on
توتر غير مسبوق بين ألمانيا وأمريكا.. ميركل تواجه ترامب بحشد أوروبا في وجهه
تصاعدت حدة اللهجة، بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي شن هجوماً لاذعاً على ألمانيا، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، حيث وصل التوتر بين البلدين إلى مستوى غير مسبوق في التاريخ الحديث.
ومنذ انتهاء قمة مجموعة السبع في صقلية، حيث لم يصدر ترامب موقفاً واضحاً من اتفاقية باريس حول المناخ ووجه انتقادات إلى دول في حلف الاطلسي حول تسديد مستحقاتها، لم تفوت المستشارة الألمانية فرصة لانتقاد سياسة الرئيس الأمريكي الجديد.
وكعادته اختار ترامب موقع تويتر للرد، وكتب في تغريدة صباح، اليوم الثلاثاء: "لدينا عجز تجاري هائل مع ألمانيا، وإضافة إلى أن الألمان يدفعون أقل مما يجب لحلف شمال الأطلسي وفي الجانب العسكري. هذا أمر سيء جداً للولايات المتحدة، وسيتغير".
وقبل ساعة من ذلك، اعتبرت ميركل التي عادة ما تنتقي كلماتها بانتباه شديد أنه "من الضرورة القصوى" أن تصبح أوروبا "لاعباً نشطاً على الساحة الدولية" وخصوصاً بسبب السياسة الأمريكية.
وأكدت المستشارة أن العلاقة بين جانبي الأطلسي "ترتدي أهمية كبرى"، لكنها أضافت "نظراً للوضع الراهن، هناك دافع إضافي كي نمسك مصيرنا بأيدينا في أوروبا"، مضيفةً على هامش استقبالها رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي: "على أوروبا أن تصبح لاعباً ناشطاً في القضايا الدولية كذلك، ولذلك أهمية قصوى".
وأوضحت أنه من الضروري أن يمتلك الأوروبيون "سياسة خارجية مشتركة" من أجل الضغط "لحل النزاع في ليبيا"، على سبيل المثال، وتابعت "إننا نفتقر إلى الأداء المطلوب في بعض النقاط، خصوصا ملف سياسة الهجرة".
وعبرت إيطاليا عن دعمها لدعوة ميركل بأن تلعب أوروبا دوراً أقوى على الساحة الدولية في مواجهة مواقف ترامب. وقال رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني عقب اجتماع مع نظيره الكندي جاستن ترودو في روما: "نحن بالتأكيد نشاطر فكرة أن يكون مستقبل أوروبا بين أيدينا، لأن التحديات العالمية تفرض ذلك".
وأضاف: "هذا لا يقلل من أهمية العلاقات على جانبي الأطلسي أو التحالف مع الولايات المتحدة، لكن الأهمية التي نوليها لهذه العلاقات يجب ألا تقودنا الى التخلي عن مبادئ أساسية مثل التزاماتنا بشأن التغير المناخي وتمسكنا بالمجتمعات المفتوحة والتجارة الدولية الحرة".
وكانت ألمانيا وجهت انتقادات لترامب بعد اختتامه أول جولة خارجية رسمية له، الأحد الفائت، والتي شملت السعودية واسرائيل وبروكسل وإيطاليا التي شارك فيها في قمة مجموعة السبع.
وخلال جولته رفض ترامب ضغوط حلفائه من مجموعة السبع للالتزام باتفاق باريس للمناخ المبرم في 2015، وانتقد 23 من الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي الـ28 ومن بينها ألمانيا، "لتخلفها عن دفع المبالغ المستحقة عليها" لتمويل الحلف.
"إضعاف الغرب"
وقبل أيام وفي السعودية وقع ترامب أكبر صفقة بيع أسلحة أميركية في تاريخ بلاده بلغت قيمتها 110 مليارات دولار خلال العقد المقبل، وتشتمل على سفن ودبابات وأنظمة مضادة للصواريخ.
والإثنين الفائت وجه وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل انتقادات حادة لترامب قائلاً إن "أي شخص يعمل على تسريع التغير المناخي من خلال إضعاف حماية البيئة، ويبيع المزيد من الأسلحة في مناطق النزاع ولا يرغب في حل النزاعات الدينية سياسيا، يعرض السلام في أوروبا للخطر".
وأضاف أن "سياسات الحكومة الأمريكية القصيرة النظر تلحق أضراراً بمصالح الاتحاد الأوروبي"، مضيفاً أن "الغرب أصبح أصغر وأضعف".
لكن هذا التوتر بين البلدين ليس مستجداً. فمنذ يوم انتخاب ترامب نبهته المستشارة الألمانية إلى ضرورة التزام قيم الديموقراطيات الغربية، بعد حملة انتخابية تخللتها الهفوات ونقاط الجدل.
والأسبوع الماضي أطلق ترامب وابلا من الانتقادات لصادرات السيارات الألمانية الى الولايات المتحدة، وقال إن "الألمان سيئون جدا" وذلك خلال اجتماع مع عدد من كبار المسؤولين الأوروبيين في بروكسل، بحسب ما أوردت مجلة دير شبيغل الأسبوعية.
وكان ترامب بدأ في انتقاد ألمانيا وميركل في حملته الانتخابية العام الماضي. وفي ضوء أجندته الاقتصادية انتقد بشكل خاص فائض التجارة الألماني الكبير مع الولايات المتحدة وهدد بفرض ضرائب جمركية للرد على ذلك.
وبعد اجتماع فاتر مع ميركل في واشنطن في آذار/مارس الماضي - وصفه في البداية بأنه "عظيم" - شن حملة انتقادات في اليوم التالي متهما ألمانيا بأنها "تدين بمبالغ مالية كبيرة" لحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.
بدورها دعت ميركل ترامب إثر انتخابه إلى الالتزام بالقيم الغربية الديموقراطية بعد حملته الانتخابية المثيرة للجدل.