on
صحيفة فزغلياد: قادة دول “مجموعة السبعة” أعدَّوا ماكرون استعدادًا للقائه ببوتين
سمير رمان
الصورة: غابريلي ماريتشيولو زوما/ تاس
شكَّلت دعوة فلاديمير بوتين للاجتماع بالرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون تأكيدًا إضافيًّا على فشل سياسة “عزل” روسيا. وكما يفترض المحللون، فإنَّه لا ينبغي أنْ يتوقّع من “الحوار المطلبي” الموعود شيئًا ما غير إظهار موقف الدول “السبع الكبار” الموحَّد. ومع ذلك، من الممكن جدًا أنْ يكون للقاء باريس وظيفة مهمة أُخرى.
في تعليقها على لقاء باريس، بين الرئيس المنتخب حديثًا والرئيس فلاديمير بوتين، تتوقَّع (ABCNews) أن يكون هذا اللقاء “اختبارًا جديًّا لماكرون”. قبيل حواره الثنائي مع الزعيم الروسي، أكَّد ايمانويل ماكرون أنًّه يحترم روسيا، وذكَّر بالعلاقات التقليدية بين موسكو وباريس التي يعود تاريخها إلى ما قبل 300 سنة خلت، وجاءت دعوة بوتين في إطارها. وبالمناسبة، كان ردة فعل الرئيس الفرنسي الجديد أكثر حرارةً تجاه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي عقد معه مؤخرًا مباحثات قبل أيام في إطار قمَّة الدول السبع الكبار، حيث قال: “أراد دونالد ترامب الذي التقيت معه، أنْ يفهم ويستمع”.
يعِد ماكرون أن يكون لقاؤه مع بوتين “حوارًا مطلبيًا”. ولتأكيد وعد ماكرون، شدَّد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفرنسية الخامسة، كريستوف كاستانير على أنَّ “الحوار لا يعني الاتفاق”.
تقول وكالة (France Presse) في معرض تعليقها على اللقاء المرتقب، إنَّه سيكون على الجانب الفرنسي إجراء “حوارٍ دقيق”، وأنْ يأخذ بالحسبان أنَّ المسائل التي ستناقش ستكون “الخلافات القديمة بين البلدين حول سورية وأوكرانيا”. ويكفي أنْ نتذكَّر أنَ زيارة الرئيس الروسي، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قد أُلغيت بسبب الخلافات الحادّة حول سورية بالتحديد (على الأقلّ، هذا ما قاله ممثلو فرانسوا هولاند حينذاك).
تقرّرت موضوعات الحوار مع بوتين، الأمر الذي أعلنه ماكرون بنفسه: في مركز الاهتمام يجب أنْ تكون سورية. ومن جانبه، أعلن الكرملين أنَّ المسألة الأوكرانية ستحظى بحيّزٍ مهمّ من لقاء بوتين وماكرون. وسيُناقش “اتفاق مينسك” بشكلٍ خاصّ. ومن المعروف أنَّ فرنسا وروسيا هما الضامنان لعملية مينسك. على الغالب، سيتولّى الرئيس الفرنسي مهمَّة “الناقل” لرأي مجموعة السبعة الكبار المشترك، ونذكّر أنَّ قمّة صقلية كانت التجربة الأولى لماكرون ولترامب.
“التوازن القلق، في مسألة العقوبات
في لقاء صقلية الذي جرى في مدينة تاورمين، تناوب قادة “السبعة” على إطلاق التهديدات بتشديد العقوبات على روسيا في حالة عدم تنفيذها اتفاقات مينسك. وقد اتفق مشاركو اللقاء عدة مراتٍ في مسائل تتعلق بالعلاقات مع روسيا.
في مقابلةٍ له مع صحيفة (فزغلياد) قال نائب رئيس لجنة المجلس الاتحادي للعلاقات الدولية أندريه كليموف: “أفضى اللقاء (قمّة السبعة) عن توازنٍ قلقٍ، فقد أراد الكثيرون الانتهاء من قصّة العقوبات التي بدأت، في عام 2014، إلا أنَّ الإرادة السياسية لم تكنْ كافية”.
وأضاف كليموف: “هذه القصَّة لا يحتاجها ترامب، إنَّها تركة أوباما، وترامب لا يحبّ أوباما”. من جانبٍ آخر، لا تستطيع أنجيلا ميركل التي تتطلَّع إلى انتخابات البوندستاغ المقبلة في أيلول، وإلى حظوظها في إعادة انتخابها، إلا أنْ تأخذ بالحسبان عدم الرضى المتزايد في بلادها عن تدهور العلاقات مع روسيا. ويضيف السيناتور: أمَّا إيطاليا “التي تتأذى، على ما يبدو، أكثر من غيرها من استمرار العقوبات، فتحاول الخروج من هذه القصة”، حيث ظهر هذا المزاج جليًا في دعوة برلمان فينيسيا الأخيرة رئيسَ الوزراء الإيطالي باولو جينتولوني إلى رفع العقوبات، وكبح التصعيد ضدّ روسيا في وسائل الإعلام.
بالنسبة إلى إيمانويل ماكرون، يقول كليموف إنَّ رئيس فرنسا الجديد لم يدلِ سابقًا بأيّ تصريح قاس بحق روسيا. وأضاف: “أدلى ماكرون بتصريحاتٍ مؤيدة لحلف الأطلسي، وتحدَّث عن ضرورة التكامل في الاتحاد الأوروبي، وانتقد ماري لوبين ولقاءها مع بوتين في موسكو، ولكنَّه لم يتبنَّ مخططاتٍ تصعيديةً في مواجهة روسيا”. وأضاف كليموف أنَّه يجب الأخذ بالحسبان وقوف غرفتي مجلس النواب الفرنسيين ضدَّ تمديد العقوبات ضدّ روسيا، ولا يستطيع ماكرون الذي يحظى بدعمٍ مشروط (قاعدته الانتخابية لا تتعدى 20-25 في المئة، إضافةً إلى وجود الكثيرين ممَّن لم يصوتوا له في حقيقة الأمر، بل صوّتوا ضدّ ماري لوبين)، إغفال هذا الواقع.
من ناحيته، يؤكد الكسي بوشكوف -رئيس لجنة المجلس الاتحادي للسياسة الإعلامية- أن “دعوة الرئيس الفرنسي الرئيسَ الروسي تشير إلى تخلّي الاتّحاد الأوروبيّ بشكلٍ نهائيٍّ عن محاولات عزل روسيا. سياسة أوباما تَخمد بهدوء”.
الأمل معقودٌ على براغماتية ماكرون
يقول مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف إنَّ بوتين وماكرون سيناقشان التعاون الروسي مع الاتحاد الأوروبي. وقال: “سيكون من المثير أنْ نكتشف كيف يتقبَّل ماكرون الحقائق الجديدة، وكيف ينظر إلى المشروع الأوروبي الجديد”، إذ أصبح من المقرر، خاصّة، مناقشة حالة العلاقات الثنائية الراهنة والتي لا تُرضي موسكو، بما في ذلك العلاقات الاقتصادية (خلال السنوات الثلاثة الأخيرة من حكم أولاند، تراجع حجم التبادل التجاري بين البلدين 50 في المئة).
وكالة France Presse,، بعد تذكيرها بمقتطفاتٍ من خطاب السفير الروسي إلى باريس ألكسندر أورلوف، تخلصُ إلى استنتاجٍ بأنَّ موسكو تعلَّق الآمال على براغماتية ماكرون. وأشار السفير الروسي إلى أنَّ “ماكرون ليس مؤدلجًا جدًا بالمقارنة مع من سبقه من الرؤساء”. ويفترض المراقبون أنَّه: لا يتوقَّع أن تفضي لقاءات باريس بين رؤساء فرنسا وروسيا إلى التوصل إلى اتفاق، ويرى عضو مجلس تجمّع الخبراء والمستشارين السياسيين كيريل كوكتيش أنَّ الرئيس الفرنسي الجديد “يبدأ، في كلِّ الأحوال، من نقطة منخفضةً”.
تشير الصحافة الغربية إلى أنَّ مواقف الجانبين تنطلق من بداياتٍ معقّدة. فموسكو، كانت “تشجِّع مارين لوبان. أمَّا ماكرون، فقد انتقد، عندما كان مرشّحًا، ضمَّ روسيا لشبه جزيرة القرم”، واتهمها بإتِّباع “استراتيجيةٍ هجينة، تشمل التخويف العسكري والحرب الإعلامية”. إلا أنَّ ماكرون، انطلاقًا من تصوراتٍ براغماتية، لا يستطيع أنْ يكون “استمرارًا بسيطًا، لفرانسوا أولاند الذي لم يكن يحظى بشعبية، وأوصل العلاقات بين موسكو وباريس إلى مأزق”. يقول كوكتيش: بوجود أولاند، تعرضت العلاقات الروسية-الفرنسية إلى تراجعٍ كبير، وتحسينها يمكن أن يتمَّ، ببساطة نسبية: يكفي استعادة ما تمَّ تخريبه.
جدول الأعمال المقترح وخلفية المفاوضات
يقول السيناتور أندريه كليموف، إذا أخذنا إحدى أشدّ المشكلات التي تعاني منها فرنسا مشكلة الهجرة غير الشرعية التي تؤججها النزاعات في الشرق الأوسط، فإنَّ ماكرون لا يمكنه إلا أنْ يستنتج: لا يمكن حلّ النزاع السوري من دون التعاون مع روسيا. ولهذا لن يكون مستغربًا أنْ تصبح سورية الموضوع الرئيس للقاء بوتين وماكرون.
كانت فرنسا في عهد الرئيس السابق واحدةً من أكثر الدول تشدّدًا بالنسبة لـ “نظام بشار الأسد”. ولم يخرج خطاب ماكرون حتى اللحظة عن موقف أولاند، فقد سبق للرئيس الفرنسي الحالي أنْ صرَّح خلال حملته الانتخابية “لفرنسا عدوٌ واحد هو الدولة الإسلامية وغيرها من المجموعات الإرهابية، وللشعب السوري عدوٌ واحد هو بشار الأسد”. ولكنَّ مصالح فرنسا الأمنية (وماكرون يضع نفسه كقائدٍ يعبِّر عن المصالح الوطنية الفرنسية)، يجب أن تكون فوق “المبادئ” المعادية للأسد التي أطلقها أولاند. وفي هذا الخصوص، نقل ماكرون وجهة النظر المشتركة لكلُّ دول “مجموعة السبعة” التي اعترفت بدور روسيا وإيران وتركيا في حلّ الأزمة السورية.
أمَّا بالنسبة لكتلة المسائل الأُخرى فسينقل ماكرون، على الأرجح، رأي مجموعة السبعة المعلن من صقلية حول أوكرانيا. وكما قيل آنفًا، فإنَّ استمرار العقوبات على روسيا “مرتبطٌ بتنفيذ روسيا التزاماتها في إطار اتفاقات مينسك وباحترامها السيادة الأوكرانية”.
يلخِّص كيريل كوكتيش التوقعات بالقول: “لا يُتوقَّع من اللقاء الأول أكثر من إقامة نظام تنسيق الجهود، إقامة علاقاتٍ شخصية وخلق مساحةٍ من العلاقات لمتابعة الحوار بين روسيا وفرنسا” وبرأيه “فإنَّ نتائج اللقاء ستحدِّد هدف لقاء بوتين وترامب، أقلَّه من وجهة نظر الغرب. سيحاول ماكرون اختبار الترتيبات المعلنة في قمَّة G7، وبالتالي سيحصل على موقف روسيا منها. ومن المشكوك فيه أن يحصل الرئيس الفرنسي على تفويضٍ ما يسمح له بالمتاجرة، أمَّا أنْ يحصل على شيءٍ ما للقيام بعمليات سَبْرٍ أوليِّ، فنعم”.
يرى كوكتيش أنَّ قمَّة G7نفسها، لم تحقق أيَّ اختراقٍ. تضامنت السباعية مع ترامب في إطار الاستعداد للقائه مع بوتين. ساعدت الدول ترامب في تعزيز مواقفه التفاوضية، فالمتاجرة تكون أفضل عندما تبدأ من مواقف متشددة، ليكون بالإمكان دائما تليينها.
اسم المقالة الأصلي | Лидеры «Семерки» подготовили Макрона к встрече с Путиным |
كاتب المقالة | ميخائيل موشكين |
مكان وتاريخ النشر | صحيفة فزغلياد. 28 أيار 2017 |
رابط المقالة | https://vz.ru/politics/2017/5/28/872119.html |
ترجمة | سمير رمان |
المصدر