في أول أيام رمضان.. أسعارٌ ملتهبةٌ وأسواقٌ شبه خاويةٍ في حلب الشرقية


زياد عدوان: المصدر

ارتفعت الأسعار في جميع أسواق مدينة حلب منذ اليوم الأول من شهر رمضان، لتلامس الضعفين، واستغل تجار المدينة دخول شهر رمضان المبارك ليتم مضاعفة الأسعار، دونما أي رداعٍ إنسانيٍ أو أخلاقيٍ يراعي أوضاع المدنيين الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر، وخصوصاً في الأحياء الشرقية لمدينة حلب.

وبسبب الفساد المستشري في الهيئات الرقابية والتفتيشية التابعة لحماية المستهلك التابعة للنظام، يتفاخر العديد من التجار برفع الأسعار والمجاهرة بذلك، ولأن أي مخالفة تموينية أو احتكارية أو غيرها من المخالفات التموينية يتم شطبها مقابل مبلغ مالي “رشوة” تقدم لعناصر تلك الدوريات التفتيشية.

وبالرغم من الجولات الرقابية لحماية المستهلك والتي تقوم بأعمالها اليومية، إلا أن المواطن الحلبي لايزال يشكو من الارتفاع الجنوني للأسعار خلال اليوم الأول من شهر رمضان المبارك.

وشهدت أسواق المدينة إقبالاً كبيراً على التسوق خلال اليوم الأول، بينما كانت العديد من أسواق الأحياء الشرقية لمدينة حلب شبه فارغة، كما كانت نسبة شراء اللحوم ضعيفة جدا، ولأسباب عديدة وأهمها عدم قدرة المواطنين على شرائها بسبب عدم وجود مدخول كافٍ أو عدم امتلاك رب الأسرة عملاً يعيله لشراء ما يلزم أسرته من احتياجات خلال فترة شهر رمضان.

وبحسب متطلبات الأسر الفقيرة فإن معظم الأطعمة والمأكولات أصبحت محرمة عليهم وخاصة في شهر رمضان بعد ارتفاع الأسعار، وبعض العائلات لا يوجد من يعيلها أو ينفق عليها، وذلك نتيجة فقدان المعيل “أب، أخ” بسبب القصف الذي تعرضت له مدينة حلب، أو نتيجة الاعتقالات التي حدثت عقب خروج كتائب الثوار من المدينة.

وفي الوقت ذاته، تنوعت أسواق حلب الغربية بجميع أصناف الخضروات والفواكه واللحوم، إلا أن انتظار مجيء نهاية شهر أيار لاستلام الرواتب، حرم العديد من العائلات خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان من الأطعمة والمأكولات، وذلك بسبب عدم توفر “المال”.

ويعيش قسم كبير ممن نزحوا من أحياء شرق حلب إلى تلك المناطق أوضاعاً مادية صعبة، حتى أنهم لا يستطيعون الشراء من الأسواق دائما، وقد أمضوا يومهم الأول على ما قدم لهم من مساعدات إنسانية “طبخ المجدرة”، بحسب “صلاح خياطة” الذي نزح من حي الميسر.

وأضاف “خياطة” في حديث لـ (المصدر)، أن أغلب عائلات أحياء حلب الشرقية أصبحت تأكل وتقتات من المساعدات الإنسانية المقدمة لها، وذلك بسبب عدم تواجد معيل لها أو من يعمل لتأمين مستلزمات العائلة، بعد اعتقال عشرات الرجال والشبان، مشيراً إلى أنها “المرة الأولى التي يمر فيها شهر رمضان ونحن محرومون من أبسط الأشياء والأطعمة والمأكولات التي كانت موفرة لنا خلال سيطرة كتائب الثوار على المدينة”.

كما يتواجد العديد من المدنيين من كبار السن في أحياء حلب الشرقية، ومر عليهم اليوم الأول من شهر رمضان وهم وحيدون، فمنهم من فقد أبناءه خلال تعرض المدينة للقصف من قبل ميليشيات النظام، وبعضهم هرب أبناؤهم عقب انسحاب كتائب الثوار من المدينة.

وتحدثت السيدة المسنة “مريم السلمو” الموجودة في حي الهلك ضمن أحياء حلب الشرقية عن مأساتها قائلة: “أولادي الأربعة تركوني وفروا هاربين عقب دخول وحدات حماية الشعب الكردية إلى حي الهلك، وأنا أعيش وحيدة في منزلي ولا أجد طعاماً أسد به جوعي أو آكله خلال السحور، وبسبب عدم حصولي على المساعدات وعدم امتلاكي للمال لم أستطع الذهاب إلى سوق الحي لشراء الخضار”.

وأضافت “السلمو” لـ (المصدر): “معظم جيراني أعطوني وجبات الطعام مساء اليوم الأخير من شهر شعبان كي أتسحر منها”.

وفي نهاية حديثها، ذرفت هذه العجوز المسكينة الدموع بسبب رحيل أولادها الأربعة وتركها وحيدة، وخصوصاً خلال شهر رمضان المبارك.





المصدر