصية ووسائل الحماية».
ولم تكن رحلة إسلام مع «داعش» تتلخص بمشاهد القتل التي كانت تصلها في الإصدارات المصورة التي يعرضها التنظيم بين الحين والآخر، بل شهدت على عنف يومي دارت رحاه في المدينة، وقسوة العقاب الذي يطاول بعض النساء اللواتي حاولن الهرب، إذ يتم سجنهن وتزويجهن بالقوة، ما كان يزيد خوفها.
وعندما قتل زوجها الأول في المعارك، كان عليها أن تتزوج بأفغانيٍ آخر يقاتل في صفوف التنظيم أيضاً، لينتهي بها الزواج بثالث وهو مقاتل هندي قبل أن تتمكن من الهرب أخيراً مع طفليها نحو المناطق الكُردية، حيث تعيش الآن في القامشلي، أقصى شمال شرقي البلاد طامحة بالعودة إلى بلدها المغرب لتعيش بأمان مع طفليها. وتقول: «كنت أشعر بالخوف الشديد طوال تلك السنوات بين نساء المقاتلين، وحده زوجي الهندي (الثالث) أشعرني بالأمان، فقد كان يبكي ويمكث في البيت دائماً. لقد كان نادماً لانضمامه إلى صفوف التنظيم، ولعله لم يعرف على ماذا أقدم». وتكشف إسلام تعامل تنظيم الدولة مع المرأة التي تكون بمثابة سلعة لها سعرٌ محدد، فالجميلة منهن ثمنها نحو اثنا عشر ألف دولار، بينما المتوسطة الجمال أو كبيرة السن، نحو ألف دولار، لتحتل العذراء مرتبة الأغلى ويصل سعرها إلى نحو عشرين ألف دولار، في حين أن المتزوجة يتراوح ثمنها بين 10 و15 ألف دولار بحسب جمال مظهرها. وإلى ذلك فللأطفال سعر أيضاً فالذكور منهم يتراوح ثمنهم بين ستة آلاف وثمانية آلاف دولار ليتم تجنيدهم بعد السابعة من أعمارهم، ويطلق عليهم حينذاك تسمية «أشبال الخلافة»، في الوقت الذي تُباع الإناث من الأطفال بمبلغ يتراوح من ثلاثة عشر ألف دولار إلى نحو عشرين ألف دولار.
ووفقاً لإسلام فتعامل التنظيم مع الفتيات الكرديات الإيزيديات المختطفات منذ آب (أغسطس) 2014 بعد معاركه في بلدة سنجار شمال غربي العراق، كان يختلف عن تعامله مع نساء «المجاهدين» الأُخريات. فالإيزيديات بعد سبيهن، يصبحن خادماتٍ لنساء المقاتلين المهاجرين أو زوجات لممارسة الجنس فقط، إذ يتم تزويجهن فقط بعد تحريرهن من الرق. وتقول: «كنت أعرف إيزيدية وكانت صديقتي، تم بيعها وشراؤها اثنتي عشرة مرة وعندما قتل زوجي في معركة كوباني، نقلوني إلى المضافة وهو مكان مخصص للنساء المطلقات والأرامل، هناك وجدت فتاة إيزيدية جميلة الشكل، حررها مقاتل يدعى آدم الشيشاني وتزوجها بعدما كانت سبية».
وتنفي إسلام التي كانت ترفض الزواج بالقياديين بسبب «الاستهداف الأمني»، وجود بيوت الدعارة لدى التنظيم وفق ما شاع من روايات، بل هناك ما يطلق عليه اسم «بيت السبايا» وهو مكان يتم فيه «بيع النساء الإيزيديات وشراؤهن من دون أن يكون لهن رأي في ذاك الزواج أو أي شيء آخر». إسلام التي هربت برفقة صديقتها الإيزيدية إلى القامشلي تعيش اليوم على أمل وحيد هو طي ذلك الماضي والانطلاق في مكان آمن وجديد.



صدى الشام